توم هاربر
ترجمة : عدوية الهلالي
تواجه حكومة شي جين بينج تحديات كبرى من شأنها أن تعرقل خططها في عام 2025.وفي حين كانت حكومته تتعامل مع المشاكل الاقتصادية المحلية، كان عليها أن تواجه تعقيدات تحالفها مع روسيا على الساحة الدولية.ورغم أن الصين واصلت الاضطلاع بدور مهم في الاقتصاد العالمي، فإن خمسة مجالات قد تعمل على تعطيل خططها لعام 2025.
سيكون القلق الأكثر وضوحا بالنسبة لبكين هو عودة السياسة الأميركية شديدة العدوانية تجاه الصين بعد تولي دونالد ترامب منصبه ، وقد هدد السيد ترامب بالفعل الصين ودول أخرى بفرض رسوم جمركية بنسبة 60٪، مما يشير إلى استمرار الحرب التجارية التي أطلقها خلال رئاسته السابقة.
إن العلاقة الأكثر مواجهة مع الولايات المتحدة سوف تشكل تحديا كبيرا بالنسبة للصين، ولكن بكين لم تتفاجأ، بعد أن تعلمت دروس الحرب التجارية السابقة مع الولايات المتحدة.وهذا ما نراه حيث تسعى الشركات الصينية مثل هواوي إلى تقليل اعتمادها على الأسواق والتقنيات الأميركية، في حين تتوسع في مجالات أخرى.وعلى نحو مماثل، أظهرت الصين استعداداً أكبر للجوء إلى تدابير عقابية ضد الولايات المتحدة، كما تجلى مؤخراً من خلال تقييدها لصادرات المعادن النادرة (المستخدمة في البطاريات والمحولات).ومن ثم، فإن بكين في وضع أفضل لخوض حرب تجارية مقارنة بما كانت عليه في عام 2017.
وفي حين أن الرسوم الجمركية سوف تستحوذ بلا شك على الأضواء، فمن الممكن أن تندلع معركة أخرى حول التطور التكنولوجي في الصين، والذي يشكل تحديا خطيرا للتفوق التجاري للولايات المتحدة إذ أصبحت التكنولوجيا عنصرا حاسما بشكل متزايد في خطط الصين حيث تسعى بكين إلى زيادة التوظيف والإنتاج في هذا القطاع، جزئيا من خلال تعزيز صادراتها.وعلى نحو مماثل، أصبح الحد من هذا القطاع أولوية بالنسبة للولايات المتحدة، كما يتضح من جهودها لتقييد وصول الصين إلى تكنولوجيا أشباه الموصلات، وهي واحدة من جبهات المعركة الرئيسية الجديدة.
وبالإضافة إلى المنافسة للسيطرة على التقنيات الرئيسية، هناك أيضًا منافسة لتحديد المعايير التكنولوجية.ويتجلى هذا في ما يسمى "تأثير بكين"، حيث تهدف الصين إلى وضع معايير للبنية التحتية الرقمية، بنفس الطريقة التي فعلها الاتحاد الأوروبي لإدارة البيانات والخصوصية من خلال تشريعاته الخاصة باللائحة العامة لحماية البيانات.ومن الممكن أن تؤدي هذه الخطوة إلى منح الصين زعامة استراتيجية في عالم التكنولوجيا.
وتواجه الصين صراعا تجاريا معقدا مماثلا مع أوروبا، والذي اتخذ شكل سلسلة من التعريفات الجمركية الانتقامية: فقد فرضت بكين تعريفات جمركية على الكحول الفرنسي، على سبيل المثال، ردا على القيود التي فرضها الاتحاد الأوروبي على واردات السيارات الكهربائية الصينية إلى الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي.وتأتي هذه التعريفات الجمركية في وقت بدأت فيه الصين في تحقيق تقدم في مجال التقنيات التي كانت في السابق حكراً على بلدان أخرى.
إن الحرب التجارية مع الاتحاد الأوروبي، إلى جانب المناقشات الأخيرة حول الدور المتنامي لحلف شمال الأطلسي في آسيا، قد تشكل صداعا لبكين، وخاصة إذا أدت إلى تحالف جديد بين بروكسل وواشنطن.ولكن العداء الراسخ الذي يكنه ترامب للاتحاد الأوروبي قد يعمل لصالح الصين، إذا كان ذلك يعني أن الكتلة تسعى إلى شركاء آخرين.
ظاهريا، أصبحت روسيا ذات أهمية متزايدة بالنسبة للصين كمصدر للموارد الطبيعية والأسواق، في حين أصبحت الصين مصدرا رئيسيا للدعم الاقتصادي لموسكو.لكن هذا الدعم كان له تأثير سلبي على علاقات الصين مع الدول الأوروبية، التي نظرت بعضها إلى بكين باعتبارها مسهلاً للحرب الروسية في أوكرانيا.
وعلى نحو مماثل، قد يظل غزو روسيا لأوكرانيا والحرب المستمرة هناك بمثابة تشتيت مفيد لبكين، وتحويل انتباه الولايات المتحدة بعيدا عن الصين.وإذا نجحت خطة السلام التي اقترحها ترامب بشأن الحرب في أوكرانيا، فإنها قد تسمح للولايات المتحدة بإعادة التركيز على الصين. إن حل هذا الصراع قد يفتح الطريق أمام التقارب بين واشنطن وموسكو، وهو ما قد يتعارض مع مصالح بكين.
ويشكل عدم الاستقرار الخطير في الشرق الأوسط مصدرا جديدا للقلق بالنسبة للصين.وكما هو الحال مع روسيا، أصبحت المنطقة مصدرا رئيسيا للموارد والأسواق بالنسبة لبكين، كما يتضح من معرض تشوهاى الجوي، حيث كانت الدول الإقليمية من العملاء الرئيسيين للأسلحة الصينية.وهناك مصدر قلق آخر بالنسبة لبكين يتمثل في احتمال نشوب صراع إقليمي بين إيران وإسرائيل، حيث تعد إيران مصدرا رئيسيا للنفط بالنسبة للصين.وفي حالة اندلاع نزاع مسلح، فإن هذه الإمدادات قد تنقطع أوتنقطع تماما، مما قد يخلق مشاكل اقتصادية جديدة لبكين.
وقد سلط استئناف الحرب الأهلية في سوريا الضوء أيضاً على مجال يثير قلق الرئيس شي جين بينغ فقد شارك الأويغور الصينيون (مجموعة عرقية ذات أغلبية مسلمة) في القوات التي أطاحت بالرئيس بشار الأسد، ولا سيما كجزء من الحزب الإسلامي التركستاني.وهدد بعض أعضاء الحزب الإسلامي التركستاني باستخدام الأسلحة التي حصلوا عليها في سوريا في المعركة الطويلة من أجل إقامة دولة مستقلة في منطقة شينجيانغ الصينية، موطن الأويغور.
ففي السنوات الأخيرة، قامت قوات شي باعتقال نحو مليون من الأويغور، ووضعتهم في معسكرات اعتقال، ونفذت سياسة إعادة تأهيل ومراقبة مكثفة أثارت انتقادات دولية بسبب تكتيكاتها واستبدادها.وفي حين تشير كل هذه العوامل إلى أن الصين تواجه عاماً صعباً في عام 2025، هناك أيضاً دلائل تشير إلى أن بكين تستعد للتخفيف من هذه العوامل. وستدرس الصين على وجه الخصوص نظام العقوبات الذي فرضه الغرب على روسيا، والذي من المرجح أن يستخدم ضد الصين في حالة نشوب صراع حول تايوان.وفي نهاية المطاف، فإن ما سيحدث في عام 2025 سيكون حاسما بالنسبة لبكين، التي سيتعين عليها أن تقرر ما إذا كانت ستبني حلفاء جدد، وتطور أسواقا جديدة، وتبني نقاط قوة اقتصادية جديدة في مجال التكنولوجيا.