متابعة/ المدى
أثار فرض الرئيس الأميركي دونالد ترامب سلة من الرسوم الجمركية المتبادلة الإضافية جدلاً واسعاً حول التداعيات على الاقتصاد العراقي المعتمد أساساً على تصدير النفط مصدراً رئيسياً للدخل.
وعلى الرغم من استثناء قطاع الطاقة من هذه الرسوم، فإن العراق يواجه تحديات تتعلق بتوازن الميزان التجاري، وتأثير هذه السياسة بالسوق النفطية العالمية.
ووقّع ترامب، الأربعاء، أمراً تنفيذياً فرض بموجبه الرسوم الجمركية المتبادلة على دول "في العالم أجمع"، تنفيذاً لما توعد به باستمرار منذ حملته الانتخابية بهدف بدء "عصر ذهبي" للولايات المتحدة.
ويرى خبراء اقتصاديون أن التأثير على العراق سيكون محدوداً نظراً لمحدودية صادراته إلى الولايات المتحدة، إلا أن القلق يتركز حول التداعيات غير المباشرة، مثل انخفاض أسعار النفط عالمياً نتيجة تراجع الطلب، وتأثير ذلك بالإيرادات العراقية.
وفي هذا الصدد، قال المستشار الاقتصادي لرئيس مجلس الوزراء، مظهر محمد صالح، إن فرض الرسوم الجمركية من قبل الولايات المتحدة لا يشكل عائقاً أمام الاستقرار التجاري والاقتصادي للعراق. وأوضح صالح أن الصادرات العراقية إلى السوق الأميركية لا تتجاوز خمسة مليارات دولار سنوياً، معظمها من النفط الخام، في حين أن السوق الأميركية تعتبر سوقاً ثانوية مقارنة بالأسواق الرئيسية مثل الصين والهند، اللتين تستوردان نحو 70% من إنتاج النفط العراقي.
وبيّن أن الموقف يعكس تقييماً واقعياً للعلاقات التجارية الخارجية، حيث يعتمد العراق في وارداته أساساً على شركاء مثل تركيا والصين والهند والإمارات ودول الاتحاد الأوروبي، في حين لا تُعتبر الولايات المتحدة شريكاً رئيسياً سواء في الاستيراد أو التصدير.
وأشار إلى أن العراق يبقى بعيداً عن هذه التحولات، مؤكداً أن بلاده تواصل التعاون مع واشنطن بموجب اتفاقية الإطار الاستراتيجي الموقعة عام 2008، والتي تنظّم العلاقات بين البلدين في مجالات متعددة تشمل الأمن والتجارة والاقتصاد.
بدوره، يرى الباحث بالشأن الاقتصادي مصطفى حنتوش أن العراق سيكون من أقل الدول المتضررة، لأن صادراته تقتصر على النفط الخام، وهو ليس سلعة كمالية.
وقال إن العراق يفرض رسوماً جمركية على السلع الأميركية مثل أجهزة الآيفون والسيارات وغيرها، بمعدل يصل إلى 78%، مشيراً إلى أن أميركا كانت تفاوض على فرض رسوم تتراوح بين 10 إلى 20% على السلع العراقية، لكنها قررت رفعها إلى 39%. ولفت إلى أن بعض العقود المبرمة مع الولايات المتحدة هي عقود حكومية، وبالتالي فهي لا تخضع لهذه الرسوم؛ حيث إن الحكومات تستورد دون دفع ضرائب.
كما أكد حنتوش أن هذا الأمر لن يبعد العراق عن حرب الأسعار، نظراً لأن السوق الأميركية تعتبر مؤشراً مهماً للأسعار، مشيراً إلى أن الأسعار سترتفع على الشركات الأميركية.
وفي السياق، قال المختص بالشأن الاقتصادي زياد الهاشمي إن الرسوم الجمركية التي فرضها ترامب على العراق تأتي في إطار استراتيجيته الدولية الرامية إلى تقليص الخلل في الميزان التجاري بين الولايات المتحدة والدول المصدرة لها.
وأوضح الهاشمي، في منشور على "فيسبوك"، أن العراق يتمتع بفائض في الميزان التجاري مع الولايات المتحدة يناهز ستة مليارات دولار، ويعود هذا الفائض بشكل رئيسي إلى صادرات النفط العراقية لمصافي تكساس وكاليفورنيا، مما يعني أن العراق يصدر أكثر مما يستورد من الولايات المتحدة. وأضاف أن هدف ترامب من فرض الرسوم الجمركية هو تقليص هذا الفارق في الميزان التجاري وتحقيق التوازن أو حتى تحويل الفائض لصالح الولايات المتحدة.
كما أشار إلى أنه في حال لم تنجح هذه الرسوم في تعديل الخلل في الميزان التجاري، فقد تضطر إدارة ترامب إلى الضغط على العراق لزيادة مشترياته من المنتجات الأميركية وفتح الاقتصاد العراقي بشكل أوسع أمام الشركات الأميركية.
وأكد أن باب المفاوضات بين العراق والولايات المتحدة سيظل مفتوحاً للتوصل إلى اتفاق يحقق مصالح الطرفين، مشدداً على أن العراق لن يواجه صعوبة في إيجاد أسواق بديلة لنفطه المصدّر إلى الولايات المتحدة. وأكد أن تأثير الرسوم الجمركية سيكون أكبر على الشركات والمستهلك الأميركي من تأثيرها على العراق، وهو ما يعد نقطة تفاوضية مهمة لصالح العراق.