TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > العمود الثامن: احزاب نَّحنُ ونَّحنُ ونَّحنُ

العمود الثامن: احزاب نَّحنُ ونَّحنُ ونَّحنُ

نشر في: 9 فبراير, 2025: 12:06 ص

 علي حسين
في مرات كثيرة لا أعرف ماذا أفعل حين أقرأ ما يكتبه البعض على مواقع التواصل الاجتماعي، هل أضحك من العبث والكوميديا السوداء، أم أصمت من شدة الكآبة والحزن، من أبرز المضحكات والمبكيات التي تحاصرني دائما حول ما يكتبه البعض "إن أهم ما تحقق في العراق الجديد هو الديمقراطية".
لا أريد أن ألوم أصحاب هذه الكوميديا، فقبلها قرأنا ما هو أكثر، حين كتب أحدهم أن العراق ولد من جديد عندما تولى رئاسة الوزراء عادل عبد المهدي، وكان قربان الولادة 700 شهيد من المتظاهرين.
ينسى البعض أن من العبث أن تبذل مجهودًا كي تحاول إقناع عاطل عن العمل، بأن حكومة الجعفري او المالكي او اياد علاوي غيرت مصائر الناس نحو الأحسن، او ان برلمان النجيفي والسامرائي والحلبوسي اوالمشهداني سيدفع عجلة التنمية في العراق. ومن السذاجة أيضًا أن تحاول ذلك مع أرملة كانت تنتظر أن تلتفت إليها الدولة .. إن تقييم البسطاء وإحساسهم الفطري يظل أحد المعايير المهمة في الحكم على التجربة السياسية، خصوصًا عندما نتكلم عن الحكومات التي تعاقبت بعد عام 2003.
حتى هذه اللحظة فإن كثيرًا من العراقيين لا يزالون يحتفظون بصورة للراحل عبد الكريم قاسم معلقة على جدران بيوتهم، وسألت البعض لماذا تفضلونه؟ فكان ردهم بجملة واحدة "إنه كان واحدًا من البسطاء"، سيقول البعض إن عبد الكريم قاسم أجهض الديمقراطية، وكانت ممارساته السياسية يشوبها الكثير من الارتجال، لكنه وبشهادة أعدائه وفّر للبسطاء من الناس الكثير من الأشياء المهمة، أبرزها سكن لائق، الحق في العلاج والتعليم، توزيع الأراضي على الفلاحين، الإصرار على دعم الصناعة الوطنية، إشاعة روح المواطنة .
بعد احدى وعشرين عاما على التغيير أعتقد أن العراقيين مستعدون أن يسامحوا حكومات المحاصصة إذا شعروا بأن هناك بصيصًا من الأمل حملته اليهم خطابات المسؤولين .. المواطن المسكين يريد أشياء ملموسة، هذا المواطن لن تسد الديمقراطية جوع أطفاله، هذا المواطن لن توفر له شعارات براقة مثل "المصالحة " و"الاصلاح " والتغيير ، سكنًا لائقًا ولا علاجًا صحيًا في مستشفيات متطورة.. هذا المواطن لا يمكن الضحك عليه بشعار "القضاء على الفساد" وهو يرى أن الكهرباء وحدها نهبت من أمواله أكثر من ميزانية دولة مثل مصر، هذا المواطن يحتاج لأن يطمئن إلى أن ابنه أو أخاه لن يخطف في وضح النهار ويصبح نسيا منسيا مثل علي جاسب ومازن لطيف وتوفيق التميمي واخرهم سجاد العراقي ومئات غيرهم ، هذا المواطن الفقير الموجود في القرى والنواحي يريد طرقات نظيفة، بدلا من احزاب تعيد صبغ واجهاتها بالوان المدنية والليبرالية وترفع شعار " نحن ونحن ونحن !!"

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق الدولي للكتاب

الأكثر قراءة

العمود الثامن: سياسيو الغرف المغلقة

العمود الثامن: ماذا يريدون؟

السردية النيوليبرالية للحكم في العراق

العمود الثامن: عاد نجم الجبوري .. استبعد نجم الجبوري !!

العمود الثامن: من كاكا عصمت إلى كاكا برهم

العمود الثامن: من كاكا عصمت إلى كاكا برهم

 علي حسين كان العراقي عصمت كتاني وهو يقف وسط قاعة الجمعية العامة للأمم المتحدة، يشعرك بأنك ترى شيئا من تاريخ وخصائص العراق.. كان رجل الآفاق في الدبلوماسية وفي السياسة، حارساً لمصالح البلاد، وحين...
علي حسين

قناديل: يكتب كي لا يموت العالَم

 لطفية الدليمي في حياة كلّ كاتب صامت، لا يجيدُ أفانين الضجيج الصاخب، ثمّة تلك اللحظة المتفجّرة والمصطخبة بالأفكار التي يسعى لتدوينها. الكتابة مقاومة للعدم، وهي نوع من العصيان الهادئ على قسوة العالم، وعلى...
لطفية الدليمي

قناطر: بغداد؛ اشراقةُ كلِّ دجلةٍ وشمس

طالب عبد العزيز ما الذي نريده في بغداد؟ وما الذي نكرهه فيها؟ نحن القادمين اليها من الجنوب، لا نشبه أهلها إنما نشبه العرب المغرمين بها، لأنَّ بغداد لا تُكره، إذْ كلُّ ما فيها جميل...
طالب عبد العزيز

صوت العراق الخافت… أزمة دبلوماسية أم أزمة دولة؟

حسن الجنابي حصل انحسار وضعف في مؤسسات الدولة العراقية منذ التسعينات. وانكمشت مكانة العراق الدولية وتراجعت قدراته الاقتصادية والسياسية والعسكرية، وانتهى الأمر بالاحتلال العسكري. اندفعت دول الإقليم لملء الفراغ في كواليس السياسة الدولية في...
حسن الجنابي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram