TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > العمود الثامن: روسو يتطلع إلى بغداد

العمود الثامن: روسو يتطلع إلى بغداد

نشر في: 13 إبريل, 2025: 12:07 ص

 علي حسين

ظلّ الكتاب والمفكرون يضربون أخماساً بأسداس وهم يحاولون وضع تصور للدولة العادلة، لم يوفق أفلاطون في حل اللغز حتى وهو يخصص للموضوع كتابا بعنوان "الجمهورية" تاركا المهمة لتلميذه النجيب أرسطو الذي كتب مجلدا ضخما أطلق عليه "علم السياسة" وهو الكتاب الذي ترجم للعربية قبل مئة عام من قبل أحمد لطفي السيد.. وعندما أصر أفلاطون على أن يعلم طلبته أن المدن لا يمكن أن تكون أفضل من حكامها، وقف أرسطو ليقول له: الحاكم الحق هو الذي يبني دولته على خصلتين، العقل والعدل.. في مرات عديدة وأنا استرجع ما قرأته اتذكر دوما ما كتبه جان جاك روسو في اعترافاته: "العدالة، ليست علاقة بين إنسان وإنسان، بل بين دولة ومواطنين، شرط ألا يحول الحاكم الأفراد إلى أعداء بمحض الصدفة".
أرجو من الساسة لا المثقفين قراءة اعترافات روسو، ليكتشفوا كيف أن الحياة يمكن أن يصنعها كتاب واحد.. حين كتب روسو كتابه عن التربية "إميل" أراد أن يقف بوجه سلطات اللاهوت الغيبي، لذلك تآلب عليه المستبدون في كل بلدان أوروبا.. فقرروا أن يقيموا له المحارق، فيكتب إلى أحد أصدقائه: "ما همني أن أصبح طريدا.. فقد عشت مشردا طوال حياتي".
كلمات روسو التي أضاءت أوروبا منذ عشرات السنين رسمت خارطة طريق لبلدان قررت أن تتقدم، فيما نحن ومنذ عشرات السنين قررنا أن نتفرج ونعيش في سبات تقطعه بين الحين والآخر خطابات لساسة انتهازيين يرفعون شعار "أنا أو الفوضى"، نعيش معهم وسط أكوام من الخطب الفارغة وأعوام سبات في الجهل والتخلّف.
ما الذي علينا أن نتعلمه من روسو؟ يرشدنا صاحب العقد الاجتماعي إلى أن الأمم لا تزدهر في ظل ساسة يعتقدون أنهم وحدهم يعرفون مصلحة البلاد.. فالازدهار والتنمية والعدالة لا مكان لها في ظل رجال يخططون من أجل الوصول إلى درجة من الإيمان بأنه لا خيار أمام الناس سواهم.. لأنهم وحدهم يملكون القوة والحزم، يخيفون الناس، عادلون في توزيع العطايا والمنح على مقربيهم، وعادلون أيضا في توزيع الظلم على الناس.. أوهام كثيرة يصر البعض على ترويجها من أن العراق لا ينفع معه سوى ساسة يلعبون على الحبال ويعتقدون أن الاقتراب من قلاعهم جريمة، أدركت الشعوب أن الحل في دولة مؤسسات يديرها حاكم إنسان وليس مسؤولا "مقدسا" ومسلحا، يتصور أنه بطل منقذ.. يكتب روسو عام 1778 وهو يخط الصفحات الأخيرة من الاعترافات: "الحاكم الفاشل لا ينتج سوى الخواء والفوضى والاضطراب، ولا يعطي مواطنيه سوى الفشل والظلم وذل العوز".. فيما تكتب بغداد ان نائبة "متفرعنة" مثل عالية نصيف قررت ان تعاقب معلمة، لانها ازعجت ابنة شقيقة النائبة الهمامة .

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق الدولي للكتاب

الأكثر قراءة

العمود الثامن: الغرابي ومجزرة جسر الزيتون

العمود الثامن: نون النسوة تعانق الكتاب

العمود الثامن: مسيرات ومليارات!!

ثقافة إعاقة الحرية والديمقراطية عربيا

العمود الثامن: نصف قرن من التفوق

العمود الثامن: نصف قرن من التفوق

 علي حسين في مثل هذه الأيام، وبالتحديد في الثاني من كانون الاول عام 1971، أعلن الشيخ زايد عن انبثاق اتحاد الامارات العربية، وعندما جلس الرجل البالغ آنذاك خمسين عاماً على كرسي رئاسة الدولة،...
علي حسين

كلاكيت: في مديح مهند حيال في مديح شارع حيفا

 علاء المفرجي ليست موهبة العمل في السينما وتحديدا الإخراج، عبئا يحمله مهند حيال، علّه يجد طريقه للشهرة أو على الأقل للبروز في هذا العالم، بل هي صنيعة شغف، تسندها تجربة حياتية ومعرفية تتصاعد...
علاء المفرجي

البَصْرة.. لو التَّظاهرُ للماء والنَّخيل!

رشيد الخيّون تظاهر رجال دين بصريون، عمائم سود وبيض، ضد إقامة حفلات غنائيَّة بالبصرة، على أنها مدينة شبه مقدسة، شأنها شأن مدينتي النَّجف وكربلاء، فهي بالنسبة لهم تُعد مكاناً علوياً، لِما حدث فيها من...
رشيد الخيون

الانتخابات.. بين صراع النفوذ، وعودة السياسة القديمة

عصام الياسري الانتخابات البرلمانية في العراق (11 نوفمبر 2025) جرت في ظل بيئة أمنية نسبيا هادئة لكنها مشحونة سياسيا: قوائم السلطة التقليدية حافظت على نفوذها، وبرزت ادعاءات واسعة النطاق عن شراء أصوات وتلاعبات إدارية،...
عصام الياسري
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram