TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > العمود الثامن: الجلوس على أنفاس المواطن

العمود الثامن: الجلوس على أنفاس المواطن

نشر في: 17 إبريل, 2025: 12:32 ص

 علي حسين

هل تريدون الفوضى، أم مجلس نواب ظريف وخفيف الظل يجنبكم الوقوع في أهوال المصائب؟.. هذا السؤال أصبح يطرح هذه الأيام وبقوة.. كيف تريدون العيش دون مجلس نواب ديمقراطي او تعيشون بعيدا عن مجالس محافظات تدير شؤونكم؟.
ويردد المقربون والمنتفعون شريطاً غنائياً واحداً: إنكم تريدون إسقاط التجربة الديمقراطية التي يتغنى بها العالم اجمع، والالتفاف على إرادة الجماهير، وإجهاض العملية السياسية.. وبلغت الشعارات حد أن البعض قال: إذا كنتم مصرين على احداث تغيير.. فليس هناك من حل سوى السلاح الذي سيكون الحكم بيننا، وبين من يريدون الالتفاف على العملية السياسية.
فيما العراقيون يعيشون لحظة فارقة في تاريخهم المعاصر وسط خطابات زائفة ومقيتة عن الديمقراطية وإرادة الناس وإعادة انتاج نظام لا يعرف إلا لغة السمع والطاعة.. خطابات ينسى أصحابها أن الديمقراطية ليست سلاحاً تقتل به أبناء شعبك.. وأن الديمقراطية لا يمكن تجريدها من جوهرها الحقيقي الذي يعني أن السياسي لا يحق له أن يكون سيفاً مسلطاً على رقاب الناس يجزها في اللحظة التي يعتقد فيها أن هذه الديمقراطية نفسها تريد له أن يغادر الكرسي بسلام.
أصحاب الوصايا يحذروننا هذه الأيام من أن العراق سيمر بظرف عصيبة، لو أن الشعب لم يأخذ "الحيطة والحذر" من الأعداء الذين يتربصون به.. يتحدثون كل يوم عن الكارثة التي تنتظرنا لو أننا تجرأنا على مجرد التفكير في المطالبة بالإصلاح السياسي، ففي خطابات متشنجة تعيش على بث الرعب والفزع في نفوس العراقيين، خطابات يذرف أصحابها الدموع، كذباً، دفاعاً عن الأمان والاستقرار، متناسين أن "الحيطة والحذر" التي صدعوا رؤوسنا بها لم تجلب للناس سوى الفوضى والخراب.
كل تجارب التاريخ تعلمنا أن الفشل والتسلط لا يصنع دولا تنعم بالعافية، مهما كانت الشعارات التي يرفعها أصحاب مبدأ الحيطة والحذر والأكاذيب التي ينشرونها بين الناس.
ما يجري هذه الأيام من تخويف الناس وترويعهم مرة بحجة الخوف من الانفلات الأمني، ومرة بشعارات عن التدخل الأجنبي، ومرات عدة بالتآمر الدولي يكشف لنا بجلاء أن البعض يريد أن يكسر شوكة الآخرين من خلال تنفيذ مخطط لترويض الجميع على الإذعان للأمر الواقع، لتبدأ بعدها مرحلة التربص بالجميع من خلال سياسات متعمدة تستهدف الإجهاز على أية مطالب بالإصلاح، وحين تطالب الناس بالعدالة الاجتماعية ومحاسبة المفسدين نجد الاصرار على قوانين مضحكة مثل قانون جرائم المعلومات الذي سيزيد من متانة الحائط الذي تضعه الدولة بينها وبين المواطن.
والأمر ذاته يحدث فيما يخص الاقتصاد، ومعيشة المواطنين، إذ يجري إذلال الناس بخرافة ليس هناك أفضل من هذا الحال، وإحاطة المواطنين بحزام من الخطابات عن المؤامرة، بما لم يترك مجالاً لأحد من الناس كي يفكر في موضوع الخدمات والإصلاح السياسي، وبمعنى آخر يحاول المقربون أن يجعلوا من الاستقرار ثمناً للجلوس على انفاس المواطن العراقي.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق الدولي للكتاب

الأكثر قراءة

العمود الثامن: الغرابي ومجزرة جسر الزيتون

العمود الثامن: نون النسوة تعانق الكتاب

العمود الثامن: مسيرات ومليارات!!

ثقافة إعاقة الحرية والديمقراطية عربيا

العمود الثامن: نصف قرن من التفوق

العمود الثامن: نصف قرن من التفوق

 علي حسين في مثل هذه الأيام، وبالتحديد في الثاني من كانون الاول عام 1971، أعلن الشيخ زايد عن انبثاق اتحاد الامارات العربية، وعندما جلس الرجل البالغ آنذاك خمسين عاماً على كرسي رئاسة الدولة،...
علي حسين

كلاكيت: في مديح مهند حيال في مديح شارع حيفا

 علاء المفرجي ليست موهبة العمل في السينما وتحديدا الإخراج، عبئا يحمله مهند حيال، علّه يجد طريقه للشهرة أو على الأقل للبروز في هذا العالم، بل هي صنيعة شغف، تسندها تجربة حياتية ومعرفية تتصاعد...
علاء المفرجي

البَصْرة.. لو التَّظاهرُ للماء والنَّخيل!

رشيد الخيّون تظاهر رجال دين بصريون، عمائم سود وبيض، ضد إقامة حفلات غنائيَّة بالبصرة، على أنها مدينة شبه مقدسة، شأنها شأن مدينتي النَّجف وكربلاء، فهي بالنسبة لهم تُعد مكاناً علوياً، لِما حدث فيها من...
رشيد الخيون

الانتخابات.. بين صراع النفوذ، وعودة السياسة القديمة

عصام الياسري الانتخابات البرلمانية في العراق (11 نوفمبر 2025) جرت في ظل بيئة أمنية نسبيا هادئة لكنها مشحونة سياسيا: قوائم السلطة التقليدية حافظت على نفوذها، وبرزت ادعاءات واسعة النطاق عن شراء أصوات وتلاعبات إدارية،...
عصام الياسري
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram