علاء المفرجي
ولد الفنان التشكيلي سعد الطائي عام 1935 في محلة الوردية في مدينة الحلة، مركز محافظة بابل، بدأ الرسم وهو في سن السادسة من عمره، حيث كان يحصل على أقلام ملونة من معلمه في المرحلة الابتدائية لكي يلون رسماته، في بداية الخمسينيات سافر الى بيروت ثم بعدها سافر الى إيطاليا ليكمل دراسته في كلية الفنون الجميلة في روما وتخرج منه بشهادة بكالوريوس في الرسم والنحت عام 1957، وفي عام 1955، حاز على جائزة المنظر الإيطالي، وبعد حصوله على شهادة الماجستير عاد الى العراق، شارك في العديد من المعارض الفنية داخل العراق وخارجه، وحاز على جوائز عديدة، وألّف العديد من الكتب والمناهج دراسية لدراسة الفنون التشكيلية.
والطائي عضو في جماعة الانطباعيين من عام 1957 حتى 1968. وقام بتأسيس قسم اللغة الايطالية في كلية اللغات في جامعة بغداد وأول رئيساً للقسم عام 2002. عضو في نقابة الفنانين العراقيين. عضو في جمعية الصداقة العراقية الايطالية. أستاذ متمرس متقاعد في كلية الفنون الجميلة في جامعة بغداد 2009. أستاذًا لفن الرسم ورئيس قسم التربية الفنية ورئيس قسم الفنون التشكيلية في كلية الفنون الجميلة في جامعة بغداد. رئيس اللجنة الوطنية للفنون التشكيلية التابعة للرابطة الدولية للفنون التشكيلية.
حائز على جائزة المنظر الإيطالي عام 1955. وحائز على جائزة ايطاليا للفنون عام 1959. كما حاز على جائزة المصمم المميز عن مسرحية “أوديب ملكا” من المركز العراقي للمسرح عام 1990. وحاز على وسام الفارس من الجمهورية الإيطالية 2005.
ماهو سبب اختيارك لثيمة الانسان والمرأة بشكل خاص في اعمالك الابداعية؟
- انا لم ابتعد عن الواقع ولكن الانسان لدي اهم شيء ولكي نجعل المشهد يشعر بالزمان والمكان لا بد وان تخلق صيغة من صيغ الكينونة للانسان وليس للانسان فقد، فالطير الذي يطير في السماء ايضا نعتبره شخص او شخوص تتداخل في اللوحة كلوحة عودة السنونو الذي يمر من بين السيارات، ففي مرة من المرات عملت معرض عن الصخور او الاحجار جعلت في اللوحة كأن الاحجار تنطق في احد معارضي.
وبالنسبة للمرأة رسمت العديد من اللوحات التي تمثل المرأة وبخاصة في كونها رأس هرم البيت مع الأطفال، وهناك العديد من هذه اللوحات يمثل العائلة ثلاثية الأشخاص، فمرة داخل صخرة، ومرة تتحمل ضغوطًا مما حولها، وأخرى مع نساء تجمعهن اللوحة لكن دون ارتباط إلا في التوجه إلى مكان معين، فترى في بعض اللوحات نساء يندفعن إلى السوق أو إلى اتجاه غير معلوم منفصلات عن بعضهن كما في بعض لوحات الستينيات، لكن الهدف واحد. رسمت أشخاصًا لا تظهر عليهم معالم المرأة أو الرجل لتمثيل الإنسان لغاية أريدها، أما القارب فكان رسمه بتأثير البيئة التي شاهدتها وأغرتني في مخاطبتها… ومرة أعجبني مشهد تلاميذ المدرسة الذين يصلون بقواربهم (المشاحيف) ويتركون المجاديف متكئة على حائط المدرسة، وعند انتهاء الدوام يأخذ كل واحد منهم مجدافه وينطلق مع أخيه أو أخته متجهًا إلى كوخه في الهور. أما عن سؤالك عن القباب فهي الحقبة الأخيرة التي انبهرت برسم معالمها، وابتدأت أول لوحة عن القبة المخروطية لزمرد خاتون، وبعد دراسة تلك الأشكال أثارتني مشاهد القباب الأخرى والمآذن والأروقة في القصر العباسي وأروقة الجامعة المستنصرية وغيرها، فأنا لا أرسمها كما هي منظورة كما الآلة، وإنما أريد لها أن تتداخل فيها المشاهد كما تتداخل مشاهد زوار القباب المقدسة من خلال المرايا في سقوف المبنى، والفضاء ملازم لأعمالي. وقد أثار ذلك اهتمام المخرج الكبير إبراهيم جلال في قيامي بتصميم عدد من الديكورات لمسرحيات أخرجها.
القباب دائما في نصوصك الأبداعية؟
- هي فترات مختلفة من الافكار فهي ليس دائما فاحيانا تبهرني القباب والزخرفة الاسلامية والعمارة الاسلامي التي ليس لها نظير اما الزخارف الاسلامية فهي تجريدية صرف فالخطوط نفسها تراها رسم فهم قد ابدعوا فيها؛ ففي مرة من المرات التقيت بجماعة يقولون بانهم مؤطرين ومقيدين سياسا فكان لدين لوحات جميعها عن الاخشاب وعن الانسان فصار الموضوع غير مباشر ففي سنة 1991 كانت لديّ لوحة معروضة في معرض في ايطاليا، هذا المعرض تجول في 5 مدن ايطالية لوحة قياسها 170 في 140 انسان يمشي على الاخشاب اخشاب متناهية. فقد اشتراها بنك الديوان الايطالي.
لدي جائزة رسم المنظر الطبيعي كما يراه الفنون الاجانب وبعدها اشتركت في اول معرض في شارع الفنانين وعملوا اول معرض في الشارع واقاموا المعارض وقد عرضوا لوحاتنا في هذا الشارع انا وخالد الرحال ومحمد غني حكمت من نحاتين
درست (المدالية) انا وخالد الرحال عام 1952في مدرسة المدالية، فخالد اكبر مني ب8 سنوات ومحمد غني اكبر مني ب6 سنوات فكنا انا وخالد الرحال نشتغل المداليات في مركز سك النقود في ايطاليا، وكي لا تموت المهنة عملت طابق من الطوابق مدرسة لتعليم صنع المدالية وكيفية الحفر لتكوين قالب يعمل النقود وعملنا به والتحق بنا محمد غني فمحمد وصل بداية عام 1955

هل جربت ان ترسلم للطفولة
- انا لم ارسم مثل الاطفال فانا منذ صغري ارسم لوحات مميزة لكني كتبت عن كيفية تدريس الاطفال فلدي مساهمات كثيرة في وزارة التربية عن اصول تدريس الفنون التشكيلية في المدارس الابتدائي بل وحتى في الروضة ويصل الى دور المعلمين ومساهماتي في مدارس الكليات.
يقال ان الفن العراقي بدأ في بداية العشرينات على يد رواد مثل محمد سالم زكي ومحمد سليم وعبد القادر رسام وجبرا يقول ان الفن العراقي قد بدأ في الاربعينات بسبب هجرة الفنانين البولنديين بسبب الحرب وقد علموا الفنانين الذين كانوا مبتدأين على الملصقات والدعاية ما هو قولك في ذلك»؟
الرسامين الاوئل بدأوا في الاستانة وكانوا اكثرهم ضباط، ولم يكونوا الأساس للفن الحديث، فهم اساس لنقل الواقع والحقيقة، وفي الاربعينات جاءوا رسامين بصيغ اخرة كالرسم بالسكين، فتأثر فيهم أمثال فايق حسن، وجواد سلسم، ومن بعدهم شاكر حسن ىل سعيد واكرم شكر ذهب اعتقد الى انكلترا بعده فايق حسن، ففايق لم يكلن لديه شهادات ولكن له معرفة ببعض الشخصيات، بالنسبة لي أنا من الجيل الذي بعدهم ولكني عاصرتهم، فانا عندما رجعت من ايطاليا سنة 1957 كان الذين يدّرسون فايق وجواد وصبري،وأنا زاملتهم، واعتبر نفسي من الجيل الذي بعدهم اي الجيل الثاني لانهم يسبقونني بعشر سنوات فهم من جيل العشرينا وانا من الجيل الثلاثينات، إن صحت التسمية.
هل تعتقد ان النقد قد واكب المنجز التشكيلي العراقي ام انه تخلف عن هذه القضية قييم للاعمال الفنية
- في السابق كان لدينا نقاد تخصصوا في الفن التشكيلي مثلا جبر ابراهيم جبرا هو رسام الرسام عندما ينتقد العمل الفني يحس به وشوكت الربيعي وعادل كامل وغيرهم ، يوجد ناس ادباء يحول النقد الادبي يرفع منه الكلمات، يعني احساسه غير احساس الرسام او النحات الذي يكتب عن العمل الفني وصارت زيارات معرض وانطباعات سريعة لم اعتبرها نقد فالناقد الصحيح ان يتمعن في اللوحة بل ويحدد لوحة ويشرحها مثل ما حدث باطاريح الطلبة، فنحن من وجهناهم بالماجستير والدكتوراه، وجهناهم عن اعمالهم ومنجزاته وكيفية تداوله للون والخط اما الان فلم ارى احد يكتب كتابه الا القليل ويتوجه باتجاه الحركة النقدية الاوروبية فصارت حركة نقدية تجديدة لها مجال يتبناها او ما بعد الحداثة فهي ليست لنا فهو يمشي بعدها والاحساس يمكن ان يكون اكثر من احساس الفنان الاوربي وانت تقارن بفنان أوربي اشتهر باشياء تغربيبية تجهل فهمها مبهمة لم نريد ذلك هم اتاح لهم اعمال مليئة مثل ما لدينا من اعمال شعرية فعندهم التشكيل قمة الاعمال فيحاولون يبدلون او يغيرون فاحيانا للا شيء انه مليئ متاحفهم بعجائب الاعمال الفنية مثل ما في الصناعة تتغير كل يوم فنحن ليس لدينا هذا الشيء.
بعد ستين عام من انشغالك بالرسم التشكيلي بالشكل العام ما هي التحولات بالتشكيل العراقي؟
- التحولات موجودة وتطور الفنانين موجود بشكل شخصي ولا توجد مؤسسة ترعى هذا الفن غير جمعية الفنانين فتظل الفنان اعماله فردية، فبعضهم يتأثر بغيرهم ومقلدين وبعضهم لا عنده اتجاه صحيح فهو الذي اوضحه لطلابي انه من الانطباعي، والنظر الى الاشياء وتستمر وترى اللون باسمك، والخطوط باسمك، وتميز نفسك وناضل في سبيل ان تكون انت.

في معارضك السابقة التجريدة كان السمة الاساس في نصك، فانت الفنان الوحيد الذي اشتغلت على هذا الموضوع حتى الفكر الذي في داخل التجريد؟
- انا لم ابتعد عن التجريد لكن الفكر لدي مهم يحتى يخلق الاستمرارية بالنظر الى اللوحة، وحياة اللوحة لم ادع اللوحة ان تٌنظر لنظرة واحدة فقط بل اريد المشاهد ينظر اليها بنظرة صحيحة ويتمتع بها، ويفكر بها فمثلا عندما اشرح لشخص على لوحة الامل التي تشرح على اناس قد هجروا الى مكان مجهول فقط للتخلص من مكانه، قد ظهرت لدي مجموعة من اللوحات واستمر الى هذا المعرض تقريبا صار لدي ثلاث معارض فيها الروحية وحب الانسان والانطلاق من المجهول الى مكان آمن ولا يعرف اين يتجه هل يعود ام يستمر او مثلا أم لم يبقى لديها سوى اولادها الاثنين وتسحب بهما حتى تصل الى مكان ما، فهذا هو الترابط بين الفكر والامان فالجبال من عندي بل وحتى الفرسان، فلا يوجد داعي ان تميز الفارس فهذه تمثل جزء من المحاكاة مقاربة لمحاكاة الواقع.
أود أن أتساءل عن هوية فنك أين تكمن اليوم سواء الفكرية منها والجمالية؟
- أنا مهتم بمخاطبة المشاهد ليس سطحيًّا وإنما في جعله ينظر إلى اللوحة ويدور بعينيه في كل بقعة منها، فأنا لا أهتم بنقطة نظر واحدة يرتكز عليها الموضوع، وإنما مجموعة من النقاط المنظورية، أرضية كانت أم فضائية، هكذا من ناحية الشكل أما الموضوع فهو أساسي في أعمالي، والفكر الذي يدفعني إلى إنتاج اللوحة ليس إلا عمق مشاهدة وتمحيص لما أراه وأتأثر به. والقراءة كذلك منبع كبير للمعارف وقراءة الشعر تنير الدرب للفنان وتلهم خياله كما هي الحال عند الشاعر.
أما زلت وفيًّا للمدرسة الانطباعية، وما مؤثراتها السابقة واللاحقة في فنك؟
- إن إشكالية التسميات ما زالت قائمة عندنا وتسمية الجماعات الفنية في مقدمتها، ومنها جماعة الانطباعيين العراقيين التي كان مؤسسها الفنان حافظ الدروبي، وصرت عضوًا فيها حال رجوعي من الدراسة في إيطاليا عام 1957م، ولم يكن جميع أعضائها انطباعيين، ولم أكن أنا كذلك لكن هذه التسمية طبعتنا بطابع الانطباعية التي حاولنا مرارًا تغيير التسمية، وغيرت من جماعة الانطباعيين إلى جماعة الانطباعيين العراقيين للابتعاد من المدرسة الانطباعية الفرنسية في القرن التاسع عشر التي كانت تسميتها تنطبق على أساليب الفنانين المنتمين إليها، وبهذا لم تكن التسمية عندنا منطبقة على أساليب غالبية أعضاء هذه الجماعة، ولكن أقول إني لم أبتعد عن الاهتمام بالانطباعات التي تحدثها البيئة في أعمالي، ولم أبتعد إلى التجريد، فالتغيير عندي أهم من الشكليات المجردة.

قالوا عن سعد الطائي

في حضوره اللافت يمضي (سعد الطائي) قدما بالتصريح بفكرة الاغتراب، ثمة قوة جذب لما هو ات دائما، فيما يدع شمس الماضي تغرب على مهل. ومن البداية ان يظهر سعد الطائي شفافية في المناقلة بين تصوراته بما يبقيه في مدار الوعي بالرسم حين تكون خلاصا يجنبنا الانزلاق في الحواشي المنسية عرفناه ممن أسهم في مشروع الريادة في الفن العراقي المعاصر، وممن صنع له سيقانا صلبة وكان ان عرف طريقه نحو الحداثة منذ سنوات الاكتشاف الأولى تلك ، ورسوماته تشد بعضها البعض في نسق تواصلي تحويلي وبلا انقطاع في موجة رسومه هذه المرة ، يدفه الطائي بأطروحاته من وحي الغربة وهي التي تجرف معها كل أصول اللعبة الجمالية وزمنها الى فضاء الأسئلة الوجودية والصور الذهبية من خلال رسوم ذات طلاء نوستولوجي لزمن لا .
عاصم عبد الأمير

تمثل لوحات الفنان الطائي بدمج أكثر من إسلوب فني في إسلوب واحد هو الأسلوب الانطباعي والتكعيبي وقد تضفي عليهما من الرمزية شيئاً فقد نشأ من الطبيعة بكل مدركات حضورها , فهو ليس فناناً انطباعي الاتجاه والتوجه وإنما هو كم يعمل على تشكيل مبناه الفني , وهذا ما يجعله ينفي أية علاقة لهُ بالمدارس الفنية , لقد نشأ الفنان الطائي من نفسه فلم يقلد أو يتأثر بأي مدرسة فنية لكنهٌ تحول من الطبيعة إلى الواقع , فهي ليست النظير المشهدي للواقع وإنما هو ما تداخلت خلف عناصر التخييل في إعادة تركيبة , أي يفكك الشكل ثم يعيد بناءه وفقاً لرؤية تخيلية , فانجازه للوحة الفنية هي قمة خبراته المنجزة وخلاصتها فهو فنان دائم البحث.
نبيل عبد الأمير الربيعي

يعد سعد الطائي واحدًا من أبرز الأسماء الفنية العراقية منذ زمن بعيد. ولد هذا الفنان عام 1935م على ضفاف نهر الفرات قرب مدينة بابل التاريخية. أحب الطبيعة فرسم تفاصيلها منذ صباه. نال شهادة الماجستير في الرسم من أكاديمية الفنون الجميلة في روما في منتصف خمسينيات القرن الماضي، ليعد أحد أعضاء جمعية الانطباعيين الذين ساهموا في تعزيز هذه المدرسة الفنية. ترأس قسمي التربية الفنية والفنون التشكيلية في كلية الفنون الجميلة. يطرح هذا الحوار شيئًا من الأثر التاريخي لواحد من الرواد في الرسم العراقي.
خضير الزيدي

سعد الطائي يمكن ان نطلق على اعماله بالتعبيرية الواقعية التمثيلية وتأثيرات انطباعية من ناحية اللون وتكعيبية او شيئا منهما من ناحية الاشكال ... وكانت التعبيرية لون من الوان الفن وكمدرسة ظهرت في اواخر القرن التاسع عشر على يد فان كوخ 1852 وادوار مونخ 1863- ويعبر بها الفنان عن مشاعره وانفعالاته عن طريق التبسيط والتحريف او التأكيد على اللون .. في عام 1930 طرحت في بروكسل فكرة الواقعية الحرفية والواقعية التمثيلية للنقاش في مؤتمر فني عالمي . فالواقعية الحرفية يعني التقليد الحرفي للواقع بينما الواقعية التمثيلية تعني اخذ مواضيعها من المشاهد اليومية والحياة الطبيعية والتصرف الامثل فيها .. وكانت المدرسة الفلامنكية مدرسة تمثيلية .
د. كاظم شمهود