عصام الياسري
على أثر الشد والجذب لتفعيل القرارات وإلغاء أخرى من بينها ما يتعلق باتفاقية خور عبد الله وتقديم رئيس الوزراء السوداني ورئيس الجمهورية عبد اللطيف رشيد طعنا بقرار المحكمة الاتحادية وممارسة الضغوط السياسية، قدم 6 قضاة أصلاء و3 قضاة احتياط استقالتهم الجماعية من المحكمة الاتحادية وبالتالي، قد يواجه العراق مأزقا حقيقيا في العديد من الملفات، في الوقت الذي لاتزال أسباب ما حدث آنذاك في المحكمة الاتحادية غير معروفة بدقة، لكن هناك رأيان حول ما حدث...
يتحدث الأول: عن تدخل وضغوط داخلية وخارجية، حصلت، على خلفية قضية خور عبد الله، والمطالبة بالعدول عن قرار سابق للمحكمة ينص على أن الاتفاقية مع الكويت باطلة بسبب عدم استكمال الإجراءات القانونية اللازمة. بينما يشير الثاني: إلى أن رئيس المحكمة الاتحادية طلب عقد اجتماع مع قادة الدولة، لممارسة الضغوط لحل بعض القضايا العالقة. لكن أعضاء المحكمة رفضوا ذلك وقدموا في التاسع عشر من حزيران استقالاتهم احتجاجا.. وفيما الاستقالات لاتزال لم تقبل رسميا، أعلن مجلس القضاء الأعلى يوم الأحد 29 حزيران، إحالة رئيس المحكمة الاتحادية العليا (أعلى سلطة قضائية في العراق) القاضي جاسم محمد عبود العميري على التقاعد، "لأسباب صحية" وترشيح نائب رئيس محكمة التمييز الاتحادية القاضي السيد منذر إبراهيم حسين بدلا منه.
وفيما الانتظار كان سيد الموقف، ماذا سيحدث؟، إذا لم ترفض الاستقالات خلال مدة شهر، هل ستعتبر نافذة، عندها يجب تشكيل محكمة جديدة؟. من حيث إن القانون لم يحدد مدة زمنية لتشكيل المحكمة الجديدة، فالفترة مفتوحة، وهنا تكمن الخطورة، لأنه لا يوجد ما يلزم الجهات المعنية بموعد معين، وبالتالي، قد يحدث فراغ قد يستمر لمدة طويلة، ما ينعكس سلباً على عمل مؤسسات الدولة، وقد تواجه البلاد إشكالات من قبيل: مجلس النواب قد يقوم بتمرير قوانين مخالفة للدستور، لأنه لا توجد محكمة تنظر في الطعون الدستورية والثاني: إذا أجريت الانتخابات فعلا دون محكمة اتحادية، فإن نتائج الانتخابات ستجمد، وسنعود إلى حكومة تصريف الأعمال. تفاجأ العراقيون في الثلاثين من حزيران بأن القضاة الستة في المحكمة الاتحادية العليا، إضافة إلى ثلاثة قضاة احتياط، سحبوا استقالاتهم التي قدموها مؤخرا، وعادوا إلى ممارسة مهامهم القضائية رسميا، بعد تعيين رئيس جديد للمحكمة...
يتمتع العراق، كدولة ذات سيادة وعضو في الأمم المتحدة، بحق قانوني ثابت في الدفاع عن وحدة أراضيه وسلامة أجوائه ومياهه، استنادا إلى مبادئ القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة. تنص المادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة على الحق الطبيعي للدول في الدفاع عن نفسها فرديا أو جماعيا إذا وقع هجوم يمس السيادة، وهو ما يشمل الرد على أي اعتداء ينتهك الحدود البرية أو البحرية أو الجوية.
كما تكرس اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار ( UNCLES) وقرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة مبدأ احترام السيادة الإقليمية، وتمنع أي تدخل خارجي أو انتهاك للحدود دون موافقة صريحة من الدولة المعنية. ويعد أي خرق لهذه السيادة، بما في ذلك اختراق الأجواء أو المياه الإقليمية دون إذن، انتهاكا صارخا للقانون الدولي. وبالتالي، فإن للعراق الحق الكامل في اتخاذ الإجراءات القانونية والدبلوماسية، وأحيانا الدفاعية، لحماية أراضيه وحدوده من أي تهديد أو عدوان خارجي، مع مراعاة التناسب واحترام القانون الدولي الإنساني عند اللزوم...
ويؤكد القانون الدولي أيضا، على مبدأ سيادة الدول وسلامة أراضيها ووحدة حدودها، وهو ما نص عليه ميثاق الأمم المتحدة في المادة (2/4) التي تحظر التهديد باستعمال القوة أو استخدامها ضد السلامة الإقليمية أو الاستقلال السياسي لأي دولة وهو ما يمنح العراق أساسا قانونيا لحماية أراضيه ومياهه وأجوائه من أي انتهاك أو إجراء أحادي الجانب يهدد مصالحه السيادية.
وفي هذا السياق، تعد قضية خور عبد الله نموذجا لانتهاك مبدأ حسن الجوار، حيث اتخذت الكويت خطوات أحادية الجانب لترسيم الحدود البحرية بشكل يخل بمصالح العراق، ويحد من وصوله البحري الحيوي عبر ميناء أم قصر. تعود جذور المشكلة إلى قرار مجلس الأمن الدولي رقم 833 لسنة 1993، الذي أصدر في ظل ظروف استثنائية أعقبت غزو العراق للكويت، وقضى بترسيم الحدود البرية والبحرية بين البلدين. غير أن القرار لم يكن واضحا بشكل كاف بشأن الحدود البحرية الدقيقة في خور عبد الله، وهو ما خلق خلافا قانونيا وتقنيا لا يزال مستمرا.
في السنوات الأخيرة، تصاعد التوتر بعد قيام الكويت بإجراءات أحادية، منها إنشاء مرافق ملاحية وجزر اصطناعية ومنشآت بحرية ينظر إليها في العراق على أنها فرض للأمر الواقع، دون الرجوع إلى اتفاق مشترك، الأمر الذي يعد مخالفة لمبدإ تسوية النزاعات الدولية بالطرق السلمية كما ورد في المادة 33 من ميثاق الأمم المتحدة، وكذلك لمبدإ عدم اتخاذ إجراءات يمكن أن تغير الوضع القانوني لمنطقة متنازع عليها. وبالتالي، فإن للعراق، استنادا إلى قواعد القانون الدولي، الحق في: رفض أي ترسيم أحادي الجانب لا يستند إلى اتفاق مشترك. أيضا، اللجوء إلى المحاكم أو الهيئات الدولية المختصة مثل محكمة العدل الدولية لحماية حقوقه البحرية.
موقف العراق في قضية خور عبد الله يجب أن يبنى على الجمع بين أدوات القانون الدولي، والجهد الدبلوماسي الفعال، وتثبيت حقوقه التاريخية عبر الوثائق والخرائط، مع التأكيد على احترام مبدأ حسن الجوار ورفض أي شكل من أشكال فرض الأمر الواقع والتجاوز على حقوق العراق ومصالحه الوطنية...











جميع التعليقات 1
سامي احمد
منذ 5 شهور
استنتج من قرأة المقال ان الكاتب لم يشبع من الحروب و ربما يفكر ان من الاحسن ان ندز الويلاد الى الكويت مرة اخرى.