ذي قار / حسين العامل
كشفت مديرية بيئة ذي قار عن توجيه 106 إنذارات لمخالفات بيئية متنوعة خلال عام 2024، وفيما تحدثت عن عدم التزام الدوائر الحكومية بالضوابط والمعايير والإجراءات البيئية، أشارت إلى مخالفات تتعلق برمي مخلفات الصرف الصحي في الأنهار ومخلفات نفطية تلوث التربة والهواء.
ويواجه الواقع البيئي في محافظة ذي قار، مركزها مدينة الناصرية (375 كم جنوب العاصمة بغداد)، جملة من التحديات البيئية تتمثل في انحسار المساحات الخضراء وزحف التصحر الناجم عن المتغيرات المناخية وتفاقم مشاكل العواصف الغبارية، فيما تشكل مكبات النفايات غير النظامية، والجزر العشوائي، ونقص الخدمات البلدية، ورمي مياه الصرف الصحي في الأنهار التي تُستخدم كمصادر لمياه الشرب، تحديًا وتهديدًا كبيرًا لصحة وحياة السكان المحليين، ناهيك عن الملوثات والمخلفات التي تطرحها المنشآت والنشاطات الصناعية والمهنية المخالفة للضوابط والمحددات البيئية.
وعن الإجراءات التي تتخذها مديرية بيئة ذي قار حيال التحديات والمخالفات البيئية، قال مدير الدائرة الدكتور موفق حامد خضير لـ(المدى) إن «ملاكات مديرية البيئة تعتمد جملة من الإجراءات الرقابية لرصد المخالفات البيئية، تبدأ بالكشف الموقعي للتحقق من المخالفة أو عدمها، وعند ثبوت المخالفة يُوجَّه إنذار أولي لصاحب النشاط المخالف لغرض رفع المخالفة، وهذا الإنذار مدته 10 أيام»، وأضاف: «إذا التزم المخالف بإزالة المخالفة ضمن السقف الزمني المحدد يُرفع الإنذار، وإن لم يتقيد، نتخذ بحقه إجراءات قانونية أخرى».
وأشار خضير إلى أن «عدد المخالفات التي تم توجيه إنذار بشأنها خلال عام 2024 بلغ 106 إنذارات لأنشطة صناعية وتجارية وخدمية مختلفة»، لافتًا إلى أن «العام المنصرم لم يشهد أي عملية غلق للنشاطات المخالفة أو فرض غرامات عليها»، مبينًا أن «إجراءات الغلق تتطلب موافقة وزير البيئة».
ويرى مدير بيئة ذي قار أن «الكثير من الدوائر الحكومية لا تتقيد بالضوابط والمحددات البيئية، وهو ما يضطر دائرة البيئة إلى توجيه إنذارات وفرض غرامات عليها في بعض الحالات»، منوهًا إلى أن «بعض الدوائر لا تسدد ما عليها من غرامات سابقة، بل إنها لا تتقيد حتى بأمر الغلق الذي يصدر من الوزير»، مبينًا أن «نشاط الدائرة المخالفة يجري غلقه، غير أنه سرعان ما يُستأنف العمل تحت ذريعة أنه نشاط يتعلق بالنفع العام».
وتحدث خضير عن أثر المخالفات البيئية الناجمة عن مخالفة الدوائر الحكومية للضوابط والمحددات البيئية وما يترتب عليها من أضرار على صحة وحياة المواطنين، مشيرًا إلى أن «من بين الدوائر المخالفة دائرة المجاري والمستشفيات التي ترمي مخلفات الصرف الصحي في الأنهار، إضافة إلى مصفى النفط وحقل الغراف ومحطة الطاقة الكهربائية».
واستطرد قائلاً: «إن مخالفات الشركات النفطية متنوعة، منها ما يتعلق بالتربة والهواء والماء، وإن أغلبها يتعلق بتلوث الهواء بسبب الغازات والأبخرة والروائح».
ودعا مدير بيئة ذي قار إلى «استحداث وحدات معالجة للمخلفات السائلة قبل التخلص منها عبر رميها في الأنهار، وإلى استخدام معامل الطابوق منظومات مرشحات حديثة لتنقية الغازات الناتجة عن تشغيل تلك المعامل، ناهيك عن استخدام مواد صديقة للبيئة واستخدام الغاز كوقود بدلاً من مادة النفط الأسود»، لافتًا إلى «وجود مخالفات في حقل نفط الغراف ناجمة عن رمي المخلفات النفطية»، منوهًا إلى أن «المخالفات الأخيرة تجري معالجتها عبر معالجة التربة الملوثة نفطيًا حال توجيه الإنذار لإدارة الحقل المذكور».
وعن مناطق الطمر الصحي، قال: «إن موقع الطمر الصحي الحالي في الناصرية غير نظامي كونه لم يستحصل الموافقات البيئية الأصولية، وقد اتخذنا سلسلة من الإجراءات القانونية والقضائية في هذا الصدد»، مشيرًا إلى أن «هناك موقعًا آخر للطمر الصحي حاصل على الموافقات البيئية، غير أن دائرة بلدية الناصرية لا تستخدمه تحت ذريعة أنه بعيد، وأن آليات نقل النفايات التابعة للبلدية قديمة وغير قادرة على الوصول إليه، أو أن طريق الوصول إلى موقع الطمر يتعارض مع أنبوب لنقل النفط».
وتشكل النفايات وعمليات الحرق العشوائي في مواقع الطمر الصحي بمحافظة ذي قار خطرًا كبيرًا على الأهالي والمناطق القريبة منها، إذ يعاني الكثير من سكان المناطق من أمراض تنفسية ناجمة عن السحب الدخانية والروائح الكريهة المنبعثة من حرائق النفايات، وهو ما دفع مجاميع من السكان إلى تنظيم وقفات وتظاهرات احتجاجًا على عدم معالجة مشكلة النفايات.
وتضم محافظة ذي قار أكثر من 12 موقع طمر صحي تتوزع على أقضية ونواحي المحافظة، غير أن موقعين أو ثلاثة منها فقط مطابقة للمحددات والضوابط البيئية المعتمدة، وهو ما استدعى ملاحقة الدوائر المسؤولة عنها عبر الإجراءات القانونية والقضائية، إذ يشير المسؤولون في مديرية البيئة إلى توجيه عدة إنذارات ورفع أكثر من شكوى على الدوائر المعنية أمام المحاكم المختصة.
وكانت مديرية بيئة ذي قار كشفت في (10 كانون الثاني 2024) عن 1400 دعوى قضائية لملاحقة أنشطة مخالفة للشروط والمحددات والضوابط البيئية، وفيما أشارت إلى فرض غرامات بمئات الملايين على دوائر ومنشآت حكومية تسببت بأضرار بيئية، أكدت وجود منشآت صناعية قديمة باتت خارج ضوابط المحددات البيئية بعد التوسع العمراني.
وقال مدير بيئة ذي قار السابق الدكتور محسن عزيز لـ«المدى» إن «بيئة ذي قار أقامت أكثر من 1400 دعوى قضائية لملاحقة أنشطة متنوعة مخالفة للشروط والضوابط والمحددات البيئية منذ تأسيس مركز الشرطة البيئية في عام 2009 وحتى الآن»، مبينًا أن «الدعاوى شملت أنشطة حكومية وأهلية مخالفة للتعليمات البيئية أو صدرت بحقها أوامر غلق وامتنع صاحب النشاط أو المسؤول عنه عن تنفيذها».
وكانت مديرية بيئة ذي قار كشفت في (منتصف تموز 2024) عن توجيه إنذارات وفرض غرامات مالية على حقول نفطية مخالفة للمتطلبات البيئية، وذلك بالتزامن مع إعلان لجنة الصحة والبيئة في مجلس المحافظة عن تسجيل أعداد كبيرة من حالات الإصابة بالأمراض السرطانية في المناطق السكنية القريبة من الحقول المذكورة.