TOP

جريدة المدى > سينما > "الاعتراف الأخير" أنتوني هوبكنز يؤدي دور فرويد في أجواء خانقة مغلقة

"الاعتراف الأخير" أنتوني هوبكنز يؤدي دور فرويد في أجواء خانقة مغلقة

نشر في: 19 يونيو, 2025: 12:10 ص

ترجمة: عدوية الهلالي
في مطلع حزيران، استقبلت دور العرض العالمية فيلم (الاعتراف الأخير) للمخرج مات براون والذي يجسد فيه النجم العالمي انتوني هوبكنز دور مبتكر التحليل النفسي سيغموند فرويد في أجواء مغلقة وخانقة، إذ تدور احداث الفيلم حول المواجهة التي تمت في أواخر أيام فرويد بينه وبين الروائي البريطاني المسيحي المتدين سي إس لويس وحوارهما حول فكرة الوجودية..
فمع اقتراب الحرب العالمية الثانية، يلجأ سيغموند فرويد، في أواخر أيامه، إلى لندن مع ابنته آنا حيث يُصارع المحلل النفسي الشهير سرطان الفكّ بألم شديد، يعالجه بالمورفين، وابنته آنا بجانبه.وتكون زيارة الروائي البريطاني سي. إس. لويس، الذي ذكره في إحدى منشوراته، قد أتاحت لفرويد فرصةً للتأمل في الوجود، وكذلك في الموت، وفي علاقته الخاصة بابنته آنا، التي حللها نفسيًا وأصبحت هي الأخرى محللة نفسية، لا سيما مع الأطفال.
فيلم مات براون، المقتبس من مسرحية "جلسة فرويد الأخيرة" لمارك سان جيرمان، والمستوحاة بدورها من مقال "سؤال الله" للطبيب النفسي وأستاذ جامعة هارفارد أرماند نيكولي، هو دراما مغلقة مبنية أساسًا على الحوارات بين سيغموند فرويد وسي. إس. لويس، في ضوء خافت لشقة المحلل النفسي المريحة في لندن، والتي أُعيد تصويرها بأدق التفاصيل.وهذه المقابلة بين أبو التحليل النفسي والروائي البريطاني هي اختراع قائم على فرضية طرحها أرماند نيكولي. بعد أن اكتشف خلال بحثه أن فرويد قد استقبل باحثًا من أكسفورد لم يُكشف عن هويته قط، وتخيّل هذا اللقاء مع لويس، الذي تأثرت تأملاته المبكرة بعمق بأعمال فرويد.
ويشكّل الإيمان والإلحاد جوهر حوار طويل، تتخلله هنا وهناك مشاهد تُسلّط الضوء على السياق التاريخي، الذي اتسم بصعود هتلر إلى السلطة، ومعاداة السامية، والحرب الوشيكة. وتُعزّز مشاهد أخرى أشبه بالأحلام نهجًا أكثر حساسية وحميمية تجاه الشخصيتين.ويُجسّد الفيلم الحوار بين شخصيتين رئيسيتين، مفكرين من القرن العشرين، يتبادلان الحديث في جوّ هادئ يُتيح تبادل الأسرار. ويزداد حوارهما، الذي يتناولان فيه في البداية مفاهيم مجردة، حميميةً مع مرور الوقت إذ يتخلى الرجلان عن حذرهما ويتشاركان مخاوفهما وقلقهما وأحزانهما. فبالنسبة لنجم التحليل النفسي العالمي سيغموند فرويد الذي تحول مع التقدم في السن والمرض الى رجل عجوز مرير ومتقلب المزاج، يتعلق الأمر بألم فقدان إحدى بناته، صوفي، وكفاحه لفهم آنا وقبولها كما هي.أما بالنسبة لسي. إس. لويس، فيتعلق الأمر باضطراب ما بعد الصدمة، الذي استعاده من خنادق الحرب العالمية الأولى، وشعوره بالوحدة. ورغم أن فكرة هذه المواجهة جذابة من الناحية الفكرية، فإن أداء أنتوني هوبكنز المثالي لا يكفي لإضفاء الحيوية على ما يقرب من ساعتين من هذه الدراما الخانقة المغلقة، والتي تدور حول حوار لا ينتهي ويفتقر في كثير من الأحيان إلى الطبيعية، ويشارك هوبكنز في تجسيد أدوارها ماثيو غود وليف ليزا فرايز..
ويُقدّم مات براون مخرج فيلم "الرجل الذي تحدى اللانهاية" (٢٠١٥) اقتباسًا بريطانيًا لمسرحية الكاتب المسرحي مارك سان جيرمان (المواجهة الاخيرة)، حيث يضع مؤلف كتاب "خمس محاضرات في التحليل النفسي" في مواجهة كاتب شاب وأستاذ في جامعة أكسفورد، سي. إس. لويس، مؤلف "سجلات نارنيا" لاحقًا (يجسد دوره الممثل المتميز ماثيو غود، الذي ظهر في فيلمي "لعبة التقليد" و"رجل أعزب") أما فرويد، فجسد دوره أنتوني هوبكنز ببراعة، متناوبًا بين السخرية وخيبة الأمل والتهديد والرفعة.
نادرًا ما نُقلت شخصية فرويد إلى السينما، باستثناء فيلم السيرة الذاتية الرائع لجون هيوستن "فرويد، سر الشغف" عام (1962)، بطولة مونتغمري كليفت، أو فيلم ديفيد كروننبرغ "طريقة خطيرة" (2011) بطولة فيغو مورتنسن. وهنا، يُصوّر هوبكنز فرويد كأسدٍ عجوزٍ جريح، لا يزال يجد سبيلًا للزئير رغم الألم والوضع الدولي المروع الذي أجبره على الفرار من فيينا.
وفي كوخه الإنجليزي، حيث أعاد اكتشاف أريكته وحليّه وكتبه، وحيث تدعمه ابنته آنا، يخوض فرويد معركته الأخيرة ضد سي. إس. لويس.وببعده المسرحي الجميل، يُنظّم الفيلم مبارزةً ناريةً، مثيرةً بقدر ما هي سريعة الوتيرة. وينخرط الرجلان في ما يُشبه "جدالًا" متوترًا، يكاد يكون خالدًا، بينما تُحلّق قاذفات ألمانية في السماء. وتُقاطع بعض المشاهد الحالمة، على هيئة تأملات فرويدية، خيط هذه المحادثة، حيث يمتزج اللاوعي والإيمان والعقل بفرح. وستكون الكلمة الأخيرة لفرويد: "لطالما آمنتُ بمبدأ أن ما يخفيه الناس عني أكثر إثارةً للاهتمام مما يُفضّلون إخباري به...".

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق الدولي للكتاب

الأكثر قراءة

محمود هدايت: في السينما الشاعرية لا توجد صور قطّ.. بل أزمنة

"الست" عن حياة أم كلثوم محور حديث رواد مواقع التواصل الاجتماعي قبل عرضه

رحلة إلى عوالم البحر الأحمر السينمائي

مقالات ذات صلة

سينما

"الست" عن حياة أم كلثوم محور حديث رواد مواقع التواصل الاجتماعي قبل عرضه

متابعة: المدى لم يلبث فريق عمل الفيلم المصري "الست" أنْ عرَض الإعلان الترويجي للفيلم الذي يجسّد حياة "كوكب الشرق"، أم كلثوم، التي تقوم بدور شخصيتها الفنانة المصرية منى زكي، حتى ضجّت مواقع التواصل الاجتماعي...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram