علي حسين
اخبرنا السيد نوري المالكي مشكورا باننا في بلاد الرافدين سنعيش هذا العام صيفا ساخناً ، والسبب كما قال سيادته ان هناك مشكلة في الكهرباء .. تخيل جنابك ان رئيس وزراء لمدة ثماني سنوات ، حصل العراق في عهده على مئات المليارات من الدولارات من اموال النفط ، يخرج علينا اليوم ليقول "تحملوا " .. ربما تدرك عزيزي القارئ حجم الكارثة عندما تعرف ان العراق صرف على الكهرباء منذ عام 2005 وحتى عام 2019 أكثر من 81 مليار دولار، عداً ونقداً، حسب تقارير هيئة النزاهة ، وتصور جنابك ان احد وزراء النفط السابقين السيد قاسم الفهداوي، الذي تولى الوزارة في حكومة حيدر العبادي خرج ذات يوم على احدى الفضائيات ليخبرنا بان الحكومة العراقية تلقت اثناء توليه الوزارة عرضاً من السعودية بتوفير الغاز الذي تحتاجه بغداد وبأسعار أقل من الأسعار العالمية. وأضاف أن الرياض أكدت لبغداد أن دفعة من الغاز ستصل في أقل من 24 ساعة عبر الكويت، بالإضافة إلى كمية أخرى تصل من الرياض خلال 6 أيام. الوزير قال في تصريحه التلفزيوني إن رئيس الوزراء حينها وافق على العرض، وتم الاتفاق على موعد توقيع الاتفاقيات، لكن تم إلغاء العرض قبل توقيعه بيوم، بسبب ضغوطات سياسية واحزاب تغضب من ذكر اسم السعودية او الامارات ، ويفجر الوزير الاسبق مفاجأة عندما يخبرنانحن المشاهين ان المشروع لم يحظ بموافقة الجارة إيران . وحتى لا اتهم بالمبالغة فان حديث الوزير موجود على موقع غوغل .
ما الجديد في حديث السيد المالكي عن الصيف الساخن ؟ لا شيء، سرقة بوضح النهار، مجموعة من كبار المسؤولين قرروا نهب الأخضر واليابس، فإذا هبطت أسعار النفط، وشح المال غادروا مناصبهم وتحوَّلوا إلى أصحاب ثروات فلكية، لا أعتقد أنني بحاجة إلى أن أعيد على مسامعكم أسماء السادة "النهاب"؟ .
والآن اسمحوا لي أن أصدع رؤوسكم بحكاية حسين الشهرستاني الذي أخبرنا عام 2008، أنه سيصدر الكهرباء للصين، وإذا بنا بعد أن ضياع 81 مليار دولار عداً ونقداً، ننتظر صيفا ساخنا جديدا عام 2025 .
ولأن العشوائية هي المتحكم الرئيس في كل حياتنا فيصعب أن نعثر على رقم واحد وحقيقي للمبالغ التي صرفت على الكهرباء، فاللعب بالأرقام سياسة حكومية مستمرة منذ أن أقسم السيد الشهرستاني بأنه سيجعل العراق في مقدمة البلدان المصدرة للنفط وأطلق تصريحه الشهير عن ثمار الزيادة في صادرات النفط،، ثم طور السيد المالكي الأمر بأن قال "إن العراقيين يعيشون أزهى عصورهم"، طبعاً الفقراء في العراق لا تشغلهم عبارات الشهرستاني عن تصدير الكهرباء للمريخ ، كل ما يشغلهم عجزهم عن فهم عبارة السيد المالكي عن " الصيف الساخن " الذي ينتظرهم .