TOP

جريدة المدى > خاص بالمدى > محافظة القادسية ثالث أكبر مصدر للنزوح بسبب الجفاف في العراق

محافظة القادسية ثالث أكبر مصدر للنزوح بسبب الجفاف في العراق

قالت إن 70% من أراضيها الزراعية قد تضررت

نشر في: 7 يوليو, 2025: 12:10 ص

 ترجمة / حامد أحمد

تناولت منظمة “ميكس ميغريشن سنتر” (MMC) الدولية، المعنية بالدوافع المحفّزة للنزوح في العالم، آثار التغير المناخي الخطرة على محافظة القادسية، التي شكّلت عاملًا رئيسًيا لنزوح العوائل الفلاحية فيها بحثًا عن سبل عيش جديدة، مؤكدة أن 76% من أهاليها يعتمدون في معيشتهم على القطاع الزراعي، في وقت تضررت فيه ما يقارب من 70% من أراضيها الزراعية بسبب الجفاف، حيث اعتُبرت المحافظة ثالث أكبر مصدر للنزوح بسبب الجفاف في العراق، وفقًا لتقديرات منظمة الهجرة الدولية لعام 2024.

وأشار تقرير المنظمة الدولية إلى أن الطابع الغالب لمحافظة القادسية هو الطابع الريفي، حيث تشكّل الزراعة وتربية المواشي المصدرين الرئيسيين لكسب العيش، في وقت يعتمد 76% من سكان القادسية على هذين القطاعين. وبما أنها تضم مناطق حضرية مثل مدينة الديوانية، ويبلغ عدد سكانها الإجمالي نحو 1.3 مليون نسمة، فإن هذا المزيج من الحياة الريفية والاستيطان المدني يجعل من القادسية نموذجًا مصغرًا لفهم آثار المخاطر المناخية في مختلف السياقات داخل العراق.
وتشهد المحافظة موجات حر شديدة بانتظام، حيث غالبًا ما تتجاوز درجات الحرارة 50 درجة مئوية، وتشكل هذه الظروف مخاطر صحية خطيرة للفئات السكانية الضعيفة، كما تؤدي إلى تفاقم شحّ المياه نتيجة زيادة التبخّر. وسُجّل انخفاض مقلق في مستوى نهر الفرات بسبب إنشاء السدود على منابع النهر، وانخفاض معدلات الأمطار الذي أثّر بشكل كبير على الزراعة وقطاعات أخرى، وقد كان التأثير شديدًا وتفاقم في السنوات الأخيرة، حيث تشير التقديرات إلى أن نحو 70% من الأراضي الصالحة للزراعة قد تضررت، مما ألحق ضررًا كبيرًا بالمزارعين ومربي المواشي.
التأثير التراكمي لموجات الحر الشديدة، والجفاف، وشحّ المياه، أدى إلى تسريع وتيرة التصحر في محافظة القادسية. فعلى مستوى العراق ككل، تأثرت 71% من الأراضي الصالحة للزراعة بالتصحر، مع فقدان 10 آلاف هكتار إضافية سنويًا، وفقًا لوزارة البيئة العراقية. وقد أدى هذا التدهور إلى انخفاض مساحة الأراضي القابلة للزراعة إلى 1.4 مليون هكتار، وتراجع الإنتاج الزراعي بنسبة 70%. ومن الجدير بالذكر أن منظمة الهجرة الدولية (IOM) قد صنّفت القادسية كثالث أكبر مصدر للنزوح الداخلي الناتج عن الجفاف في العراق خلال عام 2024.
تعتمد المجتمعات المحلية والنازحون داخليًا في القادسية اعتمادًا كبيرًا على الزراعة وتربية المواشي، التي تأثرت كثيرًا بسبب التغيرات المناخية، وأظهر استطلاع أجرته المنظمة أن 27% منهم يعملون غالبًا لحسابهم الخاص، ونسبة 25% فقط في وظائف مؤقتة، وهو ما يعكس الطابع الموسمي وغير الرسمي للعمل الزراعي، حيث يعمل 49% منهم في الزراعة، و10% في الرعي، وقد بيّن نصف المشاركين في الاستطلاع أنهم يحصلون على جزء من غذاء أسرهم من خلال الزراعة، وكانت نسبتهم 47%، ما يبيّن أن الجفاف والتصحر يُفاقمان هشاشة العديد من الأسر الزراعية ويهددان أمنها الغذائي.
ويشير التقرير إلى أن الاحتياجات الأساسية لجزء كبير من الأسر تبقى غير ملبّاة، حيث أفاد نحو نصف المشاركين في الاستطلاع (43%) بأن أسرهم قادرة على تلبية احتياجاتها الأساسية، بينما قال 45% منهم إنهم غير قادرين على ذلك، مشيرين إلى أن أعباء التغير المناخي شكّلت العامل الرئيسي في ذلك.
وقال أحد المزارعين: “مع تغير ظروف المناخ، وزيادة الجفاف، وارتفاع درجات الحرارة، تأثرت مداخيلنا على نحو كبير، وفقدنا 90% من دخلنا بسبب جفاف الأراضي وتدهور المحاصيل، فقد جفّت الأنهار، وأصبح من المستحيل الصيد، وتغير النظام البيئي بشكل كبير، مما أدى إلى اختفاء الطيور والحيوانات التي اعتدنا اصطيادها في السابق.”
وبيّنت المنظمة الدولية في تقريرها أن وصول العوائل إلى الخدمات ومستوى جودتها يظل يشكّل تحديًا كبيرًا بالنسبة لهم. وعلى الرغم من أن 65% من المشاركين في الاستطلاع أفادوا بأن الخدمات متاحة إلى حد ما على الأقل، فإن نحو 35% وصفوا الوصول إليها بالصعب. على سبيل المثال، ذكر جميع المشاركين تقريبًا أن على أسرهم جلب المياه في وقت ما، وأفاد أكثر من نصفهم تقريبًا بنسبة 53% بأنهم يضطرون لذلك على نحو منتظم، ووصف عدد من المطلعين الرئيسيين الخدمات بأنها غير منتظمة وغير كافية وضعيفة من ناحية الصيانة.
كما تعكس ظروف السكن هشاشة مماثلة، حيث ذكر 33% فقط من المشاركين أنهم يعيشون في مأوى يعتبرونه ملائمًا، بينما أشار آخرون إلى أنهم يقيمون في مساكن دون المستوى، بما في ذلك منازل مدمّرة أو متضرّرة، وملاجئ غير مخصّصة للسكن، وبلغت نسبتهم 26%.
وقال مصدر مطّلع: “أن معظم الأسر النازحة تعيش في مستوطنات عشوائية، حيث يسكنون في بيوت مبنية من الطين أو الطابوق أو الصفائح المعدنية أو الخشب.”
وفي انعكاس لحجم التحديات، عبّر العديد من المشاركين عن عدم تيقنهم بشأن المستقبل، فعندما طُلب منهم التفكير فيما إذا كانت أسرهم ستكون قادرة على تلبية احتياجاتها خلال السنوات الخمس القادمة، أعرب 38% عن عدم تأكدهم، بينما توقّع عدد مماثل تقريبًا أن تظل أوضاعهم على ما هي عليه، وتوقّع 16% أن أوضاعهم ستزداد سوءًا، أما المتفائلون بتحسّن المستقبل فلم تتجاوز نسبتهم 9% فقط.
ويشير التقرير إلى أن الهجرة التي تشهدها العوائل الزراعية والفلاحية في محافظة القادسية ليست فقط استجابة مباشرة لأزمة مناخية، بل تتقاطع مع أزمات اقتصادية واجتماعية طويلة الأمد. ويفضّل السكان الهجرة الداخلية على الخارجية، وغالبًا ما تكون دوافعها اقتصادية، وليست رغبة في مغادرة البلاد. لكن العوائق، مثل الفقر والعجز البدني، تحد من قدرة الجميع على التحرك. وعلى الرغم من المخاطر، يُنظر للهجرة كفرصة لتحسين الوضع المعيشي، وإن كانت مؤقتة أو غير مضمونة النتائج.
عن موقع ريليف ويب الدولي.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق الدولي للكتاب

مقالات ذات صلة

لا حسم في

لا حسم في "الإطار": الملف البرتقالي يخرج بلا مرشحين ولا إشارات للدخان الأبيض

بغداد/ تميم الحسن أصبح "الإطار التنسيقي" يبطئ خطواته في مسار تشكيل الحكومة المقبلة، بانتظار ما يوصف بـ"الضوء الأخضر" من واشنطن، وفق بعض التقديرات. وفي المقابل، بدأت أسماء المرشحين للمنصب الأهم في البلاد تخرج من...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram