TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > الانتخابات بين مصالح الأحزاب الفئوية والمصالح القيمية للدولة!

الانتخابات بين مصالح الأحزاب الفئوية والمصالح القيمية للدولة!

نشر في: 13 مايو, 2025: 12:01 ص

عصام الياسري

مع هاجس التحديات الخطيرة وتفاقم الأوضاع الأمنية وانتشار السلاح المنفلت وتسويف الأحزاب السياسية الماسكة بسلطة الدولة العميقة وإصرارها تحييد الانتخابات لصالحها واحدة من أهم الموضوعات التي تعمل تحقيقها، تغيير قانون الانتخابات كل مرة بالشروط التي تنسجم مع مصالحها بالضد من طموحات المجتمع العراقي وحراكه الشعبي في أغلب المدن العراقية والتي يقدر بنسبة 80%. ولا تزل الطبقة السياسية هذه، تتصرف بمنطق "المصالح الشخصية والفئوية لا المصالح الوطنية" وأهمها تحقيق العدالة الانتخابية. وعلى قدر أهمية مواقف المرجعية الدينية بشخص (السيد السيستاني) ودلالاتها فيما يتعلق الأمر والقضايا المصيرية التي يتطلع لها الشعب العراقي، هناك مسألتان لا بد من الوقوف عندهما: (تركيبة الأحزاب ومفهوم الانتخابات)، اللتان لا تشكلان طبيعة مريحة تدعو للاطمئنان على نزاهة الانتخابات وتحقيق دولة المواطنة ومد جسور الثقة مع أصحاب القرار، أحزابا كانوا أم ساسة، لإخراج العراق من دائرة المسارات الفاشلة التي أوصلت الدولة إلى ما هي عليه من أزمات أرهقت الدولة والشعب ـ على حد سواء.
وإذا ما استمرت التجاذبات الانتخابية بمحاذاة العنصر الطائفي وبالاتجاه المعاكس لمبادئ الدستور وما تطمح إليه الأغلبية الساحقة من المجتمع العراقي، فإن المشاركة بالانتخابات تصبح عندئذ، لا قيمة لها، ولربما قرارا غير حكيم. فيما تغيير "النظام السياسي" بالطرق السلمية، وبالأخص بالنسبة لمن يهمهم الأمر في الحراك الوطني وأحزاب خارج السلطة والطبقات المعدومة ومن بينهم العاطلون عن العمل وأصحاب الدخل المحدود، سيكون أكثر تعقيدا. إن إجراء انتخابات غير عادلة ونزيه مع عدم وجود قانون انتخاب وقانون أحزاب ومفوضية انتخابات مستقلة، نتائجها لن تحقق العدالة المجتمعية ومحاربة الفساد وحصر السلاح بيد الدولة أو الكشف عن قتلة المتظاهرين وتقديمهم للعدالة أو إبعاد مؤسسات الدولة التشريعية والتنفيذية والقضائية عن هيمنة الأحزاب والمنفذين والميليشيات المسلحة.
إن أمل إحداث تغيير في طبيعة النظام وسلوكياته انعدم بالكامل، بل بات من المستحيل، ما لم تفرض المؤسسة القضائية احترام الدستور والتقيد بما ينص من مبادئ ثابتة تتعلق بنظام الانتخابات وعدم السماح بأي حال من الأحوال ممارسة الضغوط الفئوية والحزبية ومحاسبة كل من يسعى تحريفها لصالحه قبل كل دورة انتخابية مركزية أو محلية. في هذا السياق، بات، من الناحية القانونية والموضوعية، على الأحزاب والقوى المدنية المعارضة لشكل النظام السياسي الذي فقد الشرعية الشعبية أن تتوجه للقضاء لمراجعة المواد ذات الصلة ومنع المساس بها إلا بقرار تشريعي يتناسب مع مصالح الأغلبية من المجتمع العراقي.
إذن، على الأحزاب والقوى المدنية التي تسعى من الناحية القانونية والموضوعية، إلى تصحيح النظام السياسي، ممارسة حقها بالضغط على المؤسسة القضائية لتحمل مسؤولياتها لتحقيق سيادة القانون وما يلزم الدستور من مبادئ تتعلق بالعدل المجتمعي وضمان مصالح المجتمع وتحقيق الاستقرار السياسي وانتقال السلطة سلميا. وإن لم تتمكن من ذلك، عليها أن تفكر بمقاطعة الانتخابات والذهاب إلى المؤسسات الدولية لقطع الطريق أمام الأحزاب الطائفية. ومطالبة رئيس الوزراء، إن كان جاد بتنفيذ شعاره حينما أعلن عن برنامجه الحكومي بأنه "رجل أفعال وليس أقوالا" إن يمارس صلاحياته الدستورية لمعالجة أزمة الانتخابات وقوانينها.
القانون الدولي للدولة: أجهزتها، شعبها، مناطقها، أشكالها يرتبط بموجبها الناس بعضهم ببعض لحماية مصالحهم المشتركة. في شأن ذلك، يعتمد على وجه التحديد، وفقا لعقيدة العناصر الثلاثة الدولة والشعب والسلطة، على أهم الوقائع والمعايير، لضمان التوازنات المتبادلة بين الحقوق والواجبات داخل المجتمع تحت رقابة أحزاب فاعلة داخل وخارج المنظومة البرلمانية. لكننا نتساءل ببساطة: ما هو دور الدولة لحماية حق المواطن؟ وكيف يمكن أن تكون فاعلة داخل المجتمع؟ لنحكم بينها وبين قراءة الحدث السياسي وما تحيط مؤسسة الدولة من إشكاليات تتعلق بالانتخابات في العراق.
الأحزاب السياسية في الدولة المدنية، لديها مهمة أساسية: تمثيل المصالح الاجتماعية والخدمية والسياسية والاقتصادية للشعب. ووفقا لأحكام قانون الأحزاب والانتخابات (غير الموجودة في العراق)، فإنها تعتبر، أي الأحزاب، من الجماعات المجتمعية التي تؤثر في صنع القرار السياسي وتمثيل الشعب في "البرلمان"، تبعا للقواعد الفعلية العامة. فيما يحظر "القانون" في الدولة المدنية "الأحزاب" التي لها أذرع مسلحة من المشاركة في الانتخابات، ويطالبها تقديم تعهد يتضمن مادة واضحة بذلك. أيضا، عليها قبل حلول كل إنتخابات بيان مواردها المالية قانونيا، متى وكيف ومن أين؟ كذلك طبيعة عملها وأماكنها المحددة وعدد أعضائها. والأهم اعترافها بالقانون الأساسي للدولة "الدستور" والالتزام بمبادئه.
للمشاركة في تشكيل الإرادة السياسية للشعب، تتمحور أنشطة الأحزاب عادة حول، تأثيرها على تحريك الرأي العام، وتشجيع المواطنين على العمل في الحياة السياسية وحرية إشراك القادرين منهم على تحمل المسؤولية العامة في الحكومة "الاتحادية" أو المحلية بالشكل الذي يساعد على نجاح عمل البرلمان والحكومة. بيد أن مبدأ حرية تأسيس الأحزاب بالإضافة إلى حرية الحزب فيما يتعلق بأهدافه وبرنامجه ونشاط أعضائه في سياق العمل الحزبي لا يمكن تبرير أعمال إجرامية بحرية النشاط الحزبي. ويلزم القانون الأساسي، الحكومة بمعاملة جميع الأطراف على قدم المساواة، وتطبيق مبدأ التعامل بين الدولة والأحزاب الفاعلة بحيادية - تامة. ويلزم القانون أيضا جميع السلطات، بما في ذلك هيئات البث العامة، بمعاملة الأطراف من حيث المبدأ بنفس الطريقة عند تقديم التسهيلات والخدمات الانتخابية. وذلك لضمان المنافسة العادلة بأحدث الأساليب المعروفة باسم "تكافؤ الفرص المتدرج" للحصول على أصوات ودعم المواطنين الناخبين وفقا لأهمية الحزب ونزاهته...
السؤال: متى تستوعب "الأغلبية الصامتة" أهمية دورها لتغيير بوصلة السياسة نحو نكون، بديلا، عن أن لا نكون؟

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق الدولي للكتاب

الأكثر قراءة

العمود الثامن: الغرابي ومجزرة جسر الزيتون

العمود الثامن: نصف قرن من التفوق

العمود الثامن: نون النسوة تعانق الكتاب

البَصْرة.. لو التَّظاهرُ للماء والنَّخيل!

كلاكيت: في مديح مهند حيال في مديح شارع حيفا

العمود الثامن: نصف قرن من التفوق

 علي حسين في مثل هذه الأيام، وبالتحديد في الثاني من كانون الاول عام 1971، أعلن الشيخ زايد عن انبثاق اتحاد الامارات العربية، وعندما جلس الرجل البالغ آنذاك خمسين عاماً على كرسي رئاسة الدولة،...
علي حسين

كلاكيت: في مديح مهند حيال في مديح شارع حيفا

 علاء المفرجي ليست موهبة العمل في السينما وتحديدا الإخراج، عبئا يحمله مهند حيال، علّه يجد طريقه للشهرة أو على الأقل للبروز في هذا العالم، بل هي صنيعة شغف، تسندها تجربة حياتية ومعرفية تتصاعد...
علاء المفرجي

البَصْرة.. لو التَّظاهرُ للماء والنَّخيل!

رشيد الخيّون تظاهر رجال دين بصريون، عمائم سود وبيض، ضد إقامة حفلات غنائيَّة بالبصرة، على أنها مدينة شبه مقدسة، شأنها شأن مدينتي النَّجف وكربلاء، فهي بالنسبة لهم تُعد مكاناً علوياً، لِما حدث فيها من...
رشيد الخيون

الانتخابات.. بين صراع النفوذ، وعودة السياسة القديمة

عصام الياسري الانتخابات البرلمانية في العراق (11 نوفمبر 2025) جرت في ظل بيئة أمنية نسبيا هادئة لكنها مشحونة سياسيا: قوائم السلطة التقليدية حافظت على نفوذها، وبرزت ادعاءات واسعة النطاق عن شراء أصوات وتلاعبات إدارية،...
عصام الياسري
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram