TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > العمود الثامن: برلمان أخرس

العمود الثامن: برلمان أخرس

نشر في: 27 مايو, 2025: 12:06 ص

 علي حسين

هل الذين يراهنون على قدرة البرلمان على حل أزمات العراق، يصدقون أنفسهم؟ لا أظن ايها السادة أن أحداً من العراقيين يمكن أن يرى في برلمان المحاصصة والطائفية طوق نجاةٍ من أزمات سياسية وخدمية واقتصادية.
منذ سنوات وهذه البلاد تنظر بأمل إلى قبة البرلمان، فيما السادة النواب يترددون في خطواتهم، لأنّهم يرون في العجلة الندامة، فماذا يعني إذا تأخرت مشاريع الكهرباء والصحة والتعليم، وارتفعت نسبة الفقر؟، المهمّ أن تترسّخ الديمقراطية التي تسمح لنواب لم يجلسوا تحت قبة البرلمان بأن يستلموا رواتب شهرية بالملايين وتحيط بهم الحمايات والسيارات المصفحة ويتجولون في بلدان العالم على نفقة برلمان معطل لمجلس النواب.. وتسمح لـ"الشيخ" يزن مشعان الجبوري ان ترافقه حمايات عسكرية تُدفع اموالها من حزينة الدولة.
ماذا فعلت السرعة بنا؟، جعلتنا نتخلّى عن عقلية "تكنوقراطيّة" بوزن ابراهيم الجعفري ، الذي لسوء حظنا طلّق السياسة بالثلاث، وتفرّغ لتجاربه في "المعجون الوطني"، فقد كان الرجل يطمئننا أن الدستور هو الذي يحمي الجميع، ولا يدري السيد الجعفري ومعظم ساستنا ان مشكلتنا مع دستور توهمت الناس وهي تذهب للاستفتاء عليه عام 2005 أنه سيساعد البلاد في التطلع إلى المستقبل وينهي عهد الحزب الواحد والنظام الواحد، فإذا به وبفضل عبقرية صالح المطلك وابتسامات مريم الريس و"حنكة" همام حمودي، يعمق هذه المشكلات والانقسامات، وليكتشف الواطن أنه يعيش مع دستور كُتب وصمم لمصالح الأحزاب والكيانات السياسية. ثم وقفت الناس في طوابير طويلة في انتخابات البرلمان ومجالس المحافظات أملاً في تهدئة نفوس الساسة الثائرة من أجل الكراسي والمناصب، والانطلاق نحو عملية ديمقراطية، فاكتشفوا أن الانتخابات انطلقت بهم إلى عالم زائف من الممارسة السياسية. اليوم يعتقد البعض أن صبر العراقيين على تسعة عشر عاماً من الطائفية والمحسوبية والانتهازية السياسية وما رافقتها من مآسي يمكن أن يختصر في معارك من أجل برلمان انتفض من اجل قنفاته، ولم ينتفض للدماء التي سالت على جدرانه .
عندما بدأت الصين في الانتقال من المجتمع الزراعي إلى مجتمع صناعي متطور، لم تذهب باتجاه البنوك للحصول على أموال، بل كان باني الصين الحديثة دينغ شياو يقوم بزيارة سريّة إلى سنغافورة ليعرف بنفسه سرّ تطورها وكيف تحولت هذه الجزيرة من مستنقع فقير إلى قوة اقتصادية كبرى، وليقرر بعد عودته إلى بكين أن ينقل بلاده من زمن الخطابات والشعارات، إلى عصر "اليوان الصيني" الذي يُرعب الأسواق إذا ما مسّه سوء. أراد "دنغ شياو بنغ" وهو يبني الصين الحديثة أن يفيد من تجربة دول مثل اليابان وسنغافورة. ليكتشف في النهاية أن التطور يعني مسؤولاً يحب وطنه وشعبا يحترم العمل. حقّقت الصين رفاهية مستقرّة، وازدهاراً متواصلاً، من دون أن تسأل نفسها، أيهما أهمّ، التنمية والتطور، أم برلمان أخرس؟

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق الدولي للكتاب

الأكثر قراءة

العمود الثامن: الغرابي ومجزرة جسر الزيتون

العمود الثامن: نون النسوة تعانق الكتاب

العمود الثامن: مسيرات ومليارات!!

ثقافة إعاقة الحرية والديمقراطية عربيا

العمود الثامن: نصف قرن من التفوق

العمود الثامن: نصف قرن من التفوق

 علي حسين في مثل هذه الأيام، وبالتحديد في الثاني من كانون الاول عام 1971، أعلن الشيخ زايد عن انبثاق اتحاد الامارات العربية، وعندما جلس الرجل البالغ آنذاك خمسين عاماً على كرسي رئاسة الدولة،...
علي حسين

كلاكيت: في مديح مهند حيال في مديح شارع حيفا

 علاء المفرجي ليست موهبة العمل في السينما وتحديدا الإخراج، عبئا يحمله مهند حيال، علّه يجد طريقه للشهرة أو على الأقل للبروز في هذا العالم، بل هي صنيعة شغف، تسندها تجربة حياتية ومعرفية تتصاعد...
علاء المفرجي

البَصْرة.. لو التَّظاهرُ للماء والنَّخيل!

رشيد الخيّون تظاهر رجال دين بصريون، عمائم سود وبيض، ضد إقامة حفلات غنائيَّة بالبصرة، على أنها مدينة شبه مقدسة، شأنها شأن مدينتي النَّجف وكربلاء، فهي بالنسبة لهم تُعد مكاناً علوياً، لِما حدث فيها من...
رشيد الخيون

الانتخابات.. بين صراع النفوذ، وعودة السياسة القديمة

عصام الياسري الانتخابات البرلمانية في العراق (11 نوفمبر 2025) جرت في ظل بيئة أمنية نسبيا هادئة لكنها مشحونة سياسيا: قوائم السلطة التقليدية حافظت على نفوذها، وبرزت ادعاءات واسعة النطاق عن شراء أصوات وتلاعبات إدارية،...
عصام الياسري
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram