بغداد / حيدر هشام
خلال جلوسه في أحد المقاهي مع صديقه، سمع الشاب حيدر محسن، ابن الـ 22 عامًا، حديث شخص يعرفه منذ مدة ليست بالبعيدة، وهو يتحدث عن الاستثمار وكيف وصل إلى مرحلة من الثراء خلال مدة قليلة. لينتابه الفضول ويسأله عن عمله، فشرح له بالتفصيل وطرح عليه فكرة العمل معه (الاستثمار بالشركات) عبر شراء الأسهم، وهو ما دفع الشاب حيدر لقبول الفكرة والوقوع في مصيدة (الاحتيال).
محسن استطاع جمع مبلغ من المال خلال مدة عمله كعامل في أحد المطاعم، يصل إلى سبعة ملايين دينار خلال عام كامل، وكان حريصًا على إيجاد عمل يستطيع من خلاله استثمار أمواله، إلا أن المبلغ ذهب هباءً منثورًا.
محسن يتحدث ويداه لا تتوقفان عن الارتعاش من هول الصدمة التي تعرض لها: "الشاب الذي جلس بجانبي عرفته منذ مدة، وكنت أراه يوميًا بعجلة مختلفة ولباس مميز، وهو ما كنت أحلم بالوصول إليه كشاب مثل بقية الشباب".
وأضاف في حديث لـ(المدى): "قصة الاستثمار دائمًا ما كنت حذرًا منها، إلا أن الشخص قد أقنعني من خلال طريقة حديثه والبيانات التي عرضها عليَّ من خلال تداول الأسهم في شركته، وهو ما دفعني للموافقة على الأمر بعد التفكير بالمشروع لمدة قاربت الأسبوع، لأعرف بعدها أن الشخص ما هو إلا مجرد محتال واستطاع نهب أموالي وهرب".
قصة محسن حيدر ليست بالجديدة، فشهد العراق في الآونة الأخيرة تصاعدًا مقلقًا في ظاهرة تأسيس الشركات الوهمية التي تستهدف أموال المواطنين، والتي غالبًا ما تروج لاستثمارات مربحة وسريعة، ما هي إلا واجهة لعمليات اختلاس واسعة النطاق. ففي الوقت الذي حذر نواب من الانجرار خلف هذه العمليات، دعا مواطنون إلى ضرورة محاسبة المسؤولين واستعادتهم من البلدان التي هربوا إليها.
فوزي أكرملي، من أهالي محافظة النجف الأشرف، استطاع اختلاس أموال قرابة 50 ألف مواطن، بينهم محسن حيدر، بعد أن دعاهم للاستثمار بشركة وهمية. وبعد أن حقق ما كان يخطط له، لاذ بالفرار إلى تركيا، وذهبت أموال المواطنين أدراج الرياح.
وفي حديث لـ(المدى)، قال قحطان القزويني، أحد المواطنين الذي نظم مع مجموعة أخرى وقفة احتجاجية أمام ساحة التحرير في العاصمة بغداد: "شخص يدعى فوزي أكرملي دعانا إلى الاستثمار بشركة وهمية تحت مسمى (يونك فايننس السويسرية)، وأقنعنا بالدخول لشراء أسهم بها لتشغيل أموالنا".
وأضاف: "أكرملي بدأ بجمع أموال المواطنين منذ 2018 من مختلف محافظات العراق، فبعد أن حصل على مبلغ كبير جدًا، هرب إلى تركيا وتحصل على الجنسية التركية وأصبح اسمه الجديد (أراس أردوغان)".
ودعا القزويني برفقة المواطنين الآخرين رئيس الوزراء محمد شياع السوداني لـ"التدخل المباشر وعبر القنوات الدبلوماسية والقانونية لاستعادة الجاني من تركيا ومحاسبته قانونيًا واسترداد أموالهم المنهوبة، لا سيما وأنه بالرغم من إصدار عدة أوامر قبض بحقه، إلا أنه لا يزال يسرح ويمرح في تركيا بمدينة أكسي شهير".
إلى ذلك، طالب عضو مجلس النواب هيثم الفهد الزركاني وزارة الخارجية بفتح قنوات تواصل مع الدول التي تؤوي الفاسدين واستعادتهم إلى العراق مجددًا.
وذكر الزركاني خلال حديثه لـ(المدى): "بين الحين والآخر، باتت تظهر لنا أسماء على أنهم مستثمرين في العقارات أو مساهمين في بنوك ويمنحون أموالًا مضاعفة للمشاركين".
وأضاف: "في الوقت الذي ندعو المواطنين إلى عدم الانجرار خلف مثل هذه الشخصيات، نؤكد ضرورة الفحص والتدقيق من قبل الجهات ذات العلاقة كهيئة الاستثمار أو المصارف الحكومية أو البنك المركزي للتأكد من سلامة هذا العمل، للحد من هذه الظاهرة التي بات يستغلها الفاسدون بسبب طمع بعض المواطنين للحصول على الربح المادي الذي لا ينتج عنه سوى مصادرة جميع أموالهم".
الاستثمار الوهمي "يبتلع" أموال المواطنين.. دعوات نيابية لتجنب مصيدة "الاحتيال"

نشر في: 4 فبراير, 2025: 12:04 ص