TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > العمود الثامن: يحدثونك عن الشرعية !!

العمود الثامن: يحدثونك عن الشرعية !!

نشر في: 2 يوليو, 2025: 12:07 ص

 علي حسين

خلال الأيام الماضية سمعنا كثيرا من الجدل، وقرأنا العديد من التعليقات والكتابات التي يطالبنا أصحابها بأن نتوخى الدقة ونحن نتحدث عن برلمان منتخب ، ويذهب البعض منهم شوطا أبعد حين يقول كيف تريدون إجهاض عملية سياسية جاءت عبر صناديق الاقتراع، فأنتم بذلك إنما تسقطون الديمقراطية؟! للأسف يفهم البعض الديمقراطية على أنها فعل مجرد بلا قيم ومبادئ.. ويتصور آخرون أن الديمقراطية يمكن أن تسمح لمن جاء عبر صناديق الاقتراع، بأن يمارس الاستبداد والتسلط، يقرر فلا يراجعه احد، ولا ترد له كلمة.. يقولون إن اعضاء البرلمان حصلوا على اصوات الناس ، وهي التي تمنحهم تفويضاً للاشراف على مؤسسات الدولة .
ولكنهم لا يسألون سؤالاً مهماً: كيف تصل إلى الحكم بطرق ديمقراطية، ثم تصر على فرض أساليب استبدادية وانتهازية ولصوصية ؟ كيف تؤدي اليمين على الحفاظ على استقلالية مؤسسات الدولة، ثم تبدأ بابتلاعها الواحدة بعد الأخرى، كيف تصعد إلى كرسي المسؤولية بالديمقراطية، ثم تعمل جاهدا على تدمير كل أسس الدولة المدنية.. أليست هذه خيانة للصندوق وللناس التي ذهبت لانتخابك؟ هذا ما لا يريد ان يفهمه البعض حين يصر على الحصول على كل شيء باسم الديمقراطية.
عندما يسعى المسؤول او البرلماني الى تدمير مؤسسات الدولة ، بدلا من تقويتها ومنحها استقلالية كاملة، فهو حتما يهين صناديق الاقتراع، ويسخر من الأصوات التي انتخبته، ويسرق أحلام الناس وتطلعاتهم ببلد آمن ومستقر، من اجل فرض نظام حكم لا يؤمن بالشراكة في الأرض والتاريخ.
ماذا فعل المنتخَبون من امثال توابنا الاعزاء غير الظهور على الفضائيات واثارة خطاب الكراهية وفرض السيطرة والوصاية، وهو ما تفعله كل أنظمة الاستبداد.. لكن أضيف لها في ظل الديمقراطية العراقية الحديثة، نظرية التكليف الشرعي ودولة الإيمان والهداية والسراط المستقيم.
وأرجو أن يتذكر أصحاب صناديق الاقتراع، أن معظم نوابنا ومعهم الكثير من السياسيين هم الذين وضعوا دولة بحجم العراق بهذا المأزق، وهم الذين يصرون الآن على اشاعة الفشل .
الاستقرار والرفاهية لا تأتي أبداً بالشعارات،فهذه أدوات استخدمت لصناعة الدكتاتوريات والخراب..من سوء الحظ انه بعد سنوات ما يزال الكثير من سياسيينا يمارسون الخديعة والكذب، ومن سوء الحظ أيضا أن مسؤولين كباراً يتغنون بالديمقراطية كل صباح لكنهم لا يمانعون من الانقضاض عليها حين تتعارض مع مصالحهم الخاصة.
يا سادة إننا نعيش في ظل ديمقراطية " ما ننطيها " هي نفس الديمقراطية التي ترفع شعار: أنا أو الفوضى.
في ديمقراطية العراق فإن الذين يتضامنون معك هم وحدهم الصالحون، أما الآخرون فهم فقاعات وعملاء ينفذون أجندات خارجية.
في كل كتب المفكرين، الديمقراطية تعني إقامة حكم العدالة الاجتماعية.. ودعم مؤسسات الدولة لا تحويلها إلى دكاكين للإيجار، وإشاعة المساواة لا الفرقة والطائفية.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 1

  1. ماجد مطشر

    منذ 5 شهور

    جميل جدا ... أحسنت

ملحق معرض العراق الدولي للكتاب

الأكثر قراءة

العمود الثامن: الغرابي ومجزرة جسر الزيتون

العمود الثامن: نون النسوة تعانق الكتاب

العمود الثامن: مسيرات ومليارات!!

ثقافة إعاقة الحرية والديمقراطية عربيا

العمود الثامن: نصف قرن من التفوق

العمود الثامن: نصف قرن من التفوق

 علي حسين في مثل هذه الأيام، وبالتحديد في الثاني من كانون الاول عام 1971، أعلن الشيخ زايد عن انبثاق اتحاد الامارات العربية، وعندما جلس الرجل البالغ آنذاك خمسين عاماً على كرسي رئاسة الدولة،...
علي حسين

كلاكيت: في مديح مهند حيال في مديح شارع حيفا

 علاء المفرجي ليست موهبة العمل في السينما وتحديدا الإخراج، عبئا يحمله مهند حيال، علّه يجد طريقه للشهرة أو على الأقل للبروز في هذا العالم، بل هي صنيعة شغف، تسندها تجربة حياتية ومعرفية تتصاعد...
علاء المفرجي

البَصْرة.. لو التَّظاهرُ للماء والنَّخيل!

رشيد الخيّون تظاهر رجال دين بصريون، عمائم سود وبيض، ضد إقامة حفلات غنائيَّة بالبصرة، على أنها مدينة شبه مقدسة، شأنها شأن مدينتي النَّجف وكربلاء، فهي بالنسبة لهم تُعد مكاناً علوياً، لِما حدث فيها من...
رشيد الخيون

الانتخابات.. بين صراع النفوذ، وعودة السياسة القديمة

عصام الياسري الانتخابات البرلمانية في العراق (11 نوفمبر 2025) جرت في ظل بيئة أمنية نسبيا هادئة لكنها مشحونة سياسيا: قوائم السلطة التقليدية حافظت على نفوذها، وبرزت ادعاءات واسعة النطاق عن شراء أصوات وتلاعبات إدارية،...
عصام الياسري
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram