علاء المفرجي
علاقتي مع (السينمائي) لها حكاية، تبدأ من اختياري لها لكتابة عمودي (كلاكيت) منذ عددها الأول، ولا تنتهي بعددها الأخير. ولئن (السينمائي) تحتفل بعشريتها الأولى، كان لزاما عليّ أن أحتفل معها بهذا العمود المكرس لذلك والذي أرفع به نخب من كانوا وراء بزوغ نجم هذه المجلة، ومن كان داعما لها، ومن احتضنها.
حكايتي الأولى مع المجلة تبدأ، مع شخص رئيس تحريرها عبد العليم البناء، الذي تربطني به علاقة تمتد لأكثر من ثلاثة عقود ونصف، تزاملنا عبرها في أكثر من مطبوع صدر منذ بداية التسعينيات، فضلا وعن العمل بنشاطات سينمائية بشكل خاصة في دائرة السينما والمسرح. والرجل من الصحفيين الذين لا ينالهم اليأس بل يعملون بأجتهاد وأخلاص، بل اجتهاده هذا لطالما أثر على الذين يعملون بمعيته مثابرة وحبا بالعمل، شبهته مرة في المطبوع الذي كنت أعمل فيه في التسعينيات بـ (الداينمو) لحركته الدائبة والمنتجة في العمل. فكان ان استجبت لدعوته للكتابة في السينمائي منذ عددها الأول، لمعرفي بجديته في إصدارها أولا وثانيا لخصاله في العمل التي ذكرتها سابقا.
ولعل من أولى التحديات التي واجهت كادر المجلة، تبدا نت التمويل، فليس هناك جهة أو مؤسسة ما تجازف بتمويل مجلة تعنى بالسينما، فكان على كادرها أن لا يرموا مجاديفهم في أتون الماء، يأسا من عدم التمويل، فكان أن طرقوا ابوابا عديدة لذلك، حتى أفلحوا، التحدي الثاني وهو الأصعب، أن صدورها تزامن مق أفول المطبوع الورقي، واستسلام صحف ومطبوعات عربية وعراقية وعالمية لهجوم التطور التقني الرقمي الشرس، وصمد البعض الآخر، فكان رهان (السينمائي) هو الصدور في لجة هذالصراع بين المطبوع الالكتروني والمطبوع الورقي، ولنا أن نتخيل صعوبة هذا التحدي الذي كسبته المجلة حيث واظبت على الصدور الدوري بدعم ومشاركة مباشرة من نخبة من الكتاب والنقاد العراقيين والعرب، الذين أسهموا برفدها بكتاباتهم ودراساتهم وموضوعاتهم المتنوعة، التي راكمت تجربتها وتعبيد الطريق أمامها، لمواكبة أحدث التجارب والإنتاجات والمهرجانات السينمائية العراقية والعربية والدولية.
فقد فتحت المجلة ملفات وحوارات شاملة ومهمة، فضلاً عن عرض أحدث الإصدارات السينمائية، ومتابعة أخبار النجوم وصناع السينما في مختلف أنحاء العالم، بهدف إشاعة وتكريس الثقافة السينمائية الرصينة بتمظهراتها المختلفة، ودعم السينما المستقلة والترويج لها وهي تخوض غمار تجربة (الإنتاج المشترك) عربياً وأجنبياً، في ظل غياب الرؤية الستراتيجية لدى الجهات الحكومية، وانعدام البنى التحتية التي تحقق صناعة سينمائية أصيلة..
السينمائي صدرت، يوم توقفت العديد من المجلات السينمائية ليس في العراق حسب بل في جميع البلدان العربية، إما أمتثالا لموجة أنحسار المطبوع الورقي، لصالح التطور الرقمي المضطرد أو للأسباب تخص المطبوع. لكن السينمائي صدرت والسينما في العالم تعيش أوج ازدهارها إن كان من ناحية التطور الفني في طريقة صناعتها، أو من انفتاحها على الهم الأنساني في كل مكان، فقد تحولت السينما، ليس كأداة توصيل حسب عنصرا مهما في تشكيل الراي العام في القضايا والمعضلات التي تواجه البشر.
والأهم أن صدور (السينمائي) يأتي متزامنا أيضا مع دوران عجلة السينما –وإن كان بطيئا- في العراق فهي تحرص على على فتح ملف أو أكثر، يخص نتاجات السينمائيين العراقيين الشباب، ومتابعة هذا المنجز، وتسليط الضوء على أبرز هذه النتاجات، وبالتالي النجاحات التي يحققها هؤلاء. وهذا ما وضعته المجلة وكادرها نصب أعينها، ليس لتحقيق الرواج لها، بل أن ذلكمن صلب اهتمامات المجلة في دعم السينما العراقية الناهضة بالأطراء، والنقد لتحقيق صناعة سينمائية قادرة على الوقوف في صف السينمات المتطورة، وتحقيق الهدف المنشود من ذلك.
العشرية الثانية للمجلة، هنا يحسب كادرها عمر المجلة، لا من خلال تاريخ معين بل بأعدادها، فكانت العشرية الأولى ثم الثانية، وهم بذلك يعلنون أن تاريخ المجلة ينطوي على حجم إصرار كادرها على مواجهة التحديات الصعبة التي تقف في طريق استمرارها، وبالتاكيد، هذا يحسب على قيمة إنتاجها، فالمجلة تحرص في كل عدد منها على مفاجئة القارئ بالجديد، وفي كل عدد جديد تستقطب المجلة اعدادا جديدة من القراء ومن محبي السينما.