TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > العمود الثامن: من يحاسب ضباط الداخلية ؟

العمود الثامن: من يحاسب ضباط الداخلية ؟

نشر في: 6 إبريل, 2025: 12:07 ص

 علي حسين

قالوا في تسويغ جريمة تعذيب وقتل المهندس بشير خالد، إنها حادثة طبيعية، مجرد شجار بين السجناء ادى الى نهاية حياة مواطن بوحشية، وطالبتنا وزارة الداخلية بان نكون مع الصادقين، وان لا نتهم احد ضباطها الكبار بانه وراء جريمة تعذيب مواطن عراقي ذنبه الوحيد انه صدق شعار "الشرطة في خدمة الشعب".. بيان الداخلية يصر على السخرية من عقل المواطن العراقي حين يخبرنا بان الضحية اصيب بحالة هستيرية وحصلت مشاجرة بينه وبين عدد من الموقوفين تعرض خلالها للضرب المبرح من قبل الموقوفين . تخيل جنابك ان مساجين يقيمون حفل تعذيب لمواطن داخل مركز شرطة حكومي ، رواية لايمكن ان يصدقها عقل طفل .
الصور التي نشرت للمهندس بشير خالد في وسائل التواصل الاجتماعي تقول: إن مواطنا، تم اعتقاله، جريمته الوحيدة أنه تشاجر او اختلف مع ضابط كبير ومهم في وزارة الداخلية، ولكي يعرف هذا المواطن ان الضابط الكبير فوق القانون، مورست معه شتى صنوف التعذيب، ولم يكتف مغاوير الشرطة بذلك، فقرروا أن ينهوا حياته.
ما بين بيان وزارة الداخلية، وبين بشاعة القصاص ، يعيش الناس اليوم في ظل أفراد وأجهزة يعتقد كل منهم أن له الحق في تنفيذ قانونه الخاص، قد تكون هناك جرائم تستحق العقاب، لكن المؤكد أن العقوبة يجب أن تأتي بأمر من القضاء، لا بأمر من ضابط يعتقد أنه فوق القانون وفوق الشرائع. عندما يصر البعض على تنفيذ قانونه الخاص، فأغلب الظن أننا ننجرف إلى هاوية لا نهاية لها.
لعل الأخطر في واقعة تعذيب المهندس وقتله، ليس أن أفرادا من الشرطة قرروا أن يكونوا هم الدولة وهم القانون، بل هو صمت الدولة على مثل هذه الأفعال الإجرامية
اليوم الناس يعيشون في ظل أجهزة أمنية هي عبارة عن خلطة منتقاة من تصرفات استفزازية وشتائم جاهزة وجهل تام بقواعد السلوك الاجتماعي، تلك هي مؤهلات البعض من أفراد الشرطة بعد أن صرفت لهم الدولة مجموعة من العبارات المحفوظة في علب قديمة من عينة "وين رايح"، "الأخ من يا عمام"، فتشعر أنهم جميعا، يرددون هتافًا واحدًا، ويرتدون ثوبًا واحدًا، وفي يد كل منهم عصًا غليظةً يخرجها في اللحظة التي يشم فيها رائحة اختلاف مع ممارساته اللاشرعية.
لقد عملت البشرية منذ عقود على اختراع اسمه القانون الذي هو عقد اجتماعي بين المواطن والدولة، ينتقل من خلاله المجتمع من حالة الفوضى، إلى حالة النظام والتحضر والعدالة التي تطبق على الجميع، وهذه هي الضمانة الوحيدة لاستمرار الحياة، ومن دون ذلك سنتحول الى مجتمع ينجو فيه المجرم من العقاب ، وتسخر فيه وزارة الداخلية من المواطنين ، ويذهب وزير الداخلية الى بيته مطمئناً بأن لا أحد يتجرأ ويسأله عن هذه الجريمة .

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق الدولي للكتاب

الأكثر قراءة

العمود الثامن: الغرابي ومجزرة جسر الزيتون

العمود الثامن: نون النسوة تعانق الكتاب

العمود الثامن: مسيرات ومليارات!!

ثقافة إعاقة الحرية والديمقراطية عربيا

"دبلوماسية المناخ" ومسؤوليات العراق الدولية

العمود الثامن: نصف قرن من التفوق

 علي حسين في مثل هذه الأيام، وبالتحديد في الثاني من كانون الاول عام 1971، أعلن الشيخ زايد عن انبثاق اتحاد الامارات العربية، وعندما جلس الرجل البالغ آنذاك خمسين عاماً على كرسي رئاسة الدولة،...
علي حسين

كلاكيت: في مديح مهند حيال في مديح شارع حيفا

 علاء المفرجي ليست موهبة العمل في السينما وتحديدا الإخراج، عبئا يحمله مهند حيال، علّه يجد طريقه للشهرة أو على الأقل للبروز في هذا العالم، بل هي صنيعة شغف، تسندها تجربة حياتية ومعرفية تتصاعد...
علاء المفرجي

البَصْرة.. لو التَّظاهرُ للماء والنَّخيل!

رشيد الخيّون تظاهر رجال دين بصريون، عمائم سود وبيض، ضد إقامة حفلات غنائيَّة بالبصرة، على أنها مدينة شبه مقدسة، شأنها شأن مدينتي النَّجف وكربلاء، فهي بالنسبة لهم تُعد مكاناً علوياً، لِما حدث فيها من...
رشيد الخيون

الانتخابات.. بين صراع النفوذ، وعودة السياسة القديمة

عصام الياسري الانتخابات البرلمانية في العراق (11 نوفمبر 2025) جرت في ظل بيئة أمنية نسبيا هادئة لكنها مشحونة سياسيا: قوائم السلطة التقليدية حافظت على نفوذها، وبرزت ادعاءات واسعة النطاق عن شراء أصوات وتلاعبات إدارية،...
عصام الياسري
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram