TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > تشريع القوانين عبر التحالفات السياسية المغلقة وشراء الولاءات شرعنة للفساد!

تشريع القوانين عبر التحالفات السياسية المغلقة وشراء الولاءات شرعنة للفساد!

نشر في: 3 فبراير, 2025: 12:08 ص

عصام الياسري

مرر مجلس النواب العراقي خلال جلسته الجدلية المنعقدة بتاريخ 21 كانون الثاني صفقة ثلاثة قوانين في سلة واحدة تعد سابقة خطيرة تضاف إلى سوابق جدلية عديدة مارستها السلطة التشريعية في دورات سابقة بتأثير من الأحزاب الماسكة بالسلطة ووجد القضاء لها تبريرات تكاد أن تكون من الناحية السياسية والمقاربات العقائدية، وليس المسلمات الدستورية، سلوكا طبيعيا، مكن القوى الحاكمة في المجلسين التشريعي والتنفيذي، بسط يدها ضمن سياقات لا تخدم إلا مصالحها والتمسك بالسيطرة على إدارة الدولة بطرق غير قانونية مخالفة للدستور وأحكام العدل والمساواة.
أن محاولات القوى المتنفذة في مجلس النواب تمرير وشرعنة قوانين تخدم مصالحها بطرق غير قانونية ومخالفة للدستور كما وتتعارض مع الإرادة الشعبية، والأنكى من ذلك، بطرق التوائية تخلص إلى أسلوب المقايضة السياسية والعقيدة الشعبوية. لا يمكن أن يحدث دون سيطرة النخب الحاكمة على آليات التشريع التي غالبا ما تستغل موقعها في المجالس النيابية والإدارية لتشريع قوانين تعزز سلطتها. يتم ذلك عبر التحالفات السياسية المغلقة وشراء الولاءات داخل البرلمان وخارجه لضمان تمرير التشريعات التي تخدم مصالحها دون مقاومة حقيقية.
أيضا، أحد مظاهر تلك الإشكاليات الجدلية، تفريغ ما يسمى ب "الديمقراطية البرلمانية" من محتواها، من خلال تشريع قوانين للتضييق على المعارضة الحقيقية لمواجهة تقييد الحريات السياسية والرأي والتعبير والإعلام بيد أن العديد من القوانين المتعلقة بحياة المجتمع، مثل، قانون الأحزاب والانتخابات والنفط والغاز، التي على قدر أهميتهما، لم يتخذ المجلس التشريعي وائتلاف إدارة الدولة بما في ذلك الحكومة أية إجراء، ولا زالت قيد المماطلة. هذه الممارسات تصمم بحيث تخلق بيئة سياسية تخدم بقاء القوى الحاكمة في السلطة وتجعل المنافسة الانتخابية غير متكافئة…
لتبرير سيطرتهم على مصادر الحكم باسم الاستقرار الوطني والأمن، يتم الترويج لروايات أيديولوجية شعبوية بأن هذه التشريعات ضرورية وأن المعارضة أو الانتقادات تعيق تقدم الدولة. وفي مجالات يستغل خطاب "المصلحة العليا للدولة" باستخدام الشعارات القومية أو الدينية وكأنها ضرورة لحماية القيم الوطنية أو المعتقدات الدينية، كذريعة لتمرير قوانين تخدم مصالح فئوية ضيقة.
إن استمرار القوى الحاكمة بإضعاف المؤسسات الدستورية والعمل على تقييد المؤسسات الرقابية مثل الهيئات المستقلة، قد أدى إلى تجاوزات غير دستورية في سن القوانين. وفي الغالب يتم تبرير هذه التحركات على أسس عقائدية أو حجة الحفاظ على وحدة القرار أو مركزية الدولة. أو التلاعب بالرأي العام من خلال وسائل الإعلام الموالية والقوانين التي تحد من الشفافية تحت ذريعة الخطاب الموجه للجمهور يبرر تجاوز الدستور باعتباره حاجة مرحلية ضرورية لتجنب الفوضى.. الغريب، أن الأيديولوجيات السلطوية ترى نفسها كمصدر للحقيقة المطلقة، ما يجعل أي معارضة تعتبر خيانة أو تهديدا للنظام. بناء على ذلك، تبرر التشريعات التي تمنح القوى الحاكمة مزيدا من السلطات على أنها حماية للنظام العام.
الخطير، ممارسة القوى الحاكمة التلاعب بالثغرات غير القانونية المخالفة للدستور، وتستغل النصوص الغامضة أو القابلة للتأويل لتبرير سن قوانين تخدم مصالحها بعيدا عن الرقابة الشعبية أو الإعلامية. كما يتم تجاهل الضوابط الدستورية من خلال تغييب الشفافية وتهميش القضاء الدستوري أو تعطيله.
الخلاصة: القوى الحاكمة في المجالس النيابية تستند إلى خليط من الأدوات السياسية والأيديولوجية والعقائدية لتبرير تشريع قوانين تخدم مصالحها الشخصية أو الفئوية. يتم ذلك من خلال التحكم في أدوات السلطة، الهيمنة على مؤسسات الدولة، وتشويه الوعي العام. هذه الممارسات تضعف الدستور وتؤدي إلى غياب دولة القانون، مما يجعل الحكم أقرب إلى نظام استبدادي مغلف بقشرة ديمقراطية…

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

العمود الثامن: خطابات المالكي التي لا تنتهي

سوريا وسيناريو "العرقنة"

العمود الثامن: احزاب نَّحنُ ونَّحنُ ونَّحنُ

العمود الثامن: تكريم المستقبل في دبي

إشكالية العلاقة بين الدين والديمقراطية في ظل النظام العراقي المتقلب

العمود الثامن: ديموقراطية الصوت العالي

 علي حسين كرّس العراقي مصطفى جواد حياته من أجل غنى اللغة العربية التي تعمّق فيها، حتى قال عنه مجمع اللغة العربية يؤبّنه: "كان عالماً فذّاً وذوّاقاً للّغة وحريصاً على التعمّق فيها وإغنائها" وكان...
علي حسين

حرير الصين بين السفارة والجيران

ثامر الهيمص المفارقات السياسية بجذرها الاقتصادي المسيس لصالح الاولجكاريا الدوليه الغربية، تجلت واضحة بعد حرب غزة، لتعيد الى الذاكرة الاحتلال الامريكي لافغانستان والعراق، اذ ثبت عمليا ان فشلهما وتراجهعما في كلا الدولتين وحسب ضغط...
ثامر الهيمص

الذكاء الاصطناعي من تهديد محتمل إلى شريك استراتيجي في تطوير وتعزيز المعرفة البشرية

د. طلال ناظم الزهيري أصبح استخدام تطبيقات الذكاء الاصطناعي أمرًا شائعًا ومؤثرًا، حيث تمتد تأثيراته إلى ميادين مختلفة ابرزها البحث العلمي والتعليم والإعلام. هذا التوسع الملحوظ ليس مجرد انعكاس للتطور التكنولوجي، بل هو شهادة...
د. طلال ناظم الزهيري

أميركا وأحجام ما بعد الزلزال

غسان شربل هذه أميركا. الاقتصاد الأوَّلُ في العالم. سيدة البحار والأجواء معاً. منجم الجامعات العريقة والمخترعين والمبتكرين ورواد التكنولوجيا والثورة الرقمية. قادرةٌ على إصابة أي هدف في القرية الكونية. وقادرة على الاستماع إلى ما...
غسان شربل
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram