علي حسين
أراد العراقيون بعد عام 2003 ان يعيشوا الحرية التي حلموا بها منذ عقود ، لكن السياسيين وجدوا حلولا تلغي فيها احلام المواطن العراقي لتسود احزاب المصالح والمنافع . قرر الساسة الكرام خطف التغيير وتشكيل مؤسسات للحكم، هدفها تقاسم السلطة بين الرؤوس الكبيرة ، وظل الهدف واحدا " الحفاظ على المالات " كما صرح كبير ممثلي المسرح السياسي في بلاد الرافدين محمود المشهداني ، ومارسوا لعبة تقلب المواقف ، فبعد ان ذرف ساستنا الدموع على بشار الاسد خرج علينا رئيس جهاز المخابرات العراقي، حميد الشطري ليقول إن :" الأسد كان يزج بمئات الانتحاريين والمقاتلين المتطرفين إلى العراق " .كيف يا رجل؟ والسيد نوري المالكي أخبرنا ذات يوم انه سيأخذ الجيش ويدافع عن بشار الأسد؟ .
ولانني لا اريد ان ادخل القارئ العزيز في لعبة التصريحات المتناقضة التي اشتهر بها ساستنا ومسؤولونا ، فاسمحوا لي ان اتحدث عن ذكرى رجل يرافقنا كل يوم ، ونحن ننشغل بشاشة الهاتف المحمول ، انه ستيف جوبز الذي تصادف اليوم ذكرى ميلاده السبعين – ولد عام 1955 - وكنت قبل مدة استمتعت بقضاء وقت مع كتاب " آبل من الداخل " وفيه يروي مؤلفه " آدم لاشينسكي " كيف استطاع هذا الرجل الذي كان يعاني مرضاً فتاكاً من ان يؤسس اكبر شركة عملاقة في العالم ونقرأ كلماته وكأنها وصايا للاجيال : "عندما أقف كل صباح أمام المرآة أسأل نفسي، لو كان هذا آخر يوم لي في الحياة هل سأفعل ما أنوي القيام به اليوم؟ وإن كان الجواب لا، لعدة أيام متتالية.. سأعرف أنه يتوجب عليّ تغيير شيء ما"، ترك لنا المرحوم جوبز جهازا مسطحا خفيفا نستطيع أن نرى فيه العالم بكل جهاته ونسمع أخبار ابطال الفضائيات ، وكان آخرهم وأعجبهم حديث السيد المالكي الذي قال فيه انه تنبأ بسقوط نظام بشار الاسد منذ مدة ، كيف " يامولانا " وجهاز " الآيفون " الذي اخترعه " الامبريالي " ستيف جوبز يدلنا على حوار تلفزيوني قديم مع جنابكم الكريم تحذرنا فيه من المساس بنظام بشار الاسد وتقول ساحمل بندقيتي وادافع عنه؟ .
للاسف لا تزال الامبريالية العالمية تترصدنا ، والا ما معنى ان يُصر جهاز الآيفون ان يعرض علينا صباح كل يوم على شاشته الصغيرة تصريحات سياسية مليئة باطنان من الكوميديا والتناقض لابطال الكرسي الذين صبغوا حياتنا بالخطابات المتلونة.
يشبه ما جرى للمرحوم ستيف جوبز ، ما يجري في قصة علاء الدين والمصباح السحري، ففي لحظة ما فرك هذ الرجل مصباح الاصرار ليقدم لنا درسا في المثابرة، لا مكان فيه لجمل وشعارات عن عملاء الإمبريالية الذين تسببوا في حرمان ابراهيم الجعفري من جائزة نوبل للاداب والرجل اصدر اكثر من 200 كتاب .