TOP

جريدة المدى > سياسية > منتديات شبابية تحت رعاية الحكومة.. أداة لتفعيل دور الشباب أم وسيلة للتجنيد السياسي؟

منتديات شبابية تحت رعاية الحكومة.. أداة لتفعيل دور الشباب أم وسيلة للتجنيد السياسي؟

مباني مهجورة وأموال غير كافية!

نشر في: 7 إبريل, 2025: 12:52 ص

 بغداد/ تبارك عبد المجيد

تعاني المنتديات الشبابية في العراق من تحديات كبيرة تتجاوز المسائل الإدارية والمالية، لتصل إلى قضايا سياسية واجتماعية حساسة تتطلب معالجتها بحذر وشفافية.
فرغم وجود بعض المبادرات الحكومية لإعادة تأهيل المنشآت الشبابية، إلا أن البُنى التحتية المتهالكة والقديمة التي يعود تاريخ تأسيسها لعقود مضت، لا تزال تمثل عائقا رئيسيا أمام تلبية احتياجات الشباب المتزايدة. ورغم المحاولات لتحسين الوضع، يظل غياب التمويل الكافي والتنسيق الفعال مع الإدارات المحلية عقبة كبيرة، مما يجعل تحقيق الأهداف المرجوة أمرًا صعبا.
واعلنت سكرتارية المجلس الأعلى للشباب عن موافقة رسمية لإطلاق حملة شاملة في جميع المحافظات، تهدف إلى تأهيل المنشآت الشبابية المتقادمة، وتهيئتها لاستقبال الأنشطة والمبادرات التي تنظمها المنظمات والفرق الشبابية، بإشراف مباشر من المجلس الأعلى. وتأتي هذه الحملة استناداً إلى الفقرة (4) من قرار مجلس الوزراء رقم (23465) لسنة 2023، الذي وضع حجر الأساس لتحرك وطني يهدف إلى إعادة الحياة إلى مؤسسات ظلت مهمّشة لسنوات.
وفي سياق متصل، أكد المتحدث باسم وزارة الشباب والرياضة، حسام حسن، أن مسؤولية المنتديات الشبابية لم تعد ضمن صلاحيات الوزارة منذ عام 2018، حيث تم نقل تبعيتها إلى الحكومات المحلية ومجالس المحافظات، ما خلق تفاوتاً كبيراً في الاهتمام بهذه المنشآت من محافظة إلى أخرى.
وأوضح حسن، في حديث لـ(المدى)، أن توجيهاً صدر من رئيس مجلس الوزراء يقضي بضرورة تفقد المنتديات الشبابية والوقوف على احتياجاتها، وهو ما قاد إلى إجراء دراسة شاملة بالتعاون مع الوزارة، وقد أسهمت وزارة الشباب في هذا الجهد من خلال إرسال فرق متخصصة لتقييم أوضاع المنتديات ميدانياً.
وأشار إلى أن نتائج التقييم كشفت عن تفاوت كبير في واقع المنتديات بين المحافظات، حيث تبيّن أن عدداً منها يحتاج إلى تأهيل محدود، بينما تعاني أغلبها من تدهور شامل في البنية التحتية، ما يجعلها غير صالحة لممارسة أي نشاط فعّال يخدم فئة الشباب.
ووصف حسن حال المنتديات، منذ فصلها عن الوزارة، بأنه "وضع لا يُسرّ"، مؤكداً أن غياب الدعم والإشراف الفني أدى إلى تراجع كبير في دورها التنموي، داعياً في ختام حديثه إلى إعادة تبعية هذه المنتديات إلى وزارة الشباب والرياضة، كي تتمكن من استعادة دورها كمظلة حقيقية لاحتضان الشباب وتنمية قدراتهم.

منتديات شبابية
وتواصل الحكومة العراقية، من خلال المجلس الأعلى للشباب -منتدى شبابي أطلقته الحكومة الحالية-، جهودها الحثيثة لتمكين فئة الشباب وفتح آفاق جديدة أمامهم، بعد سنوات من الإهمال والتحديات التي عصفت بالمؤسسات الموجهة لهذه الفئة الحيوية. وفقاً لما يعلن من اهداف المنتدى، وبينما تتوسع الحملة الوطنية لإعادة تأهيل المنشآت الشبابية، تتكامل معها برامج أخرى ذات طابع تنموي وإنساني يقودها المجلس الأعلى في مختلف المحافظات.
ويُعد المجلس الأعلى للشباب، كما يوضح محمد مجيد، مسؤول الدائرة الأولى في المجلس بمحافظة الأنبار، أحد أبرز المبادرات الحكومية التطوعية، انطلق قبل نحو عام ونصف، واضعاً نصب عينيه تمكين الشباب العراقي في عموم البلاد.
وقال مجيد في حديث لـ(المدى) إن المرحلة الأولى من البرنامج استهدفت تدريب نحو 5000 شاب وشابة، من خلال مخيمات تدريبية احتضنتها مدينة أربيل، بهدف إعدادهم كقادة ميدانيين فاعلين في مجتمعاتهم المحلية.
ومع تطور البرنامج، تشكّلت فرق متخصصة تعمل تحت مظلة المجلس، منها فريق سفراء الشباب، فريق المناخ والبيئة، الفريق الرقمي الوطني، والفريق الوطني لذوي الإعاقة، حيث تتولى هذه التشكيلات تنفيذ مبادرات نوعية تتقاطع مع طموحات الشباب واحتياجاتهم.
وأشار مجيد إلى أن المجلس لم يقتصر على البرامج التدريبية فقط، بل تبنى كذلك مبادرات لدعم الشباب اقتصاديا، مثل المسابقة الوطنية لدعم مشاريع الشباب، التي تم خلالها تمويل 100 مشروع بكلف تراوحت بين 5 إلى 50 مليون دينار عراقي. كما أُطلقت "جائزة العطاء الوطني"، إلى جانب مبادرة "الخير"، التي تضمنت تقديم قروض ميسّرة في قطاعات مختلفة، مع توسيع المبادرة لتشمل بُعدًا إغاثيًا يدعم ذوي الإعاقة، العوائل المتعففة، والمقبلين على الزواج.
وأكد مجيد أن الحكومة عازمة على توسيع خططها الخاصة بتمكين الشباب، مشيراً إلى توجه جديد لإقامة برامج تدريبية داخل المنتديات الشبابية ومراكز التدريب المهني المنتشرة في المحافظات. ويرى أن هذه المنتديات تمثل ركيزة أساسية في البنية المجتمعية، بما تقدمه من خدمات ومساحات آمنة تُمكّن الشباب من تطوير مهاراتهم، وتجسيد مشاريعهم على أرض الواقع. وفي تحذير لافت، نبه مجيد إلى أن إهمال المنتديات قد يدفع الشباب نحو خيارات سلبية، أبرزها المقاهي التي قد تتحول إلى بيئة محفوفة بالمخاطر، وتشجع على تبنّي سلوكيات غير صحية، بما في ذلك تعاطي المخدرات، مؤكدا أن دعم المنتديات الشبابية هو استثمار مباشر في مستقبل الوطن، ودرع واقٍ أمام انحراف الطاقات الشابة نحو طرق لا تُحمد عقباها.
من زاوية أخرى، يتحدث محمد عزيز، أحد الناشطين الشباب، بمرارة ووضوح عن غياب المنتديات الشبابية في العراق، معتبراً أن هذا الغياب ليس مجرد نقص في البنى التحتية، بل فراغ عميق في السياسات والرؤى التي من المفترض أن تحتضن الشباب وتمنحهم المساحة للتعبير والمشاركة.
ويقول محمد لـ(المدى)، إن "غياب المنتديات يخلق فجوة بين الشباب وصناع القرار، ويقود إلى العزلة، ويضعف شعور الشباب بالانتماء، ويجعلهم عرضة للفراغ والتطرف والمخدرات، في ظل غياب بيئة حاضنة تتيح لهم النقاش، وتبادل الأفكار، وتطوير المهارات". ويرى أن الإهمال يعود إلى عوامل عدة، أبرزها غياب رؤية حكومية واضحة تُعامل الشباب كمحرك للتغيير، وليس مجرد ديكور سياسي أو رقمي. كما يشير إلى وجود رغبة لدى بعض الجهات السياسية في تحجيم هذه المنتديات، أو تحويلها إلى أدوات استثمار حزبي، خوفاً من تحوّلها إلى منصات تطالب بالإصلاح والمساءلة، وهو ما أضعف دورها، وأفقدها الاستقلالية.
ويضيف، أن "هناك نقص في التمويل، وضعف في التنسيق بين الجهات المعنية، ما يجعل إنشاء واستمرار هذه المنتديات أمراً معقداً. وفي النهاية، الشباب هم القوة الحقيقية لأي مجتمع، وإذا لم نمنحهم الأدوات والمساحات، فإننا نساهم في تهميش مستقبل الوطن كله."
محمد لا يرى في البرامج الحكومية الحالية بارقة أمل، ويصف أغلبها بأنها مجرد حملات إعلامية براقة، تفتقر إلى الاستمرارية والتأثير الحقيقي، بل ويذهب إلى أبعد من ذلك قائلاً: "بعض هذه البرامج تُستخدم لتجنيد الشباب سياسياً بدل تمكينهم فعلياً. نحن لا نحتاج إلى شعارات أو مؤتمرات مؤقتة، بل إلى فرص حقيقية، إلى سياسات تحترم عقولنا وتدعم طاقاتنا."
من وجهة نظره، المنتديات الشبابية ليست ترفاً اجتماعياً، بل ضرورة وطنية، تساهم في تنمية وعي الشباب، وتعزز مشاركتهم في الشأن العام، وتوفر فضاءات للتدريب والتشبيك، وتمنحهم الفرصة لبناء الذات والمجتمع. أما غيابها، فهو بمثابة ترك جيل كامل في العراء، بلا هوية، بلا منصة، وبلا أفق.
وذكر أحد الشباب في برنامج سفراء الشباب، فضل عدم كشف اسمه، لمراسل (المدى) أنه تم منعهم من إعطاء أي تصريح سواء للأعلام او على منصاتهم في التواصل الاجتماعي، الا بصدور توجيه من رئيس مجلس الشباب الأعلى وبشكل مكتوب من قبله، بالإضافة الى منعهم من اللقاء مع أي تجمع يحمل الطابع السياسي، باستثناء تيار حزبي معين.
في حديثها عن واقع المنتديات الشبابية في العراق، توضح ميلان ناز أن أحد أبرز التحديات التي تواجه هذه المنتديات هو غياب التمويل الكافي والموارد المالية التي تتيح تنفيذ الأنشطة الشبابية.
وتقول ميلان لـ(المدى): "عادةً عندما نذهب إلى أي جهة حكومية معنية بملف المنتديات، ونستفسر عن سبب الإهمال أو عزوف الشباب عن المشاركة، الجواب المعتاد هو أن الموازنة غير متوفرة لتنفيذ الأنشطة، بالرغم من أن هناك تنسيقًا نشطًا مؤخرًا بين المنظمات والمنتديات ووزارة الشباب، هذه الحجج تبقى قائمة بالرغم من التفاعل الإيجابي بين مختلف الأطراف المعنية".
وفيما يتعلق بإدارة المنتديات، تلفت ميلان النظر إلى مشكلة أخرى تتعلق بنقص الكوادر الشابة التي تدير هذه المنتديات، ما يؤدي إلى فجوة واضحة بين رواد المنتديات وإدارتها، أشارت الى أن "هناك ضعفا في الإدارة في معظم المنتديات، حيث لا يوجد شباب في المناصب الإدارية، وبالتالي تظهر فجوة بين الشباب الذين يرتادون المنتديات وبين كيفية إدارتها".
ميلان تؤكد على أهمية وجود المنتديات في مختلف المحافظات العراقية، قائلةً: "وجود المنتديات أمر بالغ الأهمية، خاصة في المناطق التي تفتقر إلى الأماكن المخصصة للترفيه والتعلم وتنمية المواهب. المنتدى يوفر مساحة حيوية لتعلم مهارات جديدة، والتي يمكن أن تساهم في تعزيز فرص العمل والتمكين الشخصي."
لكنها تحذر أيضاً من مخاطر محتملة قد تنشأ نتيجة لغياب الدعم والتمويل الكافي، حيث تحولت بعض المنتديات إلى أدوات للتجنيد السياسي السري أو حتى لإدخال الشباب في عمليات تتبع مصالح شخصية أو أيديولوجيات معينة. مما قد يؤثر سلبًا على المسار الذي ينبغي أن تكون عليه هذه المنتديات."
وتعمل ميلان ضمن مشروع المجلس الوطني للشباب، يتبع وزارة الشباب والرياضة، والذي يشمل كافة المحافظات العراقية باستثناء إقليم كردستان. وأوضحت أن المشروع يركز بشكل خاص على تمكين الشباب في الجانب السياسي، بهدف تقديم أدوات وأفكار تمكنهم من المشاركة الفعّالة في الحياة السياسية وصناعة القرار في البلاد.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

اتحاد الكرة يقرر تأجيل تسمية المدرب الجديد للمنتخب الوطني

وفد أمريكي تجاري من 101 عضو يمثل 60 شركة يصل العراق

كتائب حزب الله تنفي موافقتها على نزع سلاحها

واسط تعطل الدوام الرسمي الأربعاء المقبل

الحرس الثوري يفكك خلية تابعة لداعش خططت لعمليات انتحارية

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

انتخابات 2025 على صفيح ساخن.. ما الذي يُخفيه
سياسية

انتخابات 2025 على صفيح ساخن.. ما الذي يُخفيه "الصدر" ويُقلق "الإطار"؟!

بغداد/ تميم الحسن تبدو في "تحذيرات" نوري المالكي و"تأكيدات" عمار الحكيم مؤشرات على قلق من تعطل الانتخابات التشريعية المقبلة. تصاعدت هذه المخاوف بسبب "تكتم" مقتدى الصدر – كما يُعتقد – بشأن السبب وراء إعلان...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram