طالب عبد العزيز
قد نقول بأنَّ العالم مازال خارج مفارق الطرق، وبعيداً عن الحوادث، التي ستغيّر وجهة نظرنا عن الكون، من خلال ما سمعنا وشاهدنا من نتائج خطيرة للحرب الدائرة بين إسرائيل وايران، فهذا لا يختلف بمجمله عن الحروب الكثيرة التي انتهت أو ستنتهي، أو لم تحدث حتى اللحظة(الهند والباكستان، روسيا وأوكرينيا، الصين وتايون) لكنَّنا سنجدُ بأنَّ حقيقة الحرب الدائرة الآن لم تعد خصيصة البرنامج النووي الإيراني أو الصواريخ بعيدة المدى، بل تتجاوزها الى حدود التسويات الكبرى في الشرق الأوسط، أو مشروع نتنياهو المزعوم.
لكن، إذا كانت الحرب الإسرائيلية في غزة قد كشفت جانباً من نفاق الحكومات الامريكية -الاوربية، من خلال التظاهرات التي اجتاحت شوارع القارة البيضاء والامريكتين فأنَّ ما تقوم به إسرائيل في حربها مع إيران عرّى الشعوب والحكومات هناك، وأعاد ترتيب صورة الصهيونية العالمية في العقل الانساني، وأخذ بالحاضر الأوربي الى ماضي التنظيمات اليهودية القبيح، الذي كان سببا ومن أهم أسباب الحرب الثانية، وسيقف الضمير الإنساني على جوهر فكرة أودلوف هتلر، والأسباب الموجبة الكبيرة في حربه ضدهم، والنهايات التي انتهى اليها، على الرغم من استثمارهم لهذه، في تكوين دولتهم داخل فلسطين، الدولة التي تتسبب الآن في الحرب الثالثة إنْ ظلت أمريكا وأوربا مساندة لها في حربها مع إيران.
هيمنة الصهيونية على القرار الحكومي الأمريكي والاوربي لن يجعل من إسرائيل دولة مارقة حسب، بل سيجعل من القارتين والعالم منطقة صراعات لا حدود لها، وستكتشف الشعوب هناك بأنَّ ما قام به هتلر ضد التنظيمات اليهودية لم يكن فعلاً مجانياً، أو نزوعاً إجرامياً إنما جاء كردود أفعال على ما قامت به، بوصفها سرطاناً يهدد الوجود الإنساني، وإلّا ما معنى استشهاد أكثر من 52653 شهيداً في غزة منذ السابع من أكتوبر 2023 الى اليوم، ثم أيَّ نفاق هذا الذي تقوم به "مؤسسة غزة الإنسانية" الشركة الأميركية التي تقوم بتوزيع الغاء على السكان المحاصرين في غزة؟ في الوقت الذي تتصيد القوات الإسرائيلية الأطفال والنساء الجياع، الذين يهرعون للحصول على وجبة طعام، معجونة بالدم والذلِّ؟
في تسجيل متلفز قبل نحو من ثلاثين سنة يتحدث نتنياهو عن سيناريو اسقاط الأنظمة العربية ذات البرامج النووية مثل العراق وليبيا وايران، ومن ستكون لها الاسبقية، وهو ما تمَّ له. إذن اليمين اليهودي الحاكم وبالتنسيق مع أمريكا وأوربا جادٌ في حربه المعلنة ضد ايران اليوم، وهو بكامل نيته في اسقاط حكومة طهران، بعد تمكنهم من اسقاط أنظمة بغداد وطرابلس، وتحجيم دور حماس وحزب الله، واسقاط سوريا، مع الاحتفاظ المعلن بحياد مصر والأردن، وتطبيع دول الخليج والسعودية معها، وهكذا، لم يبق لها إلا إيران؛ الدولة القوية، التي إنْ تمكنت منها فسيكون نتنياهو قد حقق حلمه في رسم الخريطة الجديدة للشرق الأوسط بالفعل.
لكن، هل ستكتفي إسرائيل بهذه؟ العقل السليم يقول: لا؛ فبذرة الشر تسكن النفس اليهودية المشوهة تاريخياً، إْذْ كل الادبيات تشير إلى أنّها تعمل على أساس التفوق اليهودي، والانسان المختار، والعرق الانقى، والأرض الموعودة، هذه النظرية التي وجدت ضالتها في العقل الاستعماري الأمريكي- الأوربي، تعمل على احتواء العالم، وجعله رهينة. من العار الاعتقاد بأنَّ سقوط طهران سيضع حدّا لأزمات المنطقة والشرق الأوسط، نعم، إيران واحدة من أكبر أسباب الفوضى في شرقنا العربي والعراق بالذات إلا أنَّ سقوطها أخطر من ذلك بكثير، السقوط الذي سيجلب المزيد من الفوضى والحروب.











جميع التعليقات 1
احمد سامي
منذ 6 شهور
بعد الاستيلاء على قطاع غزة، سيأتي الدور على الاراضي الاخرى. البرهان: الآية من العهد القديم في سفر التكوين ١٥: ١٨. تنص هذه الآية على: "في ذلك اليوم قطع الرب مع أبراهام عهدًا قائلًا: لنسلك أعطي هذه الأرض، من نهر مصر إلى النهر الكبير، نهر الفرات".