السليمانية / سوزان طاهر
وسط تعقيدات سياسية متشابكة، يواصل إقليم كردستان ترحيل أزمة تشكيل الحكومة الجديدة، رغم مرور أكثر من ثمانية أشهر على الانتخابات.
الخلافات الحزبية والمطالب المتصادمة بين القوى الفاعلة وغياب التوافق الداخلي تعرقل المشهد، بينما تبدو المعارضة غير مستعدة للمشاركة ضمن معادلة لا تضمن تمثيلاً حقيقياً.
وجاءت الحرب الإسرائيلية–الإيرانية لتزيد من تعقيد المشهد السياسي وتوقف حوارات تشكيل الحكومة بشكل أبدي.
وبعد أن شهدت قضية تشكيل حكومة إقليم كردستان انفراجة في الأشهر الماضية، عاد المشهد مجدداً إلى حالة من التعقيد والانسداد السياسي نتيجة عدم الاتفاق على تسمية المناصب.
تأثير المناكفات السياسية
إلى ذلك يؤكد الباحث في الشأن السياسي فهمي أحمد أن المناكفات السياسية في إقليم كردستان والشروط والمآلات في نوعية المطالب عقب الانتخابات قد عقدت المشهد وأوصلته إلى هذه الحالة.
وبين في حديثه لـ(المدى) أن «الصراع القائم بين طهران وتل أبيب يلقي بأزمة جديدة على العراق برمته وعلى إقليم كردستان بشكل خاص، بما في ذلك تشكيل الحكومة، وفق المعطيات، ربما يجدها البعض منفذاً للتهرب من مواعيد تشكيلها وبلورة عملها السياسي والخدمي والاستثماري وتفويضها على ملفات حساسة يطالب المواطن الكردي بتنفيذها، كون حمل المشاكل ثقيل ويتفاقم يوماً بعد يوم ولعلمه بشح البدائل عن حلّ الأزمات المستفحلة».
وأضاف أن «الإبطاء في تشكيل حكومة الإقليم زادها الحرب الدائرة بين إسرائيل وإيران طيناً بلة، ولا أحد لديه القدرة على تجاوز ملفها الشائك، ولم نسمع أو نقرأ خبراً لعقد اجتماع بهذا الخصوص لاستئناف مناقشات تشكيل الحكومة. ولو كانت لدى الساسة في الإقليم والقوى الأساسية الهمة لتجاوز المشكلات التي تعترض سير تشكيلها لتم ذلك منذ زمن بعيد».
وأشار إلى أن «تخفيض سقف المطالب والنظر إلى مصلحة الكرد وكردستان بات ضرورياً، لأن عدم تشكيل الحكومة سيدفع بأزمات لا حصر لها وتوجه المنطقة إلى مزيد من التعقيد الأمني وخنق المضائق والصواريخ العابرة».
وشهد برلمان الإقليم، بدورته السادسة، انعقاد جلسته الأولى في مطلع كانون الأول 2024، والتي تضمنت تأدية اليمين القانونية لأعضائه، وإبقاء الجلسة مفتوحة بسبب عدم حسم المناصب الرئيسة في الإقليم.
كل مفاصل الحياة تأثرت
من جانب آخر يؤكد عضو الاتحاد الوطني الكردستاني برهان الشيخ رؤوف أن الحرب الدائرة بين إسرائيل وإيران أثرت على كل مفاصل الحياة في العراق وإقليم كردستان.
ولفت خلال حديثه لـ(المدى) إلى أن «الحرب أثرت على الجوانب السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وإقليم كردستان هو الأكثر ضرراً في هذه الحرب، بسبب طبيعة منطقته الجغرافية ومكانه وسطها».
وأشار إلى أن «حوارات تشكيل حكومة كردستان قد توقفت منذ فترة، فجاءت الحرب لتزيد الأزمة وتعمقها، كون الجميع مشغولاً بتجنيب العراق والإقليم أضرار هذه الحرب».
ويرى مراقبون أن تأخر تشكيل الحكومة لا يفقد العملية السياسية زخمها فحسب، بل يفتح الباب أمام فراغ سياسي قد تستثمره التوترات الخارجية.
وبعد تأجيل دام أكثر من عامين، شهد الإقليم إجراء انتخابات برلمانية، غير أن نتائجها كشفت عن مشهد سياسي معقد، إذ لم يتمكن أي من الحزبين التقليديين، الديمقراطي والاتحاد الوطني الكردستانيين، من تحقيق الأغلبية المطلقة لتشكيل حكومة منفردة، مما وضعهما أمام تحدٍ جديد للاتفاق والتحالف مع قوى أخرى.
وطبقاً للنظام الداخلي لبرلمان الإقليم، يتعين على رئيس الإقليم دعوة البرلمان إلى عقد جلسته الأولى خلال عشرة أيام من المصادقة على النتائج، وإذا لم يدعُ الرئيس إلى ذلك يحق للبرلمانيين عقدها في اليوم الحادي عشر، فيما يترأس العضو الأكبر سناً الجلسة قبل انتخاب الرئيس الدائم بعد أداء القسم الدستوري.
توقف الاتصالات
من جهة أخرى يؤكد عضو الحزب الديمقراطي الكردستاني وفا محمد كريم أن الحرب الدائرة بين إسرائيل والولايات المتحدة أوقفت كل شيء.
وأوضح خلال حديثه لـ(المدى) أنه «كان من المقرر عقد اجتماع بين الأطراف الكردية، ولكن منذ بدء الحرب توقفت جميع الحوارات والاتصالات بين الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني».
وتابع أن «الحوارات متوقفة حالياً، إذ يركز الإقليم على الحرب وكيفية بقاءه بعيداً عن تأثيراتها الاقتصادية والأمنية».
الحرب الإسرائيلية–الإيرانية تعمق أزمة تشكيل حكومة كردستان

نشر في: 23 يونيو, 2025: 12:10 ص









