بغداد/ تميم الحسن

قال مصدران في أحزاب حاكمة، إن قضية "دمج الفصائل" لا تزال تواجه خلافات على الرغم من مرور شهر على بدء النقاشات، فيما تزداد التحذيرات من "عقوبات اقتصادية" وشيكة.
ويفترض أن بغداد بدأت منذ أكثر من شهر، التفاوض لنزع سلاح فصائل متورطة في الهجوم على قواعد أمريكية و"إسرائيلية".
وتدفع القوى الحاكمة الشيعية في العراق نحو حل تتجنب فيه عقوبات أمريكية متوقعة، يتضمن حل الفصائل وبقاء "الحشد".
ولا تزال حتى اللحظة، المفاوضات مع 4 جماعات مسلحة تُوصف بـ"المتمردة"، تواجه صعوبات تتعلق بـ"شروط الفصائل"، وفق مصادر تحدثت لـ(المدى).
وأكدت المصادر أن "الخلافات مستمرة منذ نحو 4 أسابيع، بسبب شروط غير معقولة تضعها تلك الجماعات، تتعلق بالحصول على مناصب مهمة".
وتضع الفصائل شروطًا مرتفعة للتنازل عن السلاح، مثل الحصول على مناصب: رئيس المخابرات، مستشارية الأمن الوطني، رئيس أركان الحشد (بعد التنازل عن مطلب رئاسة الحشد)، مديرية الأمن الوقائي في الحشد، استخبارات الحشد.
كذلك، تطمح هذه الجماعات إلى الحصول على حصة من "السفراء"، على الرغم من أن أغلب عناصرها لا يملكون "شهادات ابتدائية"، بحسب المصادر.
فضلًا عن ذلك، هناك "ضبابية"، وفق ما تقوله المصادر، حول عدد عناصر وأسلحة تلك الجماعات، وهي قضايا "تصعّب عملية التفاوض لتفكيك هذه المجموعات.
وحتى الآن، تعلن الجماعات المسلحة رفضها "تسليم السلاح"، لكن المصادر تعتبر هذا الرفض "ضمن لعبة المفاوضات"، لزيادة الضغط على المفاوضين للحصول على مكاسب، على حد وصفها.
وفي وقت سابق، نفى رئيس المكتب السياسي لحركة النجباء، علي الأسدي، "وجود أي حوار يتعلق بحل الفصائل المقاومة أو نزع سلاحها"، مؤكدًا في تصريحات صحفية أن "الحكومة لم تخاطبنا بذلك".
وأضاف: "نحن في حركة النجباء لم ولن نرمي سلاحنا... ولدينا أسلحة ثقيلة".
وقال القيادي في النجباء: "المقاومة ستترك السلاح لو طلب منا السيد السيستاني ذلك بصراحة وبشكل مباشر".
وكان رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، قد أكد الشهر الماضي، أن حكومته تعمل على دمج الفصائل ضمن الأطر القانونية والمؤسساتية.
ونقلت "رويترز" في وقت سابق عن وزير الخارجية فؤاد حسين، قوله إن "الحكومة تحاول إقناع الفصائل المسلحة في البلاد بإلقاء السلاح أو الانضمام إلى الجيش والقوات الأمنية الرسمية".
وأشار حسين، خلال زيارة رسمية إلى لندن الشهر الماضي، إلى أنه "منذ عامين أو ثلاثة أعوام كان من المستحيل مناقشة هذا الموضوع في مجتمعنا، لكن الآن أصبح من غير المقبول وجود مجموعات مسلحة تعمل خارج إطار الدولة".
ما رأي الإطار التنسيقي؟
ذهب السوداني إلى إيران في كانون الثاني الماضي، بعد تسرب معلومات عن طلب أمريكي لـ"دمج الفصائل".
مستشار للسوداني، وعمار الحكيم، زعيم تيار الحكمة، كشفا نهاية العام الماضي، عن وجود مطالب أمريكية بخصوص الفصائل.
وأثناء تلك السجالات، كان إسماعيل قاآني، قائد فيلق القدس الإيراني، قد وصل إلى بغداد، وتسربت معلومات عن "ضوء أخضر" من إيران للتصرف مع الفصائل التي تُعرف بـ"المتمردة".
لكن السيد علي خامنئي، المرشد الإيراني، طلب من السوداني، أثناء زيارة الأخير إلى طهران، "تعزيز الحشد" و"طرد الأمريكيين".
وفور عودة السوداني إلى بغداد، أصدر الإطار التنسيقي بيانًا نفى فيه مناقشة "دمج الحشد بوزارة الدفاع".
لكن بعد أيام قليلة من بيان "الإطار"، كشف وزير الخارجية عن مفاوضات بهذا الشأن.
وشنّت الفصائل بالمقابل "هجومًا كلاميًا" على فؤاد حسين والحكيم على خلفية التصريحات المتعلقة بالفصائل.
يعتقد إحسان الشمري، أستاذ السياسات في جامعة بغداد، أن المطالب التي أعلنتها حكومة السوداني بشأن إنهاء الجماعات المسلحة، والتي قد تُفرض بالقوة إذا لم تُنفذ، ستواجه رفضًا من "الحاضنة الشيعية"، والمتمثلة في الإطار التنسيقي.
ويتابع قائلًا لـ(المدى): "تعتقد هذه الحاضنة أن نزع سلاح الفصائل المسلحة يمثل بداية إضعاف المكون الشيعي كقوة سياسية، ويُعد مقدمة لاستهداف وجودهم داخل العملية السياسية".
في تشرين الأول الماضي، عندما نقل محمد الحسان، ممثل الأمين العام للأمم المتحدة في العراق، عن اية الله السيد علي السيستاني، المرجع الأعلى، طلبه "حصر السلاح"، تم تحويل الكلام إلى جوانب أخرى.
أغرب تفسير لكلام المرجع الأعلى جاء من أحد المقربين من الإطار التنسيقي، حيث قال إن السيستاني يقصد "سلاح القوات الأمريكية في العراق"!.
وطلب مقتدى الصدر، زعيم التيار الصدري، في عيد الجيش الأخير، ضرورة "حصر السلاح والجماعات المنفلتة". لكن قيس الخزعلي، زعيم "العصائب"، رفض في حوار تلفزيوني قبل أيام دعوات تسليم سلاح الفصائل.
وقال إن "سلاح الفصائل ليس منفلتًا، ولا يسبب مشاكل داخلية، وهو سلاح لن يُستخدم في مشاكل أو نزاعات داخلية".
وقبل ذلك، تساءل قيس الخزعلي في لقاء أجراه قبل شهر، قائلًا: "يجب أن نعرف ما هو المقصود بضبط السلاح في إطار الدولة، فهل تعني المرجعية أن ينضبط السلاح بإزاء إسرائيل؟".
المشهد من الخارج
تنفي الحكومة والقوى الشيعية وجود "عقوبات أمريكية" بسبب النفوذ الإيراني في العراق. الأسبوع الماضي، اتصل وزير الخارجية الأمريكي، ماركو روبيو، بـ"السوداني"، وطلب منه "الحد من النفوذ الإيراني الخبيث"، وهو تعبير لم يرد في النسخة العراقية من البيان.
وتعتقد القوى الحاكمة الشيعية أن أطرافًا عراقية تطلب من "نواب جمهوريين" أمريكيين إطلاق تهديدات لتوليد ضغط داخلي.
يقول النائب عدنان الزرفي، وهو مرشح سابق لرئاسة الحكومة، إن "الحشد مؤسسة تهدد الأمن الإقليمي، وواشنطن تريد حل هذه الجماعة".
الزرفي، الذي وُصف بأنه لديه علاقات مع جمهوريين، أكد في مقابلة تلفزيونية أن "رواتب الحشد مهددة لأنه لا يُعرف أين تذهب هذه الرواتب".
وأوضح أن "70‌% من عناصر الحشد متسربة وتعمل في أعمال أخرى غير معروفة".
وقال إن "واشنطن سوف تفرض عقوبات اقتصادية وتستهدف شخصيات قريبة من إيران"، واصفًا العقوبات بأنها "ستُنفذ هذه المرة، ليس كما في المرات السابقة".
وكان وزير الخارجية الأسبق هوشيار زيباري قد توقّع في تصريحات قريبة، بأن العراق قد يواجه وضعًا اقتصاديًا "صعبًا" بعد شهر رمضان، بسبب التعامل مع إيران.
ويتفق الزرفي وزيباري على أن واشنطن تراقب تمويل الحشد البالغ نحو "4 تريليونات دينار" حسب موازنة 2024، و"تهريب النفط"، و"الدولار".