TOP

جريدة المدى > منوعات وأخيرة > بيت المدى يستذكر "عبد الكريم قاسم" وذكرى شباط الأسود

بيت المدى يستذكر "عبد الكريم قاسم" وذكرى شباط الأسود

نشر في: 11 فبراير, 2025: 12:05 ص

 بسام عبد الرزاق

اقام بيت المدى في شارع المتنبي، الجمعة الماضية، جلسة استذكارية لمؤسس الجمهورية العراقية "عبد الكريم قاسم وذكرى شباط الأسود" فتحت نقاشا واسعا على المؤثرات التي أدت الى الانقلاب والمحركات التي قادت تلك اللحظة الاستثنائية من تاريخ العراق المعاصر، وما دشنته تلك المرحلة من انحدار لاحق.
الباحث رفعة عبد الرزاق، ادار الجلسة وتحدث في مستهلها قائلا: انه في "عام 1963 وقع حادث جسيم وخطير في تاريخنا الحديث، حدث اقترن بكل صور ومعاني الانتقام والعنف واقترن بدماء زكية سقطت في هذا البلد".
وأضاف، انه "في 8 شباط 1963 وقع الانقلاب الاسود، ونقول الأسود ولهذا الوصف أسبابه ومبررات هذا السواد، فلقد فتح هذا الانقلاب باب الدماء الغزيرة التي سقطت في بغداد ومدن العراق الأخرى بدافع انتقامي وبعيد عن الرجولة والشرف، وإذا كانت هناك محاسن لحزب البعث فاعتقد ان البعثيين كتبوا مذكراتهم عن هذا الحادث بخجل وندم وتردد، واغلبهم اعترف بما وقع في 8 شباط والأيام التالية من حوادث يندى لها جبين البشرية".
الشخصية الوطنية المعروفة، د. حسان عاكف، قال ان "الحديث عن 8 شباط الأسود لا بد ان يثير شجون واحزان كثيرة في نفوس كل مواطن عراقي نزيه وبمشاعر إنسانية حقيقية، وكان يوما كئيبا ومظلما في تاريخ العراق الحديث".
وأوضح ان "8 شباط عام 1963 جاء ليجهض مسيرة شعب تفتحت في 14 تموز نحو افق وطني حضاري لبناء عراق يليق بتاريخه العريق، ولكن أعداء الشعب والوطن لم تكن تريد لهذا البلد ان يتحرر ويتقدم، لهذا اجتمعت على مسيرة الثورة المباركة وعلى المنجزات التي تحققت منذ اليوم الأول للثورة وعلى قادة الثورة النزيهين بكل الوانهم واطيافهن الوطنية اجتمعت غيوم الشر الداخلية المحلية والعربية الإقليمية والدولية".
وتابع بالقول، انه "منذ اليوم الأول لثورة 14 تموز استنفر أعداء الشعوب وحقوقها في التقدم والتحضر كل امكاناتهم لإجهاض هذا الوليد الجديد، وإذا كان هناك من سؤال عن هذه الأسباب التي دفعت طيف واسع وحاقد على الثورة، يمكن القول إننا نجد جزء كبير من الإجابة في المنجزات التي حققتها الثورة لصالح الشعب والوطن وبناء عراق جيد، استفزت أوساط معادية دولية وإقليمية وداخلية ضد هذه الثورة".
وأشار الى ان "الحديث عن المنجزات المستفزة للاعداء، على الصعيد الدولي مجرد سقوط النظام الملكي الذي كان قاعدة أساسية للقوى الامبريالية وخصوصا البريطاني اسقاط هذه الركيزة لمشاريع الغرب لابد ان يستفز تلك القوى السوداء الشريرة، والعامل الثاني الذي استفز الدول الرأسمالية جاء بقرار خروج العراق من حلف بغداد هذا الحلف المشؤوم الذي يمكن القول انه امتداد لحلف الناتو في اوروبا، هذا الحلف الذي ظم في حينها باكستان وايران وتركيا والعراق وبريطانيا وبرعاية أمريكية، وفكرة الحلف كانت خلق حزام امني لحماية هذه البلدان من النفوذ السوفيتي والشيوعي الذي ارعبهم خصوصا بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية والمد اليساري والديمقراطي والرياح الاشتراكية التي عمت ارجاء العالم. والعامل المستفز الثالث جاء بقرار تحرير الدينار العراقي من الإسترليني".
وبين انه "على صعيد القوى المحلية ايضا نعرف انه منذ اليوم الأول، إذاعة طهران وانقرة وتل ابيب، جميعها انصبت الثورة العداء وبرامجها ركزت على تشويه الثورة والثوار والتحريض على منجزاتها، وللأسف الشديد في وقت لاحق انظمت إذاعة دمشق والقاهرة الى جوقة طهران وانقرة وتل ابيب في التحريض على الثورة ورجالها المخلصين الوطنيين، وهذه الدول المحلية كان حلف بغداد يحمي أنظمتها لهذا لم يكن خروج العراق من الحلف لمصلحتها".
وأضاف، انه "على صعيد الوضع الداخلي، للأسف قوى قومية وطنية ضمن قوى ثورة تموز ممثلة بحزب البعث وحركة القوميين العرب، ومن وقت مبكر وبقيادة عبد السلام عارف الرجل الثاني في الثورة، أيضا بدأت تتخذ مواقف سلبية تحولت الى مواقف معادية وهو امر لم يكن بمعزل عن الحساسيات التي نشأت داخل تنظيم الضباط الاحرار وداخل الهيئة القيادية للضباط الاحرار بشكل خاص".
وأكد عاكف، انه "بعد الثورة نشأ خلاف بين الضباط الاحرار والهيئة القيادية وبالأخص بين عبد الكريم قاسم وعبد السلام عارف، حول أمور كثيرة وبرز منها قضية الوحدة الفورية، ولكن لم تكن هذه وحدها، واحد عوامل الخلاف داخل الهيئة القيادية هي التنافس على المواقع والكثير من الضباط الاحرار كانوا ينتظرون مواقع مؤثرة".
ولفت الى انه "في تقديري، ولا أقول كما يقول البعض ان عبد الكريم قاسم كان دكتاتوريا، بتقديري هو فردي، وبعد ان رأينا الموت على يد الأنظمة الدكتاتورية من الصعوبة ان نقول عبد الكريم دكتاتوري، ومن جملة الأخطاء التي حصلت الغاء الدستور، وبقاء الدستور مؤقتا لمدة 4 سنوات ونصف وكان البلد يمشي وفق رغبة عبد الكريم وعلى الرغم من ان رغباته كانت إيجابية لكنها ليست دستورية، وكذلك لم يفكر الى الدعوة لانتخاب برلمانية".
من جانبه قال د. علي الرفيعي، ان "8 شباط يوم اسود بسبب الجرائم والمآسي التي ارتكبت في هذا اليوم وما تلاه، وذهب الالاف القتلى والجرحى، وكانت أيام مرعبة لمن لا يتفق مع الخط الذي جاء بهذا الانقلاب، وهو خط معادي واتسم بالعداء والتقليل من دور الاخرين، وهذا يعود لتركيبة الاجزاب الناشئة آنذاك وعدم امتلاك الخبرة، وبعضهم لديه ايمان بالقضية القومية والعربية، لكن الغالبية كان يقودهم الاندفاع".
وأضاف، انه "يذكر هاني الفكيكي في مذكراته وكدليل على الروح الانتقامية التي سادت لدى قادة الانقلاب، وكانوا يطالبون بإعدام كل الشيوعيين الموجودين في معسكرات الاعتقال، ويذكر أيضا ان تصرفات الضباط البعثيين دخلوا الى قصر النهاية واخذوا 20 من المعتقلين ونفذوا بهم الإعدام من دون صدور امر من قيادة الحزب او المسؤولين عن قصر النهاية".
وتابع، ان "ثورة تموز ليست الثورة الأولى التي قادتها يأكل بعضهم البعض، واهم ثورة هي الثورة الفرنسية حصل ما حصل فيها من مجازر بين القيادات، وكذلك يعود السبب الى عدم سعة واطلاع قادة هذه الأحزاب، وبالتالي تنعكس النتائج على الواقع الاجتماعي من مآسي وآلام، ولا يمكن فصل ثورة تموز عن الواقع الموجود".
ونوه الى ان "ثورة تموز جاءت لاسباب كثيرة، منها الظلم والمعتقلات والوضع الاقتصادي والشركات البريطانية المتحكمة وهيمنة الاقطاع، وحصل هذا التوجه على دعم من قبل الأحزاب التي تعاونت مع قيادة الضباط العسكريين وأدت الى قيام ثورة تموز.
بدوره قرأ عضو اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي، فاروق فياض، كلمة بالمناسبة، استهلها بالقول: عندما اغتيل شاعر اسبانيا وكاتبها المسرحي وعازفها الجميل لوركا على يد فاشيي فرانكو قال صديقه الشاعر بابلو نيرودا: ان الذين من أرادوا ان يضربوا قبل اسبانيا لم يخطئوا عندما اغتالوا لوركا، وأستطيع القول ان من أرادوا ان يضربوا قلب اليسار والحركة الشيوعية في المنطقة عندما اغتالوا ثورة 14 تموز واجهزوا على قواها اليسارية والديمقراطية والوطنية بدموية قل نظيرها.
وأضاف، انه "ليست مبالغة لو قلنا لم يتأثر العراق وحده من هذا الانقلاب الفاشي والذي نعيش تداعياته الى هذه اللحظة، انما امتد تأثير هذا الانقلاب الى المنطقة باسرها، لذلك شخصته الامبريالية المتمثلة ببريطانيا وامريكا والدول الإقليمية الرجعية مبكرا بمخاطر ثورة تموز عليها مما دعاها للتحالف مبكرا للتآمر على الثورة، ومنذ تلك الفترة المشؤومة من تاريخ العراق المعاصر والنكوص والتدهور على مستوى الشعور الوطني وثقافة التنوير التي تم استهدافهما من قبل الانقلابيين".
وبين انه "يمكن الإشارة الى الدروس المستخلصة من هذا الانقلاب، بان الفاشية بكافة تمظهراتها القومية او الدينية ستأخذ مكانها الذي تستحقه مهما طال امدها الى مزبلة التاريخ وان السيادة الوطنية يجب ان لا تكون على حساب الديمقراطية وكذلك العكس".
د. عبد الله حميد العتابي، قال ان "ما حصل في 8 شباط وما تلاه انها غيمة بعثية سوداء امطرت قتلا وحقدا وسادية وما زلنا ندفع ثمن هذا الانقلاب لغاية يومنا هذا، ومن يتحمل هذه المسؤولية هو حزب البعث وحرسه القومي، وهذا الحرس الذي كان مادته الدسمة عناصر مهمشة ومنبوذة وطريدة في المجتمع".
وبين ان "من يقرأ تاريخ الانقلاب سوف يرى صلابة تكاد تكون اسطورية من الحركة الوطنية ولاسيما من الشيوعيين الذين تعرضوا الى الموت تحت التعذيب واستذكر أسماء عظيمة خالدة في هذا الموضوع، محمد صالح العبلي وحمزة سلمان وجمال الحيدري وتوفيق منير ومتي الشيخ والزعيم سلام عادل ونافع يونس وعبد الجبار وهبي ومحمد حسين أبو العيس وعبد الرحيم شريف وجورج تلو، وهؤلاء حتى البعثيين رفضوا تسليم جثثهم".
وأوضح انه "بحثت عن تورط المخابرات المركزية الامريكية في هذا الانقلاب في الوثائق الامريكية، وعثرت على وثائق كتبها ضابط مخابرات امريكي، من خلال مجلة سرية داخل الجهاز، ورفع الستار عنها عام 2019، وتوصل الضابط الأمريكي الى نتيجة ان المخابرات الامريكية لم تتورط، وهذه وثيقة أمريكية بالنهاية، ويذكر الكاتب أيضا، ان المخابرات الامريكية تمتلك معلومات عن خطط الانقلاب على قاسم لكن هذه الانقلابات تأجلت أو فشلت".
بدوره قال، المؤرخ محسن العارضي، انه "يكفي قائد الثورة فخرا ان يذكره الدكتاتور المنهار في اجتماع القيادة القطرية ومجلس قيادة الثورة، وقال لهم: لم نكن منصفين مع هذا الرجل ويقصد عبد الكريم قاسم لأننا لم نمنحه الفرصة المؤاتية حتى يقوم بما جاء به هو ورفاقه صبيحة 14 تموز 1958، وهذا يدل على فداحة الظلم الذي تعرضت له ثورة 14 تموز وقائدها من التيار القومي الذي كان جزءا أساسيا من جبهة الاتحاد الوطني التي تأسست في اذار 1957".
ولفت الى ان "المؤسف حقا ان يتعرض قائد الثورة لانتقادات لاذعة من بعض الأطراف على بعض الخطوات التي اتخذها بعد 1958 ومنها منح سكان صرائف الشاكرية والميزرة وخلف السدة منحهم أراضي ليسكنوها، واتهام عبد الكريم قاسم بالتغيير الديموغرافي لبغداد، ولكنهم ينسون ان اول من أحدث تغييرا ديموغرافيا في بغداد متحت باشا عندما قام باسكان العشائر في مناطق حزام بغداد".
وأشار الى ان "الثورة اقدمت على خطوة مهمة جدا، بعد ان الغت القانون الأساسي الصادر عام 1925 وأصدرت الدستور المؤقت بعد أسبوعين من قيام الثورة والذي نص في المادة الثالثة على ان العرب والاكراد شركاء في هذا الوطن وهي خطوة متقدمة على جميع الدساتير التي أعقبت انقلاب شباط.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

بيت المدى يستذكر شهداء انقلاب شباط الأسود

غادة العاملي: نجاح أي مؤسسة ثقافية يتطلب تخطيطاً مدروساً وأهدافاً واضحة

بيت المدى يؤبن المعماري العراقي الكبير هشام المدفعي

رحيل أسامة منزلجي.. رحلة حياة في ترجمة الأدب العالمي

أزياء وفنون شعبية وثقافة في درب الساعي

مقالات ذات صلة

بيت المدى يستذكر

بيت المدى يستذكر "عبد الكريم قاسم" وذكرى شباط الأسود

 بسام عبد الرزاق اقام بيت المدى في شارع المتنبي، الجمعة الماضية، جلسة استذكارية لمؤسس الجمهورية العراقية "عبد الكريم قاسم وذكرى شباط الأسود" فتحت نقاشا واسعا على المؤثرات التي أدت الى الانقلاب والمحركات التي...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram