علي حسين
في بلدان العرب هناك طريقان، الاول يسير باتجاه الصراعات ومعارك الكراسي، واشاعة الفشل، والثاني يذهب في اتجاه التنمية والتطور ورفاهية الإنسان، ومد يد العون للآخرين .
الامارات قررت ان تسير في الاتجاه الثاني حيث تزدهر صناعة الابتكار ومعها إشاعة قيم الخير، نسمع في الخطاب الذي ألقاه الوزير الإماراتي محمد القرقاوي في حفل افتتاح قمة الحكومات العالمية ان الإمارات خصصت (1.5%) من ناتجها المحلي الإجمالي للإغاثة الإنسانية . هذا مثال يجب ان تحتذي به بلدان العالم الغنية.
قد يظن مَن يقرأ هذا المقال ان الحديث سيكون عن قمة تتبارى فيها الخطب السياسية، وتتصارع فيها البيانات، لا ياسادة انها قمة يحضرها رؤساء دول لا يلقون خطب وشعارات ، وإنما يقدمون رؤيتهم لمستقبل بلدانهم، ووزراء لا يبحثون عن الصفقات ، بل عن مشروعات يأخذون بها شعوبهم نحو العصر الجديد ، يقف البروفيسور كلاوس شواب رئيس المنتدى الاقتصادي العالمي وسط قاعة المؤتمر ليؤكد ان: "المستقبل لا يحدث من تلقاء نفسه، بل نحن من نصنعه" ، فنعلم معه ان ماضي البلدان وحاضرها يحتاج إلى مستقبل مضمون.
تحتضن الإمارات العالم على مدى ثلاثة ايام، تطرح فيها افكار في العمران والتنمية وتقدم دروسا للبلدان التي تسعى لتخطي عثرات الماضي، ندوات ومحاضرات وحوارات هدفها الإنسان، تتحول قاعات القمةً إلى ورشة عمل للابتكار وتكنولوجيا الغد، واستشراق المستقبل، قمة هدفها تنفيذ الرؤية التي حلم بها باني الإمارات الراحل الشيخ زايد وصحبه الاوائل ، فلا قيمة للمال والسلطة مادامت لا تَسخر لخدمة الناس. وكان الراحل الكبير يرى أن "الحاكم الذي يوضع في السلطة ليحمي مصالح الشعب، سيكون دون قيمة إذا عاش لنفسه، ومصالحه الذاتية"، بهذه العبارة بدأت نهضة دولة الإمارات، لتصبح بعد عقود قصيرة واحدة من أنجح اقتصاديات العالم، كان الهدف الذي عاش الراحل لأجله: تحقيق حياة أفضل للمواطنين والإسراع بمعدلات النمو عاماً بعد آخر. وعلى مدى سنوات حكمه التي تجاوزت الثلاثة عقود ورغم النهضة الكبيرة التي شهدتها الإمارات، ظل الشيخ زايد يردد: "ما زلنا في بداية الطريق"، فقد كان يؤمن أن ما حدث في الإمارات هو بداية الطريق لانطلاقات أكبر وانجح.
تخلصت الإمارات من مقرات الاحزاب الزائفة وشعاراتها الرنانة، لتنشئ بدلاً منها الشركات والجامعات ومتاحف الفنون والمكتبات، تتحول الصحراء إلى مدن بشوارع تشع سعادة وأحلام متواصلة تُصبح بفضل حكمة القائمين على ادارتها حقائق.
الذين يتجولون في القاعات التي تقام بها فعاليات القمة العالمية للحكومات سيعثرون على قضية جوهرية خلاصتها: لكي تبقى ذكرى المسؤول ساطعة في نفوس أبناء بلده، عليه أن تحررهم من العوز والخوف من المجهول. وان يحجز لهم مكانا في المستقبل.
استمع إلى داينمو القمة محمد القرقاوي وهو يقول: من لا يتعلّم من التاريخ سيكرر أخطاءه، لأن مستقبلنا ستحدده قراراتنا اليوم، فالمستقبل هو نتيجة قرارات تصنع اليوم برؤية تستلهم الماضي وتستعد للآتي".