TOP

جريدة المدى > سياسية > من نينوى إلى أربيل وبغداد.. مرضى السرطان في الموصل يتكبدون عناء السفر بسبب نقص العلاج!

من نينوى إلى أربيل وبغداد.. مرضى السرطان في الموصل يتكبدون عناء السفر بسبب نقص العلاج!

تأخيرات بالتنفيذ واحتياجات صحية متزايدة

نشر في: 3 مارس, 2025: 01:16 ص

بغداد/ تبارك عبد المجيد

 

تفاقمت الازمة الصحية في محافظة نينوى بشكل كبير بعد تحريرها من سيطرة تنظيم داعش. وعلى الرغم من مرور سنوات على انتهاء العمليات العسكرية، إلا أن آثار الدمار لا تزال واضحة على البنية التحتية الصحية، في ظل تصاعد احتياجات السكان المتزايدة.
وبينما ينتظر سكان نينوى تنفيذ الوعود الحكومية لتحسين الواقع الصحي، تبقى الحلول العاجلة والجدية مطلبًا ملحًا لإنقاذ حياة مرضى السرطان في محافظة أنهكتها الحروب والأزمات.

 

ويقول عبد القادر سالم، مدير مستشفى الأورام في الموصل، إن "حالات الإصابة بالسرطان في المحافظة لا تزال ضمن المعدلات الطبيعية وفقاً للنسب العالمية"، مشيراً إلى أن "الزيادة السنوية في الإصابات تعود بشكل رئيسي إلى النمو السكاني المتزايد."
وأضاف أن المستشفى الحالي يعمل من موقع بديل يفتقر إلى المساحة الكافية لتقديم الخدمات اللازمة لمرضى السرطان، في محافظة يقدر عدد سكانها بحوالي 5 ملايين نسمة.
وفقا للأرقام الرسمية، بلغت أعداد المراجعين خلال العام السابق 229694 مراجعاً في الموقع البديل. منهم 57642 بسبب الأورام، و17012 لتلقّي الجرعات الكيميائية، و8738 لاستشارات الطب النووي، و616 لاستشارات العلاج الإشعاعي، والبقية لإجراء الفحوصات المختبرية والأشعة والسونار.
وفي حديثه لـ(المدى)، بين سالم أن "غياب أجهزة العلاج الشعاعي نتيجة عدم اكتمال بناء المستشفى الجديد، يجبر المرضى على السفر إلى خارج المحافظة لتلقي العلاج". ومع ذلك، أكد أنه من المتوقع أن يتم حل هذه المشكلة قريباً مع الانتقال إلى الموقع الجديد للمستشفى.
وأوضح أن "أعمال البناء في المستشفى الجديد، الذي يتم إنشاؤه بدعم من برنامج الأمم المتحدة الإنمائي والحكومة المحلية، قد وصلت إلى نسبة إنجاز تجاوزت 90 في المئة، ومن المتوقع افتتاحه في شهر نيسان من العام الحالي".
واستدرك قائلاً، أن "المستشفى الجديد سيكون من بين أفضل المستشفيات في العراق، حيث سيحتوي على 100 سرير ومجهز بأحدث التقنيات الطبية. من بين هذه التجهيزات، ستكون هناك ثلاثة أجهزة معجلات خطية حديثة وأجهزة متطورة لعلاج السرطان، بالإضافة إلى 33 غرفة مخصصة للعلاج بكبسولات اليود المشع، وهي مصممة بعزل خاص لضمان سلامة المرضى والمحيطين بهم أثناء فترة العلاج".
فيما يتعلق بالأدوية والفحوصات المختبرية، اوضح سالم أنها متوفرة بشكل مستمر بفضل التعاون المثمر مع الجهات الحكومية، مشيداً بتأمين الأدوية السرطانية التي وصلت نسبة توفرها في عام 2024 إلى 98 في المئة.
واكد خلال حديثه أن "المستشفى الجديد سيكون نقلة نوعية في خدمات الرعاية الصحية لمرضى السرطان، ليس فقط في الموصل بل في المحافظات المجاورة أيضاً، مما سيساهم في تخفيف العبء عن المرضى ويوفر لهم رعاية طبية عالية الجودة".
من المقرر إنشاء خمسة مستشفيات في مناطق مختلفة من محافظة نينوى، أربعة منها وضع الحجر الأساس لها والآخر تم استحصال الموافقات لإنشائه. المستشفيات ستبنى في كل من قضاء سنجار ونواحي زمار، بعشيقة، بحزاني ووانكي، ضمن موازنة تنمية الأقاليم وصندوق إعمار العراق.
من جهته، يؤكد سعد الوزان، المراقب بالشأن المحلي في نينوى، أن القطاع الصحي في المحافظة يعيش أوضاعًا حرجة، مشيرًا إلى أن "العمليات العسكرية ألحقت أضرارًا جسيمة بالمستشفيات والمراكز الصحية، ما أدى إلى خروج العديد منها عن الخدمة أو تضررها بشكل بالغ".
ويبين الوزان في حديث لـ(المدى)، أنه "ورغم الجهود الحكومية المعلنة، إلا أن الأرقام تكشف عن فجوة واسعة بين الحاجة الفعلية والقدرة الاستيعابية الحالية. إذ تمتلك المحافظة نحو 2000 سرير فقط، وهو رقم لا يلبي سوى جزء بسيط من احتياجات السكان، بينما وعدت الحكومة المحلية بزيادة العدد إلى 6000 سرير عبر مشاريع جديدة، إلا أن هذه المشاريع تواجه عقبات كبيرة تحول دون إنجازها".
