TOP

جريدة المدى > سياسية > البصرة تواجه الطحالب السامة والعطش في آنٍ واحد

البصرة تواجه الطحالب السامة والعطش في آنٍ واحد

الفرات يحتضر.. "لا نشرب ولا نغتسل"

نشر في: 4 يونيو, 2025: 12:09 ص

البصرة / عمار عبد الخالق
بينما ترتفع درجات الحرارة إلى مستويات تهدد قدرة الإنسان على الاحتمال، وجدت آلاف العائلات في منطقة الرحمانية شمالي البصرة نفسها محاصرة بين العطش والتجاهل، كتلة مائية كثيفة ملوّثة، بلون أحمر داكن ورائحة خانقة، اجتاحت منذ أكثر من أسبوع مجرى نهر الفرات ضمن حدود ناحية الصادق، متسببة بشلل شبه كامل في محطات الإسالة، وحرمان السكان من المياه الصالحة للاستخدام البشري.
هذه الأزمة ليست عارضًا مفاجئًا بل تتويجًا لمسار طويل من التدهور البيئي وسوء إدارة البنى التحتية المائية وغياب الإجراءات الوقائية في محافظة لا تزال تتصدر مشهد العطش رغم وفرة مواردها.
خلفية متراكمة
ليست هذه المرة الأولى التي تشهد فيها مناطق شمال البصرة تلوثًا مائيًا بهذا الحجم، لكن ما حدث في الرحمانية فاق في تأثيره ونطاقه كل السوابق.
وفقًا لتقارير الأهالي الذين خرجوا في وقفات احتجاجية متفرقة، فإن البقعة الملوثة ظهرت أولاً في محيط أبو غريب، ثم تمددت نحو الرحمانية بسرعة لافتة، ما اضطر عددًا من محطات الماء إلى التوقف الكلي، تاركة الأحياء السكنية تواجه العطش وسط درجات حرارة تجاوزت الخمسين مئوية في بعض المناطق.
الطحالب القاتلة
قائممقام قضاء المدينة رافد الشاوي أكد في تصريح خاص لـ(المدى) أن المحافظة، وبتوجيه مباشر من المحافظ أسعد العيداني، أطلقت خطة استجابة طارئة، تمثّلت في تشكيل غرفة عمليات تضم الدفاع المدني، ودوائر البلديات، ودعمًا لوجستيًا من هيئتي حقل غرب القرنة 1 و2.
وقد أوفد مركز علوم البحار فريقًا ميدانيًا إلى المنطقة لإجراء تحاليل فورية للمياه كشفت عن وجود طحالب حمراء دقيقة وكائنات سميّة مجهرية تتكاثر في بيئة المياه الراكدة وتُحدث خللاً في التوازن البيئي وهو ما أدى إلى إرباك منظومات الفلترة في مجمعات الإسالة.
وفي حديث لـ(المدى) أوضح رافد الحلفي قائممقام قضاء الصادق أن التحاليل أوضحت أن هذه الملوثات ذات طبيعة عضوية، وليست نفطية كما أشيع.
وأرجع السبب الرئيسي إلى تدفق مياه الصرف الصحي عبر الشبكات غير المعالجة، إضافة إلى انخفاض مناسيب المياه الناتج عن الجفاف ما ساعد على خلق بيئة خصبة لنمو هذه الكائنات السمية.
وقال محمد علي مزارع في حديثه لـ "المدى": نهر الفرات هو مصدر حياتنا، لكنه اليوم صار ميتًا الأرض عطشى مثلنا، والمواشي لا تقرب الماء، اضطررنا لشراء المياه من محطات الأحياء الأخرى، وهذا فوق طاقتنا.
هذه الشهادة تتكرر من حي إلى حي البعض يشرب مياهاً معبأة بأسعار مرتفعة، وآخرون ينتظرون صهاريج الحوضيات الحكومية التي باتت تصل بشكل متقطع، ولا تكفي لسد الحاجة اليومية.
واستجابة لحالة الطوارئ استنفرت مديرية الدفاع المدني في البصرة كامل ملاكاتها وأطلقت حملة توزيع مياه صالحة عبر الحوضيات.
كما أطلقت قائممقامية الصادق نداءً عاجلاً إلى أصحاب القوارب والسفن، للمشاركة في تحريك المياه الراكدة في المنطقة الواقعة بين أبو غريب والرحمانية، تنفيذًا لتوصيات مركز علوم البحار الذي بيّن أن تحريك التيارات السطحية قد يخفف من تراكم هذه الطحالب ويحد من آثارها المؤذية.
الخبير البيئي الدكتور جاسم الأسدي صرّح لـ(المدى) قائلاً: "ما يحدث ليس فقط نتيجة للطحالب، بل نتيجة لتقاطع الإهمال المزمن، وانخفاض التصاريف وغياب الرقابة البيئية على مصادر التلوث ما نراه اليوم في الرحمانية هو إنذار بيئي شديد الخطورة".
وأضاف أن شمال البصرة يحتاج إلى تدخل هيكلي، يبدأ بإعادة تأهيل الشبكات، ومنع تصريف المجاري إلى النهر، ومراقبة النشاطات الصناعية والزراعية غير المنضبطة.
كارثة الرحمانية ليست مجرد حادث محلي عابر. إنها صفحة جديدة في ملف التلوّث الذي يطوي بيئة البصرة عامًا بعد عام.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق الدولي للكتاب

مقالات ذات صلة

في ختامه.. معرض العراق الدولي للكتاب يكرّم نخبة من النسوة العراقيات
سياسية

في ختامه.. معرض العراق الدولي للكتاب يكرّم نخبة من النسوة العراقيات

بغداد / المدى اختُتمت، مساء السبت، فعاليات معرض العراق الدولي للكتاب بنسخته السادسة، بحفل تكريم خاص احتفى بنخبة من النسوة العراقيات اللواتي قدّمن منجزًا بارزًا في مجالات الفكر، الأدب، الثقافة، والعمل العام، وذلك ضمن...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram