TOP

جريدة المدى > سياسية > العراق متأخر في معالجة ملف النفايات.. مواقع الطمر غير القانونية والأساليب البدائية تهدد البيئة

العراق متأخر في معالجة ملف النفايات.. مواقع الطمر غير القانونية والأساليب البدائية تهدد البيئة

نشر في: 25 فبراير, 2025: 12:08 ص

 بغداد/ تبارك عبد المجيد

يُعد العراق من الدول التي تأخرت في ملف إدارة النفايات، على الرغم من وجود إنتاج يومي كبير من النفايات، إذ ما يزال يعتمد بشكل رئيسي على الطمر والحرق كوسائل للتخلص منها، وهو ما يشكل تهديدًا كبيرًا للبيئة، لا سيما مع وجود 72% من مواقع الطمر الصحي في العراق غير قانونية.
ووفقا لمراقبون فإن غياب الاستدامة في المشاريع البيئية الحكومية، يعكس ضعفًا في التزام الجهات المعنية بتنفيذ حلول فعّالة وطويلة الأمد للتعامل مع التلوث.

مشاريع جديدة
وفي حديثها عن التحديات البيئية التي يواجهها العراق، سلطت، أماني التميمي، أستاذة كلية التحسس النائي والفيزياء الجيوفيزيائية بجامعة الكرخ للعلوم، الضوء على أهمية تبني حلول مستدامة لمكافحة التلوث.
ومع تنامي مشكلة النفايات في المدن العراقية، وخصوصًا في بغداد، اعتبرت التميمي أن "الوقت قد حان لتفعيل استراتيجيات إعادة التدوير، التي تعد إحدى الوسائل الفعّالة لمعالجة هذه النفايات وتقليل الملوثات".
وأوضحت التميمي في حديث لـ(المدى)، الفرق بين الطاقة المتجددة والطاقة المستدامة، مبرزة الفوائد البيئية لكل منهما: "الطاقة المتجددة، مثل الطاقة الشمسية والرياح والمياه، هي طاقة نظيفة لا تنتج أي انبعاثات ملوثة، ما يجعلها خيارًا مثاليًا في عصر يعاني من أزمة تلوث، بينما الطاقة المستدامة، مثل طاقة الكتلة الحيوية وإعادة التدوير، تعتمد على تقنيات أقل تلويثًا، مما يجعلها أكثر كفاءة في تقليل آثار التلوث، وبالتالي تساهم في الحفاظ على التوازن البيئي".
وتحدثت التميمي عن دور إعادة التدوير في العراق، مشيرة إلى بعض المبادرات التي بدأت تأخذ شكلًا رسميًا، مثل توقيع عقود استثمارية بين وزارة الكهرباء وهيئة الاستثمار لإنشاء مصانع لإعادة التدوير في مناطق مثل أبو غريب والنهروان، مبينة أن الهدف من تلك المشاريع هو الاستفادة من النفايات بشكل مبتكر: إما بحرقها لتحويلها إلى طاقة، أو تحويلها إلى غازات تستخدم لتشغيل توربينات توليد الكهرباء، هذا الحل لم يكن فقط وسيلة للتخلص من النفايات، بل كان أيضًا طريقة لتوفير طاقة إضافية، وهي فائدة مزدوجة يهدف الجميع للاستفادة منها.
لكن التحدي الأكبر الذي يواجهه العراق، كما أوضحت أستاذة كلية التحسس النائي والفيزياء الجيوفيزيائية، هو الاستخدام المفرط للبلاستيك، مشيرة الى انه "مع كل قطعة بلاستيك يتم استخدامها في الحياة اليومية، تتزايد المخاطر البيئية والصحية، البلاستيك، الذي يستغرق مئات السنين للتحلل، لا يشكل تهديدًا بيئيًا فحسب، بل يلوث التربة والمياه الجوفية، ويصل إلى السلسلة الغذائية، مما يضر بصحة الإنسان. لهذا، طالبت التميمي بالتركيز على تقليل استخدام البلاستيك واستبداله بمواد قابلة للتحلل مثل الزجاج والمعادن القابلة لإعادة الاستخدام".
كان حديث التميمي بمثابة دعوة للعودة إلى الأساسيات، والسلوكيات البيئية التي كان المجتمع العراقي يطبقها في الماضي، إذ كان العراقيون يستخدمون مواد طبيعية وقابلة للتحلل، قبل أن يغزو البلاستيك حياتهم. وأكدت التميمي أن تعزيز الوعي البيئي في المجتمع العراقي وإحياء هذه الممارسات البيئية التقليدية هو السبيل للمضي قدمًا في مواجهة التحديات البيئية الراهنة.
لم تقتصر التميمي على التوجيه بالنصائح فقط، بل أكدت على ضرورة تكاتف الجهود بين الحكومة والمجتمع المدني لتبني استراتيجيات فعّالة لإعادة التدوير، وتحقيق استدامة بيئية من خلال تقليل استخدام البلاستيك. كانت رسالتها واضحة: من خلال هذه الخطوات الصغيرة، يمكن للعراق أن يبدأ في بناء بيئة أكثر صحة واستدامة للأجيال القادمة.
من جهته، أشار المتحدث باسم وزارة البيئة، لؤي المختار، إلى أن هناك العديد من الجهات الحكومية التي لا تلتزم بالمعايير البيئية اللازمة، مما يعمق من معاناة العراق في معالجة مشكلاته البيئية.
وأوضح المختار في حديث لـ(المدى) أن "تلوث الهواء في مدينة بغداد لا يزال يشكل تحديًا حقيقيًا، بسبب غياب الاستدامة في اتخاذ الإجراءات البيئية المناسبة من قبل المؤسسات الحكومية المختلفة التي تساهم في هذا التلوث، مثل أمانة بغداد، ووزارة الكهرباء، ووزارة الداخلية". وأضاف المختار أن فرق وزارة البيئة الرقابية قد رصدت عمليات حرق غير قانونية للنفايات في عدة مواقع، من أبرزها معسكر الرشيد. وأكد أن الوزارة مستمرة في الضغط على جميع الأنشطة، سواء في القطاع الحكومي أو الخاص، للحد من هذه المخالفات وضمان اتخاذ إجراءات صارمة للحد من التلوث البيئي.

