بغداد/ تميم الحسن
تستمر بغداد بالسير على خيط التوازن الرفيع، إذ تضغط واشنطن على العراق لإيقاف التمدد الايراني، فيما يعمل أطراف بالداخل على عكس ذلك.
ويتعين على بغداد استئناف ضخ النفط من كردستان، والا ستعرض الى عقوبات، بحسب ما يقوله دونالد ترامب، الرئيس الامريكي، نقلا عن مصادر غربية.
كذلك مازال العراق مترددا في علاقته مع الاوضاع الجديدة في سوريا، وذلك بسبب "فيتو" إيراني ضد التطبيع مع الجارة، في وقت تعثرت فيه زيارة مرتقبة لوزير الخارجية السوري الى بغداد.
"ملتزمون بالتوازن"
وأمس، أكد رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، على أن العراق حافظ على مسار متوازن، ومنع انتشار الصراع في المنطقة.
وأضاف السوداني، وفق بيان صدر عن مكتبه خلال انطلاق فعاليات مؤتمر حوار بغداد الدولي بنسخته السابعة، بان السياسة الخارجية للعراق "التزمت التوازن القوي، وعدم الميل الى أي محور".
وأكد "التزمنا سياسة التوازن، وواجهنا الكثير من المزايدات والطروحات غير الواقعية، الخالية من بعد النظر والمسؤولية، حيث عملنا على تبني التوازن الدقيق من أجل تخليص العراق من تبعات الارتهان لخطوات لا تأخذ بالحسبان مصالح شعبنا وإرادته".
وتابع: "أنهينا بالحوار المسؤول مهمة التحالف الدولي لمحاربة داعش، وانتقلنا إلى العلاقة الثنائية والتنسيق الأمني مع الدول التي اشتركت فيه".
محاصرة إيران
جاء ذلك بعد ساعات فقط من معلومات عن "عقوبات امريكية" محتملة ضد بغداد في حال رفضت استئناف ضح النفط من كردستان المتوقف منذ عامين.
وأكد السوداني، ضرورة استئناف إنتاج النفط، وإعادة تصديره عبر ميناء جيهان التركي.
وجاء ذلك في بيان خلال استقبال رئيس الوزراء، رئيس أقليم كردستان نيجرفان بارزاني.
وكان مستشار رئيس الوزراء للشؤون الخارجية فرهاد علاء الدين، نفى التقارير عن تلك العقوبات.
وقال علاء الدين أنه "لا صحة للتقارير الإعلامية التي تزعم وجود تهديدات بفرض عقوبات على العراق في حال عدم استئناف صادرات النفط من إقليم كردستان".
وأشار الى أنه "في جميع الاتصالات التي جرت مع الإدارة الأميركية مؤخرا، لم يكن هناك أي تهديد بفرض عقوبات أو أي شكل من أشكال الضغط على العراق"، بحسب تصريحات أوردتها الوكالة الرسمية.
وقالت ثمانية مصادر مطلعة لرويترز، إن إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب تضغط على بغداد للسماح باستئناف صادرات النفط من إقليم كردستان العراق أو مواجهة عقوبات إلى جانب إيران.
أوقفت تركيا خط الأنابيب في آذار 2023، بعد أن أمرت غرفة التجارة الدولية أنقرة بدفع 1.5 مليار دولار لبغداد تعويضاً عن صادرات غير مصرح بها بين عامي 2014 و2018.
واستئناف الصادرات سريعاً من إقليم كردستان العراق، قد يساعد في تعويض الانخفاض المحتمل في صادرات النفط الإيرانية التي تعهدت واشنطن بخفضها إلى الصفر في إطار سياسة "أقصى الضغوط" التي تنتهجها مع طهران.
وكانت الحكومة الأميركية قالت إنها تريد عزل إيران عن الاقتصاد العالمي والقضاء على إيراداتها من صادرات النفط لإبطاء خطتها لتطوير سلاح نووي.
وأعلن وزير النفط العراقي بشكل مفاجئ يوم الاثنين الماضي، استئناف الصادرات من كردستان الأسبوع المقبل.
العلاقة مع دمشق
ويتوقع خبراء وسياسيون ان يتعرض العراق الى عقوبات بسبب تمدد النفوذ الإيراني.
وترفض إيران، منذ التغييرات الاخيرة التي حدثت في سوريا، العام الماضي، ان يقوم العراق بتطبيع العلاقات مع الحكومة الانتقالية الجديدة في دمشق والتي تعتبر معارضة لطهران، بحسب تقارير صحفية.
ويكشف مشعان الجبوري، النائب السابق، عن ما وصفه "عدم مركزية" اتخاذ القرار السياسي بالعراق، وراء تأجيل زيارة مرتقبة لوزير الخارجية السوري، اسعد الشيباني الى بغداد.
وحتى الآن لم تقدم بغداد التهنئة لرئيس النظام الجديد في سوريا احمد الشرع، والذي تصفه قيادات في الإطار التنسيقي بانه "إرهابي".
وقالت وزارة الخارجية العراقية، يوم الجمعة، إنَّ "وزير الخارجية السوري، أسعد الشيباني، كان قد تلقى في وقت سابق دعوة رسمية من نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الخارجية، فؤاد حسين، لزيارة العراق، وأبدى الوزير الشيباني رغبته في تلبية الدعوة، التي تأتي في إطار بحث العلاقات الثنائية بين البلدين ومناقشة التطورات الأمنية والسياسية الإقليمية".
وأضافت الوزارة في بيان، أنه " ومن المقرر أن يتم تحديد موعد الزيارة بعد استكمال التنسيق اللازم بين الجانبين، بما يخدم المصالح المشتركة".
وكانت بغداد قد كشفت عن دعوة قدمت الى الشرع، للمشاركة في القمة العربية المتوقعة عقدها في بغداد في أيار المقبل.
ووعد الجبوري، النائب السابق، في تغريدة مساء الجمعة، قبل ساعات من وصول الشيباني المفترض، صباح أمس السبت، بانه سيكشف لاحقا تفاصيل إلغاء الزيارة.
وبعد سقوط النظام السابق، أجرى رئيس جهاز المخابرات العراقية حميد الشطري زيارةً إلى دمشق، والتقى أحمد الشرع، بصفته قائداً للإدارة الجديدة.
ويقول احسان الشمري، رئيس مركز التفكير السياسي، إن "الإطار التنسيقي متخوف من تطبيع العلاقات مع سوريا" بعد ان خسر بشار الاسد (الرئيس السوري السابق) وهو حليف مهم للتحالف الشيعي.
ويخشى العراق انتقال جغرافية الاحداث الى البلاد بعد سوريا، ويحذر رئيس الوزراء ا الأسبق نوري المالكي، مما يسميه بـ"محاولات الالتفاف على العملية السياسية"، وتكرار التجربة السورية بالعراق.
وفي مقابلة جديدة مع المالكي، رفض ان يلتقي مع "الشرع" بسبب اعماله الارهابية بالعراق، على حد وصفه.
وقال زعيم دولة القانون، ان "بغداد مجبرة على دعوة الشرع إلى القمة العربية، لأن سوريا دولة عربية".
والاسبوع الماضي، كشفت السلطات الأمنية عن جانب من عمليات إنشاء الجدار الإسمنتي على الحدود مع سورية، في إعلان هو الرابع من نوعه خلال أقل من عام.
ومن المقرر أن يغطي الجدار أكثر من 80 كيلومتراً جديدة من مجمل الحدود البالغة نحو 620 كيلومتراً بين البلدين.
في مطلع العام الحالي أعلنت بغداد عن المباشرة بمشروع تعزيز أمن الحدود مع سورية ضمن محافظات الأنبار ونينوى، ويتضمن بناء جدار إسمنتي على بارتفاع 3 أمتار، وخندق ترابي مع كاميرات مراقبة حرارية.
وحتى الآن تمت تغطية نحو 400 كيلومتر من الحدود ليتبقى أكثر من 200 كيلومتر تستعجل الحكومة العراقية في تأمينها، بهدف منع عمليات التسلل بين البلدين.
الى ذلك اعتبر الأمين العام لمنظمة بدر هادي العامري، اليوم الجمعة الماضية، أن ما يجري في سوريا مشروع أمريكي صهيوني و أن الأتراك الطرف الأضعف فيه.
وقال العامري في تصريحات تلفزيونية إن "ما يجري في سوريا مشروع أمريكي صهيوني ولعل الأتراك هم الطرف الأضعف فيه".
وأضاف العامري أن "هناك عشرة الاف إرهابي فقط عند قسد وأكثر منهم في مخيم الهول، وهؤلاء يمثلون تهديداً حقيقياً على العراق".