بسام عبد الرزاق
اقام بيت المدى في شارع المتنبي، الجمعة الماضية، جلسة استذكار وتأبين للفنان والمخرج العراقي عبد الوهاب الدايني، استعرضت فيها المداخلات اسهاماته الفنية والمسرحية والتلفزيونية وجوانب من حياته وما تعرض اليه من اضطهاد بسبب ميوله السياسية.
الباحث رفعة عبد الرزاق، وفي معرض ادارته الجلسة، أشار الى ان "عبد الوهاب الدايني تعرض للظلم كثيرا على الرغم مما قدمه من جهود فنية مرموقة في تاريخ الفن العراقي الحديث".
وأضاف، ان "الفنان والمؤلف والسيناريست والمخرج والانسان الفاضل ولد عام 1940 في بلدة المحمودية ودرس المسرح في معهد الفنون الجميلة ثم سافر الى إيطاليا عام 1969 ليدرس في معهد السينما التجريبية في روما وحصل على شهادة الدبلوم العالي، وحين عاد الى الوطن ولج المشهد الفني والمسرحي وكان اسمه قد عرف مبكرا كاحد الأسماء المشهورة ثم عمل مدرسا في معهد الفنون قسم السينما واصبح رئيسا لهذا القسم فيما بعد، الا انه انقطع عن عالم الفن بعد اعتقاله عام 1986 وان حادثا مؤسفا وتعرض للاضطهاد والتعذيب، ومن مآسيه انه حورب كثيرا حتى من أصدقائه وهجره الكثيرون واعتكف في بيته".
وأوضح ان "الدايني كتب واخرج العديد من المسرحيات ومنها "البيت الجديد" و"العطش والقضية" و"بهلوان اخر زمان" وفي المسلسلات التلفزيونية له "حضرة صاحب السعادة" و"قبل رحيل المواسم" و"كرايب المدير" و"اقوى من الحب" و"زقاق في العالم الثالث" و"عبود يغني"، وكان معجبا جدا بنجيب محفوظ حتى ان عمله "عبود يغني" هو استلهام من بعض اعمال نجيب محفوظ، كما ان للدايني كتابات في السينما".
نقيب الفنانين السابق د. صباح المندلاوي قال انه "مرت أسابيع مثقلة بالحزن والاسى برحيل الفنان المبدع عبد الوهاب الدايني هذا الفنان الأصيل والشفاف والمرهف، وللتصحيح الدايني من مواليد عام 1934 كما يذكر أبناءه، وهو الوحيد الذي اكمل الثانوية والتحق بمعهد الفنون الجميلة وليس بعد اكماله الدراسة المتوسطة".
وذكر انه "شارك في العديد من الاعمال المسرحية وفي هذه الفترة تعرف على زوجته اثناء تمثيله مسرحية "حفل زواج" وكانوا بحاجة الى ممثلة وطلب منها ان تمثل معه وبعدها توطدت العلاقة وتكللت بالزواج"، مبينا انه "بعد تخرجه من المعهد جرى ارساله الى إيطاليا وبعد عودته تم تعيينه في متوسطة الفنون وليس معهد الفنون، وبادر طلاب السينما بالاحتجاج وجرى نقله الى المعهد".
ولفت الى انه "من العلامات الفارقة التي تسببت له بالشهرة إخراجه لمسرحية "البيت الجديد" عام 1966 وهي من تأليف نور الدين فارس وموضوعها فيه دلالة رمزية جميلة". وأضاف انه "تعرفت عليه عام 1970 في فرقة مسرح اليوم حين تصدى لإخراج مسرحية "العطش والقضية" وكنت طالبا في كلية الفنون الجميلة آنذاك". من جانبه قال الإعلامي والتلفزيوني صالح الصحن، ان "الراحل هو علم من اعلام الفنون السمعية والمرئية، رحل وتركنا نغني ولكن كيف نغني بعد عبد الوهاب الدايني، هذا الرجل الذي اشتدت صلتنا بتواصل دائم معه وهو مريض ويعاني في الامارات، وكنت اتصل به في الأسبوع مرتين وثلاث ووصل أحيانا الرد ف الأحاديث بمساعدة ابنه".
واشار الى ان "الدايني يمتلك ثقلا كبيرا بالتخصص ويحتل مرتبة في السجل الفني والثقافي في البلاد، وهناك الكثيرين ممن اشتغلوا في هذا القطاع واعتقد من الصعوبة ان تجد لهم مكانا في البحوث والدراسات ولكن عبد الوهاب هو الاجدر بان نتناول اعماله وفق صيغ التحليل والدراسات والبحوث".
وأكمل حديثه بالقول ان "تجربته عميقة بفعل التنوع، واختيار هذا التنوع بالعطاء لم يأت من فراغ، شخص يكتب ويخرج ويفكر ويتدخل وصاحب موقف، ومن آرائه انه لا يكتب بتكليف ويكتب وفق ما يراه ولن يتخيل انه ضد فلان لذلك نجده يحتل مساحة من السلام بسلوكه وهو رجل متسامح مع نفسه ومع الاخرين".
وبين ان "الدايني انتقد كثيرا الكتابة في الزمن الحالي ووصفها بالاستسهال، ولا نختلف ان الاعمال الدرامية التي عرضت في أكثر من رمضان كانت مثار جدل واستفهام عن صرف مبالغ لإعمال لا تستحق وهو دائما نتحاور معه وهو على سرير المرض ونتداول هذا الموضوع بتواصل ونشير الى اعمال بالأسماء وكيف أنجزت ومن يراها، وأخطر ما يسجله الكاتب هو تزوير التاريخ وكان الدايني ينبه الى ان الكاتب لا يمكن ان يعمل في أسلوب تزوير التاريخ لانها خدعة لعفة الرؤية والسماع والوطن".
الناقد السينمائي كاظم مرشد السلوم، قال انه "كنت اتواصل مع الراحل عبد الوهاب الدايني قبل أيام من وفاته وهو صديقي جدا، وهو رقيق جدا ويسألني عن اخبار السينما والنقد، ومرة كتبت انه هناك نوعين من المخرجين، هناك مخرج امام النص واخر يقف خلف النص، وسألني عن معنى هذا التعريف، واخبرته ان عمله "عبود يغني" نعرف ان النص لنجيب محفوظ والدايني من عرقه وهو وقف خلف الص كونه نصا قويا وتدفعه بإمكانياتك وان كانت عادية". ولفت الى انه "كذلك في أفلامه السينمائية اشتغل الدايني بهذا الأسلوب وهو خريج الواقعية الإيطالية المهمة والتي اسست للواقعية في كل العالم، لكن هذا البلد لم يعرف ما يقدمه له الدايني لكونه لم يكن بعثيا وتوجهه يساري، لذلك كان محاربا وجرى اعتقاله وحتى بعد عام 2003 لم يستقبل بشكل جيد".