TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > العمود الثامن: العدالة على الطريقة العراقية

العمود الثامن: العدالة على الطريقة العراقية

نشر في: 25 مارس, 2025: 12:07 ص

 علي حسين

منذ أن اعترف المرحوم أفلاطون بأنّ العدالة هي حكم الأكثر كفاءة، والناس يبحثون عن أصحاب الكفاءات الذين يملأون الأرض منجزاً وصدقاً، وليس عن أصحاب الخطب والمواعظ والشعارات. وكما أخبرنا صاحب الجمهورية يوماً، أن الدولة وجدت لتوفير حياة مرفّهة وآمنة لمواطنيها، وأن تكون هناك حياة كريمة، يتوفر لها مواطنون شجعان. وتذكر جنابك أنّنا في بلاد الرافدين حرفنا كلمة تنمية إلى كلمة "شطارة" وكنا سنصفق لو ان "الشطارة" تخدم البلاد، ولكنها شطارة زائفة تسامح السارق والانتهازي وتُنزل العقاب بكل من يطالب بإقامة دولة العدالة الاجتماعية، لأنه يريد تخريب المجتمع.
تسقط الدول والانظمة حين يختلّ فيها ميزان العدالة، فالقانون في الأمم المتحضرة هو عنوان التوازن في العلاقة بين الحاكم والناس، فالـمالك الدائم للبلاد هو المواطن، أما المسؤول فهو صاحب وظيفة ذات مسؤولية محددة وواضحة هي: الحماية من الخلل في كل أبواب العمل، في العدل أولًا، وفي معيشة الناس ثانيًا، لأنّ بهذين العدلين وحدهما تستقيم العلاقة بين المسؤول والمواطن.
تنشغل دول العالم التي تحترم العدالة باخبار الحكم على المسؤولين الكبار لانهم استغلوا مناصبهم، وهي تهمة مضحكة في بلاد الرافدين التي كان فيها حمورابي أباً للقانون، فماذا تعني تهمة استغلال النفوذ ونحن نرى ونسمع عن الاستغلال في كل مفاصل الدولة، وأن "حيتان" ما بعد 2003 لم يتركوا مجالاً دون أن يستغلوا نفوذهم فيه، هم وأقاربهم وأحبابهم؟
منذ أن قررت النائبة عالية نصيف استخدام الصوت العالي في الصفقات والمقاولات ، ونوابنا الأفاضل السابقون منهم واللاحقون، مصرون على تحويل قاعة البرلمان إلى سوق تعرض به الصفقات.
في سجل العدالة العراقية أخبرنا السيد هادي العامري انه وقادة البلاد اقاموا نظاما عادلا وشريفا، وقد افهم العدالة على طريقة السيد العامري، لكني لا افهم معنى النظام الشريف الذي لا يزال الملايين فيه يعيشون على حافة العوز .
يعرف السيد هادي العامري ان الازدهار والتنمية والعدالة لا مكان لها في ظل سياسيين ومسؤولين يخططون من أجل الوصول إلى درجة من الإيمان بأنه لا خيار أمام الناس سواهم.. لأنهم وحدهم يملكون القوة والحزم، يخيفون الناس، عادلون في توزيع العطايا والمنح على مقربيهم، وعادلون أيضا في توزيع الفشل على الناس.. أوهام كثيرة يصر البعض على ترويجها من أن العراق لا ينفع معه سوى ساسة يعتقدون أن الاقتراب من قلاعهم جريمة، أدركت الشعوب أن الحل في دولة مؤسسات يديرها حاكم إنسان وليس " قائد ضرورة " .. يكتب روسو عام 1778 وهو يخط الصفحات الأخيرة من الاعترافات: "الحاكم الفاشل لا ينتج سوى الخواء والفوضى والاضطراب، ولا يعطي مواطنيه سوى الفشل والظلم وذل العوز" .

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق الدولي للكتاب

الأكثر قراءة

العمود الثامن: الغرابي ومجزرة جسر الزيتون

العمود الثامن: نون النسوة تعانق الكتاب

العمود الثامن: مسيرات ومليارات!!

ثقافة إعاقة الحرية والديمقراطية عربيا

العمود الثامن: نصف قرن من التفوق

العمود الثامن: نصف قرن من التفوق

 علي حسين في مثل هذه الأيام، وبالتحديد في الثاني من كانون الاول عام 1971، أعلن الشيخ زايد عن انبثاق اتحاد الامارات العربية، وعندما جلس الرجل البالغ آنذاك خمسين عاماً على كرسي رئاسة الدولة،...
علي حسين

كلاكيت: في مديح مهند حيال في مديح شارع حيفا

 علاء المفرجي ليست موهبة العمل في السينما وتحديدا الإخراج، عبئا يحمله مهند حيال، علّه يجد طريقه للشهرة أو على الأقل للبروز في هذا العالم، بل هي صنيعة شغف، تسندها تجربة حياتية ومعرفية تتصاعد...
علاء المفرجي

البَصْرة.. لو التَّظاهرُ للماء والنَّخيل!

رشيد الخيّون تظاهر رجال دين بصريون، عمائم سود وبيض، ضد إقامة حفلات غنائيَّة بالبصرة، على أنها مدينة شبه مقدسة، شأنها شأن مدينتي النَّجف وكربلاء، فهي بالنسبة لهم تُعد مكاناً علوياً، لِما حدث فيها من...
رشيد الخيون

الانتخابات.. بين صراع النفوذ، وعودة السياسة القديمة

عصام الياسري الانتخابات البرلمانية في العراق (11 نوفمبر 2025) جرت في ظل بيئة أمنية نسبيا هادئة لكنها مشحونة سياسيا: قوائم السلطة التقليدية حافظت على نفوذها، وبرزت ادعاءات واسعة النطاق عن شراء أصوات وتلاعبات إدارية،...
عصام الياسري
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram