TOP

جريدة المدى > محليات > رسم دخول بلا مردود.. الزوار يتساءلون عن مصير إيرادات متنزه الزوراء وأمانة بغداد تبرر!

رسم دخول بلا مردود.. الزوار يتساءلون عن مصير إيرادات متنزه الزوراء وأمانة بغداد تبرر!

نشر في: 28 مايو, 2025: 12:05 ص

 بغداد / تبارك عبد المجيد

تُعد مدينة الزوراء أكبر متنفس للعوائل في العاصمة بغداد، وواحدة من آخر المساحات الخضراء التي ما تزال تقاوم زحف الأبراج السكنية والمراكز التجارية التي تحاول التمدد على حسابها، مهددة بابتلاع ما تبقى من رئة المدينة. ورغم أن كلفة الدخول إلى مدينة الزوراء ألف دينار عراقي، إلا أن الزائر يُفاجأ بمجرد دخوله بحالة من الإهمال الواضح التي تطال مرافقها الصحية وألعاب الأطفال وحتى حظائر الحيوانات. فالحدائق التي كانت يوما مزدهرة باتت تفتقر للعناية، والمرافق الترفيهية تعاني من القِدم وتلف، في حين يظهر غياب الصيانة جلياً في كل زاوية من زوايا المدينة.

وهنا يبرز سؤال: أين تذهب هذه الأموال التي تُجبى يومياً من آلاف الزوار؟ ولماذا لا تنعكس على مستوى الخدمات داخل المدينة التي يُفترض أن تكون وجهة للراحة والترفيه لا بيئة للإحباط والاستياء؟
يقول عز الدين حسن، وهو رب أسرة مكونة من خمسة أفراد، إن زيارة الزوراء أصبحت الخيار شبه الوحيد حين تبحث العائلة عن فسحة بسيطة للهروب من ضغوط الحياة اليومية "في كل مرة نريد الخروج، نحتار إلى أين نذهب، فلا نجد أمامنا إلا الزوراء. ولكن للأسف حتى هذا المتنزه بدأ ينهار أمام أعيننا".
يتحدث عز الدين لـ(المدى)، عن مظاهر الإهمال التي باتت واضحة في أرجاء المتنزه: "الألعاب مكسورة، المراجيح متوقفة، والمرافق تعاني من الإهمال والتقادم. ندفع رسوم دخول، ألف دينار لكل فرد، أي ما لا يقل عن خمسة آلاف دينار للعائلة، ومع ذلك لا نرى أي صيانة أو تحسين. السؤال البسيط الذي يطرحه الجميع: إلى أين تذهب هذه الأموال؟ ولماذا لا تُستثمر في إصلاح المكان؟".
لكن القلق الأكبر كما يقول لا يكمن في الإهمال فقط، بل فيما يُطرح اليوم من نوايا لتحويل المتنزه إلى مشروع استثماري: "لا نريد مطاعم ومراكز تجارية، لقد سئمنا من هذا النمط المكرر. كل مساحة خضراء أو عامة يحاولون تحويلها إلى مشروع ربحي، وكأن حق الترفيه أصبح حكرا على القادرين ماليا. متنزه الزوراء ليس مشروع استثماري، بل هو ملك للناس، للعائلات البسيطة التي لا تملك سوى هذه المساحة لتفرح بها".
وعبر الناشط البغدادي مرتضى صالح عن قلقه الشديد إزاء ما يجري، قائلاً: "متنزه الزوراء ليس مجرد مساحة ترفيهية، بل هو بمثابة رئة للعاصمة بغداد، وآخر فسحة مفتوحة تقصدها العائلات البسيطة. حين تسير وترى وجوها من مختلف المناطق، أطفالاً يركضون، عائلات تستظل بالأشجار، وكبار سن يجدون فيه راحة لا توفرها لهم المدينة المزدحمة. ورغم الإهمال، ورغم تعطل الألعاب وتراجع الخدمات، ما زال الناس يأتون، لأنهم ببساطة لا يجدون بديلاً". ويصف مرتضى المشهد وكأن الزمن قد توقف هنا "الألعاب قديمة ومتاكلة، المرافق بحاجة ماسة إلى الترميم، ورغم هذا التدهور، تُفرض رسوم دخول على الزوار، دون أن يكون هناك أي أثر ملموس لتحسين أو تطوير. أين تذهب هذه الأموال؟ ولماذا لا تُستثمر في إعادة تأهيل المكان، بدلاً من التفكير في تحويله إلى مركز تجاري؟". يضيف لـ(المدى)، أنه "أصبحنا نشهد تحويل كل مساحة عامة أو خضراء إلى فرصة استثمار وربح، وكأن الترفيه يجب أن يكون حكرا على أصحاب الدخل العالي. لم تعد هناك عدالة مكانية أو اجتماعية، بل بدأ المواطن يفقد حتى أبسط حقوقه، كأن يقضي وقت مع عائلته في مكان عام دون أعباء إضافية".
ووجه صالح دعوة الى الجهات الحكومية "أوقفوا مخططات الاستثمار في متنزه الزوراء. ليس كل شبر في هذه المدينة يجب أن يتحول إلى مشروع ربحي. الزوراء مساحة عامة، ملك لجميع المواطنين، ويجب الحفاظ عليه وتطويره، لا بيعه. فإذا خسرنا هذا المتنزه، نكون قد خسرنا آخر مساحة تنتمي حقا إلى الناس".
المتحدث باسم أمانة بغداد، عدي الجنديل، قال إن “هناك خطة ترويجية دائمة وأعمال صيانة مستمرة في حدائق ومنتزه الزوراء، بهدف تحسين الخدمات وتوسيع المساحات الخضراء".
وأوضح الجنديل لـ(المدى)، أن "رسم الدخول إلى المتنزه، البالغ 1000 دينار، يستخدم في أعمال الصيانة والتطوير، بما يشمل تأهيل الحدائق، الممرات، أنظمة الري، والمرافق العامة، وذلك من خلال جهود دائرة المتنزهات والتأجير".
وأضاف أن "هناك رؤية تطويرية جديدة قدمتها دائرة المتنزهات والتشجير، وتمت المصادقة عليها من قبل أمين بغداد، وتتضمن توسعة حديقة الزوراء وإعادة فتح المساحات المغلقة بعد إعداد تصاميم حديثة للمنطقة. كما ستشمل أعمال التطوير إنشاء ممرات وحدائق جديدة وزيادة المساحات الخضراء، بما يعزز من جمالية المتنزه ويوفر بيئة ترفيهية أفضل للمواطنين".
وأشار الجنديل إلى أن "هناك مشاريع تطويرية أخرى داخل المتنزه، أبرزها مشروع مختبر الزراعة النسيجية، الذي سيسهم في تكثير وزراعة الأشجار على نطاق واسع داخل العاصمة بغداد، تماشي مع رؤية رئيس مجلس الوزراء لزيادة المساحات الخضراء".
وأكد أن "أعمال التطوير والتأهيل مستمرة في متنزه الزوراء، مع خطط مستقبلية لتعزيز البنية التحتية وتوفير بيئة أكثر جاذبية للمواطنين"، مشيرا إلى أن القادم سيكون أفضل.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق الدولي للكتاب

مقالات ذات صلة

سيول السليمانية.. خسائر ووفيات وجمجمال تناشد بغداد بالتدخل السريع
محليات

سيول السليمانية.. خسائر ووفيات وجمجمال تناشد بغداد بالتدخل السريع

 السليمانية / سوزان طاهر   أدت السيول الأخيرة التي اجتاحت قضاء جمجمال في محافظة السليمانية إلى وقوع كوارث إنسانية، أودت بحياة اثنين من المواطنين وإصابة العشرات، فيما لا يزال مصير اثنين من المواطنين...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram