بغداد/ محمد العبيدي
تثير خطوة حزب العمال الكردستاني، بعد بيان زعيمه عبدالله أوجلان التاريخي، تساؤلات حول مستقبل التنظيمات المسلحة في الشرق الأوسط، خصوصًا في العراق، حيث يُطرح ملف ضبط السلاح بين الفصائل المسلحة كأحد العناوين المطروحة في المشهد السياسي.
ومع رسالة زعيم حزب العمال الكردستاني عبد الله أوجلان التي دعا فيها إلى حل الحزب وإلقاء السلاح، وجد الملف صداه في بغداد، حيث تصاعد الحديث عن تداعيات هذه الخطوة على المشهد الأمني والسياسي، وفي ظل التحولات الإقليمية، تتجه الأنظار إلى الجماعات المسلحة في العراق، وفيما إذا كانت ستتخذ مسارًا مماثلًا لحزب العمال.
ويُنظر إلى إعلان أوجلان باعتباره جزءًا من مشهد أوسع يرتبط بمفهوم "الشرق الأوسط الجديد"، حيث تشهد المنطقة تغيرات جوهرية في التعامل مع التنظيمات المسلحة، وهو ما يتجلى في سياسات بعض الدول التي بدأت بإعادة رسم استراتيجياتها تجاه هذه الجماعات.
إعادة تشكيل المشهد الأمني
وقال الباحث بالشأن الأمني عماد علو إن "العراق في قلب عملية التغيير الجيوسياسي والستراتيجي، في الشرق الأوسط الجديد، الذي يُراد له نزع سلاح المجموعات غير النظامية، خاصة وأن العراق ينظر إليه كصاحب مشروع طريق التنمية الذي ستعبر منه الطاقة البترولية بعد الأزمات التي شهدتها أوروبا".
وأوضح لـ(المدى) أن "الاتجاهات الحالية تشير إلى إعادة تشكيل المشهد الأمني في المنطقة، عبر خلق بيئة جغرافية آمنة وإنهاء الجماعات المسلحة التي كانت ترتبط بأجهزة مختلفة وأجندات إقليمية".
وأضاف علو أن "الفصائل المسلحة في العراق لا يُتوقع أن توافق على نزع سلاحها، نظرًا لارتباطها بغطاء سياسي متنفذ داخل العملية السياسية، ما يؤكد أن ملف الدمج أو نزع السلاح يواجه عقبات كبيرة، أبرزها المخاوف لدى القوى السياسية الفاعلة، فضلًا عن انعدام الثقة بين المكونات السياسية". وفي ظل هذه التطورات، تبرز مواقف الدول الإقليمية التي لطالما تعاملت مع حزب العمال الكردستاني وفق حسابات أمنية وسياسية معقدة، حيث تبدو تركيا المستفيد الأكبر من هذا التحول، بينما يظل موقف إيران أكثر تعقيدًا نظرًا لتداخل مصالحها في العراق وسوريا.
ويشير محللون إلى أن مستقبل التنظيمات المسلحة في المنطقة أصبح موضع إعادة تقييم في ظل الضغوط الإقليمية والدولية، حيث بات التعامل مع الجماعات المسلحة خارج إطار الدولة محل مراجعة مستمرة، خصوصًا بعد التحولات الأخيرة في المشهد الكردي، إذ يُنظر لهذه التطورات باعتبارها اختبارًا جديدًا للتوازنات في الشرق الأوسط، حيث تبرز معادلة "الدول مقابل الدول" كمسار متزايد في التعامل مع الملفات الأمنية، في مقابل تراجع الأدوار التقليدية للجماعات المسلحة التي لطالما شكلت جزءًا من المشهد الإقليمي.
ممانعات إعلامية
من جهته، رأى الباحث في الشأن السياسي محمد نعناع أن "اندماج حزب العمال الكردستاني في الحياة السياسية وإلقاء السلاح يحفز بلا شك، مطالبات ضبط السلاح وحصره بيد الدولة في العراق" معتبرًا أن "هذا الأمر بات مفروغًا منه تمامًا في سياق التحولات التي تشهدها المنطقة".
وأوضح نعناع لـ(المدى) أن "الممانعات الإعلامية التي تبديها بعض الفصائل والميليشيات، تجاه هذه المتغيرات لن تستمر طويلًا، إذ ستتلاشى تدريجيًا مع تسارع الأحداث، على غرار تأثير سقوط أحجار الدومينو في سلسلة مترابطة"، مشيرًا إلى أن "المشهد الإقليمي يشهد تحولًا شبيهًا بتداعيات انهيار نظام بشار الأسد، حيث أدى ذلك إلى تغييرات جوهرية في التوازنات السياسية والأمنية". وتعكس التحركات الجارية في بعض الدول استجابتها للضغوط الدولية وتفاعلها مع مشروع "الشرق الأوسط الجديد"، وهو ما يضع حكومة بغداد أمام تحدٍ كبير في كيفية التعامل مع ملف الجماعات المسلحة.