إدارة "بدائية"!
من جانبه، يبين الناشط البيئي أحمد الهيتي أن "إدارة النفايات في العراق لا تزال تعاني من تأخر كبير في التطور، حيث يُتعامل مع النفايات في بعض المناطق بأساليب بدائية لا تتماشى مع المعايير البيئية الحديثة".
ويقول الهيتي في حديث لـ(المدى)، إن "دفن النفايات في باطن الأرض أو إخفائها تُعد من أكثر الطرق التي يتم اتباعها في بعض الأحيان، إلى أن هذه الأساليب تضر بالبيئة بشكل ملحوظ. فهي تؤثر على التربة والمياه الجوفية، بالإضافة إلى تسببها في انتشار الروائح الكريهة التي تؤثر على جودة الهواء، ما يعزز من احتمالية انتشار الأمراض".
وأضاف الهيتي أن "بعض المناطق في العراق تشهد تصريف النفايات في الأنهار العذبة، وهو ما يشكل تهديدًا خطيرًا للبيئة المائية. فهذه النفايات لا تؤدي فقط إلى تلوث المياه التي يعتمد عليها السكان في شربهم، بل تهدد أيضًا الحياة البحرية من أسماك وأنواع أخرى من الكائنات التي تعيش في تلك المسطحات المائية".
وأشار إلى أن "النفايات الطبية تُعد تهديدًا إضافيًا للمياه النظيفة، مما يعكس الصورة القاتمة للمشكلات البيئية التي يعاني منها العراق"، مشدّدًا على ضرورة "اتخاذ إجراءات سريعة للتعامل مع هذه القضايا البيئية المقلقة".
وبين، أن "عدد مواقع الطمر في العراق لا يزال غير معروف بشكل دقيق أو محدد حتى الآن، وهو ما يعكس التحديات التي تواجه البلاد في التعامل مع النفايات بشكل صحيح". وأشار إلى إن "العراق يمتلك معملين فقط لفرز وتدوير النفايات، وهو ما يمثل نسبة ضئيلة جدًا مقارنة بحجم النفايات المنتجة".
وفقا لبيانات مرصد العراق الأخضر، فإن نسبة المواقع التي حصلت على الموافقة البيئية لا تتجاوز 28 في المئة من إجمالي عدد مواقع الطمر الصحي في البلاد، بينما توجد 14 محطة تحويلية معتمدة بيئيًا من أصل 87 محطة منتشرة في مختلف المحافظات، كما تم تدوير 11,495 طن من النفايات الاعتيادية في عام 2020، وهو رقم ضئيل للغاية مقارنة بما تم نقله إلى مواقع الطمر، والذي بلغ 19.7 مليون طن.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق للكتاب

مقالات ذات صلة

خارطة مبكرة للتحالفات الانتخابية.. إحياء
سياسية

خارطة مبكرة للتحالفات الانتخابية.. إحياء "العراقية" وقائمة لـ"الفصائل"

بغداد/ تميم الحسن انطلقت في العراق سلسلة من التحالفات الجديدة استعدادًا للانتخابات التشريعية المقبلة، المتوقعة نهاية العام الحالي 2025. ويعود في هذه التحالفات اثنان من "شيوخ القوائم" الذين كانوا قد رَعوا في تجارب سابقة...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram