TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > العمود الثامن: ماذا فعلت بنا الديمقراطية ؟!

العمود الثامن: ماذا فعلت بنا الديمقراطية ؟!

نشر في: 4 يونيو, 2025: 12:08 ص

 علي حسين

دائماً ما يحسدني بعض الاصدقاء على ما يعرض من مشاهد كوميدية على مسرخح السياسة العراقية ، ويقولون: ان السياسة في العراق مادة دسمة للكتابة، وما دام هناك مجلس نواب "محنط" ، ومجالس محافظات "كارتونية" فان "شغلك ماشي" . ولكن ياسادة ياكرام، اسمحوا لي أن اقول أن هناك فارق كبيراً في الحجم بين ما نكتبه، وبين سخرية السادة النواب من الديمقراطية العراقية حيث لا يزال الكثير منهم يخرجون علينا صبيحة كل يوم وهم يصرخون ان لا بديل عنهم، وان محاولة البعض للاحتجاج على هذه الديمقراطية "الباسلة" هو نوع من انواع التخريب ، ويجب ان يحاسب كل من تسول له نفسه الاقتراب من قلعة السادة المسؤولين، فقد اوجد لنا السيد النائب عبد الهادي الحسناوي حلاً لمشكلة الديمقراطية بأن قرر ان يقص "أذان" الذين يتظاهرون من اجل توفير الخدمات. ولم يكتف النائب بذلك، بل استنهض عشيرته واقاربه ليقدموا لنا عرضاً بالرصاص الحي ، ردا على الذين انتقدوا نظريته في قص الأذن، ولأننا نعيش في حارة "كل مين إيدو إلو!" ، اكمل نجل النائب الحسناوي، المشهد الكوميدي بان اعلن ان كل من يقترب من والده النائب "راح يزين شاربه"، اما لماذا اصدر ولي العهد هذا القرار؟ ، لان والده حسب قوله نائب وشيخ في نفس الوقت.
أعرف ان البعض سيقول يارجل تترك مشاكل البلاد وتتحدث عن ظاهرة بسيطة اراد من خلالها احد النواب ان يرفه عن نفسه.. نعم ياسادة نحن نعيش عصر الديمقراطية الترفيهية التي تسمح لعضو في مجلس محافظة بغداد ان تعلن ان "مجلس المحافظة قرر اعتماد "العباءة " زياً رسمياً للنساء.. حيث خرجت علينا رئيسة لجنة البيئة هدى جليل العبودة لتبشرنا بان بغداد على قائمة افضل العواصم في مجال البيئة والنظافة والخدمات ، ما دام المجلس اصدر قراره التاريخي في تحديد ازياء النساء.. وربما لم تقرأ صاحبة قرار العباءة ان بغداد على رأس قائمة المدن التي تعاني من التلوث البيئي، وان التقارير العالمية وضعت بغداد في مرتبة منخفضة جدا من حيث الاداء البيئي وايضا من حيث الخدمات .
لا يزال مسؤولونا "الأفاضل" مصرّين على أن يتعلموا فنّ الخديعة من المرحوم مكيافيللي، سيضحك البعض مني ويقول يا رجل إنهم لا يقرأون وإن قرأوا لا يفهمون، لكنهم ياسادة شطّار جداً في اللعب على مشاعر البسطاء.
في كل يوم يسيء ساستنا إلى الديمقراطية، عندما يعتقدون أنها تعني بناء دولة القبائل والأحزاب المتصارعة والطوائف المتقاتلة.
أتمنى ألّا أكون في خانة الذين ستقطع أذانهم ، رغم انني مصرٌّ على أن أواصل العيش في حارة "كل مين إيدو إلو!" مع الاعتذار للقدير دريد لحام.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق الدولي للكتاب

الأكثر قراءة

العمود الثامن: الغرابي ومجزرة جسر الزيتون

العمود الثامن: نون النسوة تعانق الكتاب

العمود الثامن: مسيرات ومليارات!!

ثقافة إعاقة الحرية والديمقراطية عربيا

العمود الثامن: نصف قرن من التفوق

العمود الثامن: نصف قرن من التفوق

 علي حسين في مثل هذه الأيام، وبالتحديد في الثاني من كانون الاول عام 1971، أعلن الشيخ زايد عن انبثاق اتحاد الامارات العربية، وعندما جلس الرجل البالغ آنذاك خمسين عاماً على كرسي رئاسة الدولة،...
علي حسين

كلاكيت: في مديح مهند حيال في مديح شارع حيفا

 علاء المفرجي ليست موهبة العمل في السينما وتحديدا الإخراج، عبئا يحمله مهند حيال، علّه يجد طريقه للشهرة أو على الأقل للبروز في هذا العالم، بل هي صنيعة شغف، تسندها تجربة حياتية ومعرفية تتصاعد...
علاء المفرجي

البَصْرة.. لو التَّظاهرُ للماء والنَّخيل!

رشيد الخيّون تظاهر رجال دين بصريون، عمائم سود وبيض، ضد إقامة حفلات غنائيَّة بالبصرة، على أنها مدينة شبه مقدسة، شأنها شأن مدينتي النَّجف وكربلاء، فهي بالنسبة لهم تُعد مكاناً علوياً، لِما حدث فيها من...
رشيد الخيون

الانتخابات.. بين صراع النفوذ، وعودة السياسة القديمة

عصام الياسري الانتخابات البرلمانية في العراق (11 نوفمبر 2025) جرت في ظل بيئة أمنية نسبيا هادئة لكنها مشحونة سياسيا: قوائم السلطة التقليدية حافظت على نفوذها، وبرزت ادعاءات واسعة النطاق عن شراء أصوات وتلاعبات إدارية،...
عصام الياسري
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram