بغداد / تميم الحسن

تبدو المسودة الجديدة لـ"قانون الحشد" قد وجدت مخرجًا لمأزق "تقاعد الفياض"، الذي سيبقى في منصبه لوقت غير معلوم.
ويهدد هذا "الالتفاف" على أزمة رئيس الحشد المستمرة منذ أكثر من عام باندلاع أزمة شيعية – شيعية.
ولا تزال بنود كثيرة من مسودة القانون غير مفهومة، ويُعتقد، بحسب نواب، أنه قد تتم إضافة مواد جديدة.
وقرأ البرلمان "قانون هيئة الحشد الشعبي" أول مرة يوم الاثنين الماضي، بعد أكثر من شهر على تعطل المجلس.
وكانت الحكومة قد سحبت قانونًا سابقًا يحمل اسم "قانون الخدمة والتقاعد لمجاهدي الحشد الشعبي"، بسبب خلافات حول سن تقاعد رئيس الهيئة.
وبحسب مصادر سياسية مطلعة، فإن فالح الفياض، رئيس الحشد، "سيبقى لوقت غير محدد" في منصبه.
ووفقًا لبنود القانون الجديد، الذي تسرّب جزء منه إلى الإعلام، فإن رئيس الهيئة سيكون بـ"درجة وزير».
ويقول المصدر لـ(المدى): "هذه العبارة تبدو وكأنها تمنح الفياض البقاء في المنصب دون النظر إلى سنه القانوني، شأنه شأن رئيس الجمهورية ووزير الموارد المائية وعدد من رؤساء الهيئات والمحافظين الذين بلغوا سن التقاعد وما زالوا مستمرين في العمل».
ووفق المصدر، فإن "التصويت على الوزير أو المحافظ في البرلمان يعني بقاءه في الخدمة بغض النظر عن سنه القانوني».
ويتوقع المصدر، بحسب معلومات وصلت إليه، أن "عددًا من القوى الشيعية داخل الإطار التنسيقي اعتبرت هذا البند (التفافًا) على مطالب إقالة الفياض».
وأشارت المسودة الجديدة إلى أن يكون رئيس الهيئة "بدرجة وزير، وعضوًا في اللجنة الوزارية للأمن القومي».
وبإمكان "رئيس الهيئة" تخويل بعض صلاحياته إلى رئيس الأركان أو الأمين العام للهيئة، وعليه أن يمارس صلاحيات وزير الدفاع لتطبيق القوانين العسكرية على منتسبي الهيئة، وفق القانون الجديد.
وكانت كتلة العصائب، بزعامة قيس الخزعلي، قد طالبت "الفياض" عدة مرات بالتنحي عن المنصب.
ويُعتقد أن سحب الحكومة لمسودة القانون السابق جاء بضغط من فالح الفياض، وبدعم من إيران.
قال علي تركي، النائب في كتلة العصائب، في 18 شباط الماضي: "سافر الفياض إلى إيران في محاولة مفترضة لحشد دعم طهران لعرقلة التشريع (قانون الخدمة والتقاعد السابق)؛ وبعد ثلاثة أسابيع، تم سحب مشروع القانون من التداول، على الأقل بشكله الحالي».
وتعود مطالب الخزعلي وكتلته بإقالة الفياض من منصبه إلى الانتخابات المحلية 2023، التي قرر فيها الأخير إنشاء تحالفات "منفردة" مع القوى السنية في صلاح الدين والموصل، وهو ما خرب تحالفات وتفاهمات شيعية هناك.
وتتهم "العصائب" الفياض بأنه استغل منصبه في "الانتخابات"، فيما كانت محاولات تمديد بقائه في المنصب (في قانون الحشد السابق) بين عام إلى 5 أعوام قد فشلت.
المسودة الجديدة
يضم مشروع القانون الجديد 18 مادة، ويعد «الحشد» جزءًا من القوات المسلحة العراقية، ويرتبط بالقائد العام للقوات المسلحة العراقية.
وجاء هذا النص مكررًا في القانون الأول لعام 2016، والأمر الديواني لعام 2019، الذي أثار غضب بعض الفصائل حينها لأنه طالب بحظر "النشاط السياسي».
ويُعتقد أن الدافع وراء تمرير "المسودة الجديدة" هو الضغوط الأمريكية على "الفصائل».
ويشير القانون إلى أن مهمة الحشد الشعبي ستكون "حماية النظام الدستوري والديمقراطي في العراق"، و"الدفاع عن البلد وحماية وحدة وسلامة أراضيه ومكافحة الإرهاب».
ومنح القانون "الحشد" الحق في "بناء مؤسسة عسكرية متكاملة من حيث التسليح والتجهيز والتدريب والاستمرار في تطويره».
ووصف مشروع القانون عناصر الهيئة بـ"المجاهدين" – دون تحديد أعدادهم أو رواتبهم – الذين سيتم تجهيزهم بأحدث التكنولوجيا العسكرية، و"تقديم المشورة للحكومة في القضايا المرتبطة بالأمن الوطني».
ويمنع مشروع القانون منتسبي هيئة الحشد الشعبي من الارتباط بأي حزب أو تنظيم سياسي، ويحظر عليهم المشاركة في أي نشاطات حزبية وسياسية.
أما رئيس الهيئة، وفق المسودة الجديدة، فيجب أن يكون حاملًا لشهادة جامعية، وله خدمة لا تقل عن عشر سنوات في الهيئة، أو أن يكون ضابطًا برتبة فريق أول ركن، فيما لم يُحدد "سن التقاعد" أو طريقة عزله.
وحسب مشروع القانون، ستكون لهيئة الحشد الشعبي أكاديمية عسكرية تسمى "أكاديمية الحشد الشعبي"، وتمنح شهادة بكالوريوس في العلوم العسكرية لخريجي الأكاديمية.
وكانت (المدى) قد كشفت في وقت سابق عن أن قانون "الحشد" سينظم وضع الضباط التابعين للحشد الشعبي، والذين يمتلكون "رتبًا غير معترف بها رسميًا».
وأكدت معلومات أن هناك "نحو 1000 ضابط متخرج من جامعة الشهداء العسكرية، التابعة لهيئة الحشد، الواقعة على القناة، شرقي الرصافة، ينتظرون حسم أمرهم».
ولا تتوفر معلومات رسمية عن هذه الجامعة، حيث كان "الحشد" قد نفى في عام 2021 وجود جامعة عسكرية تابعة له، إلا أن بعض المصادر تزعم أن "الخريجين حصلوا على دورات بسيطة، وتم تخريج 5 دفعات حتى الآن».
وأضافت المعلومات أن "القانون سينظم أيضًا وضع باقي الرتب العالية، حيث حصل عدد من قيادات الحشد على رتب أركان من مصر وإيران وقطر».
ويأتي طرح قانون "الحشد" الجديد بعد أكثر من شهر على إعلان الحكومة عن "مفاوضات سياسية" مع فصائل تعمل خارج الحشد الشعبي، لكن نتائج هذه المفاوضات لم تُعلن رسميًا حتى الآن.
بنود غير واضحة
وحتى الآن، لا يعرف البرلمان بشكل واضح فيما لو كانت هذه المسودة الجديدة بديلة عن السابقة، أم أنهما «قانونان منفصلان».
وتحدث عضوان في اللجنة القانونية في البرلمان لـ(المدى) عن أن أكثر البنود غير واضحة في "القراءة الأولى" للمسودة.
ويقول عضو اللجنة محمد عنوز: "القانونان مختلفان، لكن قد يُدمجان.. لا نعرف حتى الآن بشكل دقيق».
ويضيف عنوز: "تبدأ النقاشات في القراءة الثانية، وهناك اعتراضات من الآن على وضع فالح الفياض».
ويتوقع النائب أن هذا الخلاف سيسمح بتمرير "صفقات سياسية"، أو كما باتت تُسمى بـ"السلة القانونية"، لتمرير "مسودة الحشد».
ومبكرًا، تسربت أنباء عن تمرير "قانون الحشد" مقابل "إلغاء المساءلة والعدالة" أو التصويت على "قانون الصحوات».
ويرجح عارف الحمامي، وهو عضو آخر في اللجنة، أن "القراءة الثانية للقانون ستكون بعد عطلة العيد».
ويقول الحمامي إن "الاعتراضات ستبدأ بعد القراءة الثانية للقانون"، مبينًا إمكانية "إضافة بنود أخرى تتعلق بالسن القانوني لرئيس الهيئة وباقي حقوق المنتسبين».