طالب عبد العزيز
فيما يبلغ صراع الوجود بين العرب المسلمين وإسرائيل اليهودية أشده في جبهات كثيرة، يخلد الملايين من العرب المسلمين السنة الى النوم، وقد هدّهم الوقوف الطويل في صلاة التراويح، وأنهكهم قيام الليل، كذلك سيكون حال العرب والعجم المسلمين الشيعة، وهم يلهجون بالادعية الرمضانية وينتقلون من مجلس عزاء إلى آخر، موصلين عرى رمضان بالعاشوراء تكون الطائرات الإسرائيلية قد قتلت أكثر من مئتي فلسطيني في غزة فجر أمس.
وكان أئمة الحرمين المكي والمديني ومعهم شيوخ الازهر وسواهم قد علّقوا أكفهم عالياً عقوداً طويلة، متوسلين أو متسولين الله لكي ينتقم من إسرائيل واليهود لكنَّ الله لم يستجب لواحد منهم، وهذه إسرائيل تطوق سوريا ولبنان والأردن ومصر وتهدد اليمن ولو شاءت لفعلت ما تريد بأي حاكم عربي مسلم. أعاين صورة العربة التي تعدو بحصانها الهزيل في أحد شوارع غزة، وهي تتهاوى بركابها من النساء والأطفال الى الأرض، فيما تنقل الكاميرات صورة الرئيس أبو محمد الجولاني، أو أحمد الشرع وهو يؤمُّ المصلين في المسجد الاموي،خاشعاً (طاهر اليدين) من كل قطرة دمٍ يهودية إسرائيلية.
تقول إسرائيل بأنها أعلمت الرئيس ترامب بضربتها في غزة، فجر ليلة أمس، وهي تصرحُ علانية بأنّها غير ملتزمة ببنود اتفاقية الهدنة مع حماس، وتعاظم من ترسانتها الحربية يوماً بعد آخر، كذلك تفعل في جنوب لبنان وغرب وجنوب سوريا، وما تفعله الطائرات والصواريخ الامريكية في صنعاء والحديدة لا يخرج عن فعلها في تحطيم آلة العرب المسلمين. الغريب أنَّ الاحاديث النبوية كلها تشير الى أنَّ اليهود لا مواثيق لهم، والوثائق التاريخية في اوربا بخاصة تنقل لنا الصورة السيئة لليهودي، وتصفه كواحد من المشكوك بوفائه، وغير الأمين، والجشع، والمرابي زهذه الصفات قبل تأسيس الدولة العبرية وغرزها كخنجر في الخاصرة العربية.
واهمٌ وخائبٌ من يعتقد بأنَّ السلام ممكن مع إسرائيل! كل الدلائل تشير الى ذلك. إذا كنا لا نريد أنْ ندافع عن موقف إيران اليوم ونقول بأنّها تعمل على مصالحها الوطنية والقومية فسنقول غير ذلك ذات يوم إذا تمكنت من صنع قنبلتها النووية. القوي هو المهاب في الأرض اليوم، أمّا الخانع والجبان فهو الذي يرى في الصلاة والصيام وقيام الليل والبكاء على الاضرحة وحدها القدرة على هزيمة إسرائيل. سننحني جميعاً الى طهران وقم والآيات هناك إذا تمكنت من إيقاف إسرائيل عند حدّها وحفظت دماء أهلنا في غزة ولبنان وغيرها، بل سنكون مدينين بالولاء الى أيِّ قوة في العالم إن فعلت ذلك، ذلك لأننا عاجزون تماماً عن ردعها.
ونحن نقترب من ليلة التاسع عشر من رمضان، الليلة التي استشهد فيها الامام علي سيكون مناسباً أنْ نستحضر ولو بعد أكثر من الف وأربعمئة عام خطبته يوم ورده خبر غزو الانبار.." وَهذَا أَخُو غَامِدٍ قَدْ وَرَدَتْ خَيْلُهُ الأنْبَارَ، وَقَدْ قَتَلَ حَسَّانَ بْنَ حَسَّانَ البَكْرِيَّ، وَأَزَالَ خَيْلَكُمْ عَنْ مَسَالِحِهَا، وَلَقَدْ بَلَغَنِي أَنَّ الرَّجُلَ مِنْهُمْ كَانَ يَدْخُلُ عَلَى المَرْأَةِ المُسْلِمَةِ، وَالْأُخْرَى المُعَاهِدَةِ، فَيَنْتَزِعُ حِجْلَهَا وَقُلْبَهَا وَقَلاَئِدَهَا، ما تَمْتَنِعُ مِنْهُ إِلّا بِالاسْتِرْجَاعِ وَالاِسْتِرْحَامِ" هل كان عليٌّ سيقف متصلباً في محرابه مكتفياً بالصلاة والدعاء وقد بلغه ما بلغه من ذلِّ وهوان العرب المسلمين بشقيهم السني والشيعي؟
جاء في الاخبار أنَّ الرئيس الأمريكي ترامب تطاول في شهري حكمه الماضيين على الدستور الأمريكي في أكثر من تشريع، ومنح لنفسه الصلاحيات التي لم تخوله القوانين فيها، ضارباً عرض الحائط نداءات المشرعين في الكونغرس.. إنه منطق القوة في عصر انهيار الديمقراطيات في العالم، وفي اثرنا العربي نقرأ: فإن لم تكن ذئبا على الأرض أجردا // كثير الأذى بالت عليك الثعالبُ.