من بين المشاريع التي توشك على الاكتمال، يشير الوزان إلى "مستشفى الطوارئ "أم الربيعين" بنسبة إنجاز تجاوزت 90 في المئة، إلا أن مستشفيات أخرى مثل "ابن سينا" في الجانب الأيمن من الموصل لا تزال متعثرة بسبب تأخر المصادقة على التصاميم، مما يعكس واقعًا هشًا لا يتناسب مع التحديات الصحية التي تواجهها المحافظة".
وفيما يتعلق بعلاج مرضى السرطان، يقول إن المعاناة تتضاعف مع افتقار نينوى إلى مركز متخصص لعلاج الأورام. المستشفى الوحيد المخصص لهذا الغرض يعتمد على تمويل من برنامج الأمم المتحدة الإنمائي (UNDP)، إلا أن الشركة المنفذة للمشروع وُصفت بأنها "سيئة للغاية"، ما أدى إلى تأخر الإنجاز رغم أنه كان من المفترض الانتهاء منه نهاية عام 2022.
ولفت الوزان إلى "غياب الأجهزة التخصصية لعلاج السرطان يجبر مئات المرضى سنويًا على السفر إلى مدن أخرى مثل بغداد، أربيل، النجف، وكربلاء، أو حتى خارج العراق إلى دول مثل تركيا والهند، ما يضيف أعباء مالية ونفسية على المرضى وعائلاتهم".
التحديات الصحية في نينوى تتفاقم مع تسجيل زيادة ملحوظة في أعداد المصابين بمرض السرطان.
ورغم عدم توفر إحصائيات رسمية، تشير تقارير غير معلنة إلى تسجيل نحو 1800 حالة إصابة جديدة خلال الربع الأخير من عام 2024 فقط، مما يعكس خطورة الوضع.
الى ذلك، يربط الناشط البيئي عمر العكيلي بين ارتفاع الإصابات بالأمراض السرطانية في الموصل وتأثيرات الحرب التي شهدتها المدينة بين عامي 2015 و2017.
ويقول العكيلي في حديثه لـ(المدى)، إن "استخدام أسلحة محرمة دولياً تحتوي على اليورانيوم خلال العمليات العسكرية للتحالف الدولي، أسهم في تلوث بيئي خطير أثر بشكل كبير على صحة المواطنين".
ويضيف أن الحرب خلفت أزمات نفسية ومعيشية صعبة على السكان، مما زاد من تفاقم الوضع الصحي في المدينة.
لكن الحرب ليست السبب الوحيد للمشكلات البيئية والصحية في الموصل، حسبما يذكر العكيلي. فمنذ التسعينيات، أصبحت مولدات الديزل المنتشرة في الأحياء السكنية أحد المصادر الرئيسية لتلوث الهواء، إلى جانب عوادم المركبات التي تعمل بوقود غير مطابق للمعايير البيئية. كما يشير إلى أن أزمة النفايات المتراكمة في شوارع المدينة وفي مواقع الطمر غير النظامية تعد من الأسباب الرئيسية لتلوث التربة والمياه الجوفية، خاصة مع عمليات حرق النفايات التي تنشر أدخنة ضارة تؤثر على جودة الهواء.
ويلفت العكيلي الى، أن "البنية التحتية للصرف الصحي في الموصل ما زالت بدائية، حيث يعتمد السكان على خزانات أرضية لتصريف المياه الثقيلة، مما يؤدي إلى تسرب هذه المياه إلى المياه الجوفية، فضلاً عن تدفق مياه المجاري بشكل مباشر إلى نهر دجلة، الذي يعد المصدر الرئيسي للمياه التي يتم ضخها للسكان. كما أن العديد من المواد المتوفرة في الأسواق المحلية تسبب أمراضاً خطيرة، ويشمل ذلك الاستخدام العشوائي والضار للمواد البلاستيكية في الحياة اليومية".
وفيما يتعلق بالتحديات الصحية، يشير العكيلي إلى أن "الوضع الصحي في الموصل يعاني من ضعف الخدمات في المستشفيات الحكومية وغياب التخصصات الطبية. هذا يؤدي إلى سفر الكثير من المرضى إلى مدن أخرى مثل أربيل أو بغداد لتلقي العلاج"، وهو ما يعتبره أمراً مرهقاً مادياً ونفسياً.
ويردف، أن "القطاع الخاص أصبح خياراً مكلفاً لا يمكن تحمله من قبل العديد من المواطنين، خصوصاً في ظل الأوضاع المعيشية الصعبة التي يعانون منها".

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق للكتاب

مقالات ذات صلة

بعد دعوة
سياسية

بعد دعوة "أوجلان" لنزع سلاح "العمال".. تركيا لن تنسحب قريباً من العراق

بغداد / تميم الحسن لا يُتوقع بأي حال من الأحوال أن تنسحب تركيا قريبًا من العراق، عقب دعوة عبد الله أوجلان، زعيم "العمال الكردستاني"، إلى نزع سلاح حزبه. يسيطر الحزب المعارض لأنقرة، المعروف بـ"بي...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram