TOP

جريدة المدى > سياسية > إصرار على شركة متلكئة.. لماذا تستمر "الإسبانية" في مشاريع الديوانية؟

إصرار على شركة متلكئة.. لماذا تستمر "الإسبانية" في مشاريع الديوانية؟

نشر في: 4 فبراير, 2025: 12:09 ص

 بغداد / تبارك عبد المجيد

تتحول مشاريع إعادة تأهيل 42 حيًا في الديوانية إلى أزمة مفتوحة، حيث تتولى الشركة “الإسبانية" تنفيذ الأعمال باستخدام براميل "الطرشي". ورغم احتجاجات الأهالي على سوء التنفيذ، تصرّ وزارة الإعمار والإسكان على الإبقاء عليها. وبينما تتراكم الوعود، تظل الأحياء بانتظار مشاريع لا تكتمل، وسط تساؤلات عن الإصرار على شركة متلكئة وعلامات استفهام حول مصير الأموال المخصصة للإعمار.
في وقت سابق، تم الإعلان عن تخصيص أموال لتطوير 42 حيًا في محافظة الديوانية. إلا أن عضو مجلس المحافظة، طارق البرقعاوي، وصف هذه المشاريع بأنها "كذبة كبرى" ووسيلة لسرقة الأموال، مشيرًا إلى أن الأعمال المنفذة شملت فقط 4 إلى 5 أحياء، مع الادعاء بنفاد الأموال بعد ذلك. كما أشار البرقعاوي إلى أن جماعة مسلحة تُدعى "أنصار الله الأوفياء"، بقيادة حيدر الغراوي، استلمت مشروع مجاري الديوانية الكبير بعد ضغوط على رئيس الوزراء، مؤكدًا أنها مدرجة ضمن قوائم الإرهاب العالمي وتخطط لسرقة المليارات. وأضاف أنه تلقى تهديدات مباشرة بسبب كشفه للفساد، لكنه أكد استمراره في الدفاع عن حقوق المحافظة رغم هذه التهديدات.

الشركة الإسبانية لا علاقة لها بـ "إسبانيا"!
كشف مصطفى المياحي، مسؤول إعلام بلدية الديوانية، عن تفاصيل تعثر مشاريع تأهيل الأحياء السكنية في المدينة، مسلطًا الضوء على العراقيل التي تواجه تنفيذ هذه المشاريع رغم أهميتها البالغة. وأوضح لـ(المدى)، أن "وزارة الإعمار والإسكان كانت قد أحالت مشروع تأهيل 42 حيًا سكنيًا إلى شركة تحمل اسم "الشركة الإسبانية"، والتي استلمت العمل منذ أكثر من عام". ورغم أن المدة المحددة لإنجاز المشروع كانت 700 يوم، إلا أن الشركة لم تباشر سوى العمل في 10 أحياء فقط، تسعة منها لا تزال في مرحلة الحفريات الأولية، في حين لم تتجاوز نسبة الإنجاز في حي الجامعة، المفترض أن يكون نموذجًا لبقية الأحياء، 80%، رغم أن موعد تسليمه كان مقررًا في 15 أيلول 2024.
وأشار المياحي إلى أن "الاحتجاجات الشعبية تصاعدت في الآونة الأخيرة ضد الشركة المنفذة، وسط مطالبات واسعة بإيقاف التعامل معها بسبب التلكؤ الواضح في أعمالها"، وأضاف أن "مشاكل تنفيذ المشاريع ليست جديدة على المدينة، حيث عانت مشاريع سابقة، مثل التي نفذتها شركتا "الرافدين" و"نور الأفق"، من إشكالات كبيرة، أبرزها مشروع المجاري الكبير، الذي تسبب في تدمير أجزاء واسعة من البنية التحتية للمدينة بدلًا من تحسينها".
وأكد المياحي أن التعاقد مع "الشركة الإسبانية" تم عبر وزارة الإعمار والإسكان، ما يجعل الحكومة المحلية وأعضاء مجلس المحافظة غير قادرين قانونيًا على فسخ العقد رغم رفضهم لاستمرار وجود هذه الشركة في المحافظة.
وأوضح أن العقد المبرم لا يلزم الشركة بتأهيل جميع الأحياء المقررة، بل يعتمد على الكميات المنفذة، حيث تم تخصيص 328 مليار دينار لهذا المشروع. ونتيجة لهذا الشرط، قد يقتصر العمل على 10 أحياء فقط ثم يتوقف بمجرد نفاد الأموال، مما يضع مستقبل المشروع برمته في موضع تساؤل.
كما كشف المياحي عن شبهات فساد تحيط بالشركة المنفذة، مشيرًا إلى أنها أعلنت إفلاسها عام 2019 في إسبانيا وسُحبت رخصتها، قبل أن تعود إلى العمل في العراق في نفس العام. ورغم هذا التاريخ المشبوه، تمكنت من الحصول على مشاريع ضخمة في بغداد وبابل والديوانية، إلا أن معظم هذه المشاريع تعاني من التوقف والتلكؤ المستمر. ومن بين أبرز العقبات التي تعرقل إنهاء التعاقد مع هذه الشركة، أشار المياحي إلى الشرط الجزائي الضخم المدرج في العقد، والذي ينص على أن الجهة التي تفسخ العقد ستدفع غرامة قدرها 68 مليار دينار، مما يجعل عملية إنهاء التعاقد معها معقدة ومكلفة للغاية بالنسبة للجهات المحلية.
ولم تتوقف الانتقادات عند هذا الحد، بل أكد المياحي أن "الشركة الإسبانية لا تمت بصلة لإسبانيا من حيث الكفاءة والمعايير المهنية، إذ تستخدم معدات بدائية وأدوات غير ملائمة، مثل براميل "الطرشي" وإطارات سيارات مستهلكة، لتنفيذ مشاريع يفترض أن تكون حديثة ومطابقة للمواصفات العالمية. وقد أثارت هذه الممارسات استياء المواطنين والمسؤولين المحليين على حد سواء، الذين يرون أن استمرار الشركة في العمل يعني مزيدًا من التدهور في الخدمات الأساسية".
وفي ضوء هذه المعطيات، دعا المياحي إلى تدخل حكومي مباشر لمعالجة الأزمة، مؤكدًا أن "استمرار الوضع الحالي سيؤدي إلى مزيد من التراجع في أوضاع الأحياء المتضررة، ويزيد من حالة الغضب الشعبي بسبب تدهور الخدمات اليومية". واكد على ضرورة إعادة مراجعة العقود المبرمة مع الشركات، ومحاسبة الجهات التي منحت عقودًا ضخمة لشركات متعثرة وغير كفوءة، حفاظًا على المال العام وضمان تحقيق العدالة للمواطنين الذين يعانون من تبعات سوء التخطيط والتنفيذ.

الإعمار: نعمل على تذليل التحديات!
وتواصل مراسل (المدى)، مع وزارة الاعمار والإسكان لبيان أسباب تلكؤ المشاريع في الديوانية، الا ان المتحدث باسمها، نبيل الصفار، ذكر أن "العمل في تنفيذ مشاريع المجاري والمرافق الخدمية مستمر، مع إحراز تقدم ملموس في عدد من المشاريع التي طالها التعثر لسنوات". وأوضح، أن الوزارة تعمل بتنسيق وثيق مع الحكومة المحلية للإسراع في إنجاز هذه المشاريع، التي تمثل حجر الأساس في تحسين الواقع الخدمي الذي تحتاجه المنطقة.
ابتدأ الصفار الحديث بمشروع مجاري الديوانية الكبير: "أحد المشاريع الستراتيجية التي تعثرت منذ عام 2011، إلا أن وتيرة العمل فيه تسارعت خلال الفترة الأخيرة، حيث تجاوزت نسبة الإنجاز 80%، بطاقة تصميمية تفوق 100 ألف متر مكعب". واعتبر الصفار أن "هذا المشروع يمثل خطوة جوهرية نحو تحسين منظومة الصرف الصحي في المحافظة، مما سينعكس إيجابًا على جودة الحياة للسكان".
إلى جانب هذا المشروع، تسير أعمال التنفيذ في مشروع مجاري الغماس بخطى ثابتة، وهو مشروع من شأنه تعزيز البنية التحتية الخدمية في القضاء. أما مشروع مجاري عفك، فيشهد هو الآخر تقدمًا مطردًا، ليشكل إضافة مهمة إلى المنظومة الخدمية في المنطقة. وفي سياق متصل، أوضح المتحدث أن الوزارة بصدد وضع التصاميم اللازمة لتنفيذ شبكات مياه الأمطار ومحطات الرفع في أقضية العناوية والسنية، ضمن رؤية استراتيجية تهدف إلى رفع كفاءة البنية التحتية وتعزيز قدرة المحافظة على مواجهة تحديات الأمطار والصرف الصحي.
أما في قطاع المياه، فتشهد المحافظة تنفيذ مشاريع حيوية، من بينها خطوط نقل المياه إلى مدينة الديوانية، إلى جانب خطط لإنشاء مشاريع جديدة في قضاء الحمزة وبدير، وذلك لضمان توفير مياه صالحة للشرب وتحسين الخدمات الأساسية لسكان هذه المناطق.
وبالحديث عن مشاريع تأخيل الـ 42 حياً، قال إن "العمل على إعادة تأهيل 42 حيًا سكنيًا داخل مدينة الديوانية مستمراً، بالتعاون مع الحكومة المحلية"، ورغم وجود بعض العوائق الفنية، أكد الصفار أن الوزارة تعمل على معالجتها بشكل سريع، مع تكثيف الجهود للإسراع في تنفيذ هذه المشاريع وتحقيق الأهداف المرجوة منها.
وفيما يتعلق بمشاريع البنية التحتية الأخرى، كشف الصفار عن خطط طموحة لتطوير قطاع الطرق، بالإضافة إلى مشاريع الكهرباء والمياه، التي وصفها بأنها تمثل أولوية قصوى للسكان. وأشار إلى أن بعض المشاريع تتطلب استيراد مواد معينة، مما يشكل تحديًا في بعض الأحيان، إلا أن الوزارة تعمل على تذليل هذه العقبات عبر التنسيق المستمر مع الجهات المعنية، لضمان سير العمل وفق الجداول الزمنية المحددة.

"فوضى"!
كشف محمد الشلبي، مراقب الشأن المحلي، عن عقبات كبيرة تعرقل تقدم المشاريع في الديوانية، رغم تخصيص 1.5 تريليون دينار عراقي من قبل مجلس الوزراء، وهو مبلغ غير مسبوق كان يفترض أن يُحدث نقلة نوعية في البنية التحتية للمدينة.
وأوضح الشلبي لـ(المدى)، أن "أغلب المشاريع أُحيلت إلى وزارات مختلفة، إلا أن التجربة السابقة مع المشاريع الوزارية أثبتت أنها عقيمة وغير مجدية، إذ لا تزال عشرات المشاريع متلكئة، ولم تحقق الأهداف المرجوة منها".
وأشار إلى، أن "المشاريع الكبرى التي تشمل إنشاء المجسرات، مشاريع المجاري، وإعادة تأهيل الأحياء السكنية، تعاني من مشاكل إدارية وفنية معقدة، حيث يوجد 10 مشاريع وزارية متعثرة، خمسة منها تحت إشراف وزارة الإعمار والإسكان، وبعضها متوقف بالكامل بسبب هذه المشكلات". ومن بين هذه المشاريع، تبرز أزمة مشروع تأهيل 42 حيًا سكنيًا، الذي أُحيل إلى شركة أثارت جدلًا واعتراضًا منذ البداية. وأكد الشلبي أن النائب باسم الغرابي سبق أن حذّر الوزارة من التعامل مع هذه الشركة، لوجود مشاكل سابقة لها في محافظة بابل، إلا أن الوزارة أصرت على المضي قدمًا في التعاقد معها، متجاهلة التحذيرات.
وكشف عن أن ما يُعرف بمشروع تأهيل 42 حيًا ليس كما يبدو، إذ إنه لا يشمل تأهيلًا كاملًا لجميع الأحياء، بل عبارة عن جداول كميات لبعض المناطق داخل المدينة. وأضاف أن الشركة المنفذة لم تباشر العمل إلا في 11 حيًا فقط، ومع ذلك لم تُنجز أي تقدم ملموس بعد مرور عام على بدء المشروع. بل على العكس، تسببت أعمال الحفر التي قامت بها في مضاعفة معاناة السكان، إذ تركت الشوارع مفتوحة دون استكمال العمل، مما زاد من المشكلات اليومية التي يواجهها الأهالي.
وأكد الشلبي أن فشل هذه الشركة في التنفيذ انعكس على مشاريع أخرى، حيث تسبب تعثرها في تأخير عمل شركة أخرى تُدعى "نور الأفق"، والتي تواجه بدورها اتهامات بالتلكؤ وسوء التنفيذ. وأضاف بلهجة غاضبة:
"المدينة تعيش حالة من الفوضى العارمة في مجال الإعمار، حيث تتداخل المشاكل الفنية مع الفساد الذي أصبح أمرًا مسلَّمًا به في العراق، والجميع مشارك فيه". وأرجع الشلبي تفاقم هذه الأزمة إلى غياب الرقابة وضعف الإدارة، مؤكدًا أن هذه العوامل تزيد من معاناة المواطنين وتمنع تحقيق أي تقدم حقيقي في تنفيذ المشاريع الخدمية.
ودعا إلى مراجعة العقود الموقعة مع الشركات المنفذة، وفتح تحقيقات موسعة في شبهات الفساد التي تحيط بهذه المشاريع، لضمان تنفيذها بطريقة تعود بالنفع على السكان. واختتم حديثه بالتأكيد على أن الفساد والمحاصصة أصبحا جزءًا لا يتجزأ من المشاريع في العراق، حتى بات من النادر العثور على مشروع يخلو منهما.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق للكتاب

مقالات ذات صلة

من وراء الاستهداف الجديد لـ
سياسية

من وراء الاستهداف الجديد لـ"كورمور"؟ صراع فصائل لضمان بقاء الغاز الإيراني

الضربات المتكررة تأتي بعد كل تفاهم بين بغداد وكردستان بغداد/ تميم الحسن في توقيت قاتل، استُهدف حقل غاز كورمور شمالي العراق، حيث يستعد العراق لزيادة إنتاجه من الغاز لإنهاء الاعتماد على إيران.وتزامن الحادث، الذي...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram