د. أثير ناظم الجاسور
تصريح وأمام الكاميرات قالت الفنانة المصرية إلهام شاهين بما معناه طالما الحرب بين ايران وإسرائيل فنحن العرب بخير، بخير؟، الحديث طويل عن خير وشر وما هو بعيد اليوم عن شعوب إلهام شاهين قريب بالتأكيد طالما التفكير بهذه الطريقة وبالصيغة التي تسطح الاحداث وتبعاتها، السؤال هنا هل صحيح الأمة العربية ذات الرقعة الجغرافية الواحدة بخير؟، يُشكل تصريح الفنانة بعداً اخر من عملية التفكير العربي والمقصود هنا هم النخبة على حد التعبير والتصنيف، الذين لطالما كانوا حاملين لرسالة ذات معانٍ مختلفة عن عامة الناس هذا من ناحية التفكير العملي والمنطقي لكن قبل أن نجزم بأن هذه الأمة بخير وبعيدة عن مخاطر هذه الحرب نسأل أنفسنا حول ماذا صنع العرب لأنفسهم طيلة سنوات الانكسار العربي المُغلف بشعار القومية الزائفة، والتي أسست لتلك التصنيفات التي جعلت من الانسان العربي مقسم بين القوميات والهويات التي ما انزل الله بها من سلطان، وبين قومية عربية وشعارات باغراق الكيان الإسرائيلي في البحر والقيادة والزعامة بات العرب بأسوأ حالاتهم التي مهدت لما هو أسوأ.
بالتأكيد شعار القومية العربية لم تسعف زعماء الشعوب ولم تشكل لهم اي جانب مشرق سوى أنها كانت لهم اكسير الديمومة والاستمرار بفعل الشعارات المطالبة باسترجاع الارض المغتصبة، وبين ذلك الزعيم وهذا الملك والقائد الضرورة الفذ ضاعت القومية والقضية الهدف، لم تنعم هذه الأمة بالخير حتى بعد خلاصها من زعاماتها الكارتونية صاحبة المشاريع الفارغة بل راحت تلعب دور كبير في تمزيق نفسها بنظاميها الرسمي وغير الرسمي من خلال الرجوع للتأويلات التي تحمل في طياتها الاف علامات الاستفهام والفهم المغلوط، فلم تكن الا مسافة تفكير حتى جاءت خطابات الكراهية الدينية التي فيما بعد عملت ما عملت من خلال منابر التكفير والتهميش ورفض الاخر، لتكون السبب في تراجع التفكير العربي لمساحات اللاتفكير، ماذا بعد؟ القضية المركزية؟، ليست بمرحلة قديمة لا بل هي في كل ساعة ودقيقة وثانية تقصف غزة لتمسح مع الارض ويقتل نسائها وشيوخها واطفالها وشبابها، كل يوم دون رحمة وأمة العرب صامته قانعة باقدارها تنتظر المُخلص الذي حدثتنا عنه قصص الدين والتاريخ، ماذا بعد؟ لم تكن لأمة إلهام شاهين اي موقف والفلسطينين يسحقون وتقرر مصائرهم قوى من خارج العقل العربي لفراغ الاخير التام عن إيجاد أي حلول غير غربية تفرض عليه مع تقديم التنازلات بالضرورة.
ماذا بعد؟، الجزء الاكبر من شعوب إلهام شاهين متضرر من حرب إيران ضد الكيان الاسرائيلي سياسيا واقتصاديا وعسكريا في حال طال أمد هذه الحرب، فاطراف الصراع ليسا ببعيدين جغرافيا عن الأرض العربية والسماء مفتوحة على مصراعيها، تبقى المواقف هنا تُحدد ما اذا كان العرب أصحاب قضية ام لا، فالعقل الديني العربي يرى ان ايران بشيعيتها من غير الممكن ان تنتصر أو أن يتم تأييدها ويشد على ذلك القوميين الحالمين بعودة الزعيم الضرورة، والتفكير الاخر يرى أن بانتصار ايران أو إيقاف الحرب على ما هو عليه تقوي شوكة ايران وتجعل منها متسيدة في المنطقة وهذا الجانب من التفكير له وجهات نظر متعدده نابعة من توجهات ونسق هذا النظام السياسي او ذاك، الرأي الثالث هو الخجول الخائف الرافض لكل الاعتداءات الصهيونية بمختلف أشكالها والذي يفرق بين هذا العدو وذاك الخصم وبين الخطر والاخطر، بالمحصلة هي مجموعة المواقف التي تبين مستويات الانقسام العربي هذا بالدرجة الأساس العاملة على تحجيم التفكير الغربي بشكل أوسع وأكثر تركيز.
أما الحرب التي تدور اليوم فهي بالضرورة مؤثرة وبشكل مرعب على العرب بجمهورياتها وملكياتها اقتصاديا وسياسيا وعسكريا، فالكيان الإسرائيلي لايزال يقتل الشعب الفلسطيني ويستهدف البيوت والمدارس والمستشفيات والأشخاص، والخاصرة الرخوة سوريا مهددة باجتياح واقتطاع أجزاء منها، هذا ناهيك عن الاستعانة من قبل الكيان والولايات المتحدة بالجماعات التكفيرية لزعزعة أمن واستقرار دول المنطقة وجذب الانظار بعيدا عن نتائج حرب ايران والكيان الإسرائيلي، بالحقيقة والواقع والمنطق وكل ما تحمله معاني الكلمات من معانٍ هذه الأمة ليست بخير ولن تكون يوماً طالما يعتلي منابرها السياسية والدينية مدعي الهوية والإيمان والتكفير، طالما يعتلي نخبتها من لا يفكر أقصى مما ترى عينيه والحديث يطول والشر قادم لا محالة.










