بغداد/ تميم الحسن
تفترض أطراف شيعية أنه لا توجد مزيد من إعلانات «المقاطعة» للانتخابات التي ستُجرى قبل نهاية العام الحالي.
وكان الإطار التنسيقي قد تعرّض لأول تصدّع بعد إعلان القيادي في التحالف، حيدر العبادي، عدم المشاركة في الانتخابات.
وناقشت الرئاسات الثلاث يوم أمس عددًا من الملفات المهمة، أبرزها الانتخابات، بحسب بيان حكومي.
وذكر بيان عن المكتب الإعلامي لرئيس الوزراء، بخصوص الانتخابات، أن الاجتماع «ناقش الاستعدادات للانتخابات النيابية، ودعم الخطوات التي تقوم بها المفوضية العليا المستقلة للانتخابات «.
ومن المقرر أن تُجرى الانتخابات التشريعية المقبلة في 11 تشرين الثاني 2025.
ويرى مسؤول في حزب شيعي أن دعوات «المقاطعة» سوف تخلق شخصيات جديدة في الانتخابات، و»أحزاب ظل».
وكان العبادي قد اعترض على هيمنة «المال السياسي» في الانتخابات، وهي أسباب قريبة من دوافع مقتدى الصدر، زعيم التيار الصدري، الذي يغيب لأول مرة عن الانتخابات العامة منذ 2005.
مواقف مستنسخة!
يقول رحيم العبودي لـ (المدى)، وهو عضو في تيار الحكمة، «إن إعلانات عدم المشاركة والمقاطعة انتهت الآن، ولا يوجد مزيد من المقاطعين للانتخابات».
ويضيف: «بعض المقاطعين أعلنوا مواقف عدم المشاركة بطريقة الاستنساخ (كوبي بيست) من أطراف سياسية أخرى، وهم في الحقيقة غير مؤثرين».
وكان ائتلاف النصر الذي يتزعمه حيدر العبادي، قد دعا في بيان الأسبوع الماضي إلى منع من وصفهم بـ «الفاسدين» من المشاركة في الانتخابات المقبلة.
وقال العبادي إن الانتخابات «تفتقد إلى الحزم»، و»هناك شراء أصوات وتوظيف مال عام وأجنبي».
ولم يعلّق الإطار التنسيقي حتى الآن على ما ذكره القيادي في التحالف عن أسباب انسحابه من الانتخابات.
« إن حضر لا يُعدّ «
وبحسب العبودي، فإن بعض المنسحبين من الانتخابات ينطبق عليهم القول: «إن حضروا لا يُعدّوا، وإن غابوا لا يُفتقدوا».
وأضاف عضو الحكمة، الذي يتحالف العبادي مع زعيم كتلته عمار الحكيم، أن قرار تلك الأطراف «تسجيل موقف على طريقة (اشهد لي عند الأمير)».
واعتبر انسحاب العبادي هو ثاني موقف شيعي يعترض على الانتخابات بعد زعيم التيار الصدري.
وكان العبادي قد حصل في الانتخابات الأخيرة عام 2021 على مقعدين اثنين بعد استقالة نواب «الصدر» من البرلمان في صيف 2022، ولا يُستبعد أن يكون العبادي يُحضّر نفسه لاستلام رئاسة الحكومة القادمة باعتباره «مستقلاً»، بحسب بعض القراءات.
تأثير المقاطعة
وعلى هذا الأساس، يرى رحيم العبودي أن تأثير انسحاب تلك التحالفات شعبيًا غير مؤثر كثيرًا على الانتخابات.
ويوضح: «من لا يمتلك قاعدة شعبية سوف يضمحل من المشهد السياسي لعدم مشاركته في الانتخابات، أما الطموح فسيخلق قواعد لعبة جديدة».
ويعتقد العبودي أن بعض الأطراف المنسحبة «سوف تبدّل جلدها وتستخدم أحزاب ظل للبقاء في المعادلة السياسية». أو «سيخرج بعض الطموحين من المقاطعين الذين يملكون قاعدة شعبية حقيقية، لتشكيل قوى أخرى من أشلاء التشكيل القديم».
وتظهر مواقف العبادي والصدر مختلفة في بعض الجوانب، إذ دعا الأول إلى دعم تحالفه القديم «الحكمة» في الانتخابات عقب انسحابه، بخلاف زعيم التيار.
وكان الصدر قد طلب من أنصاره، وهم بحدود 10 ملايين ناخب، بحسب تقديرات «التيار»، عدم المشاركة في الانتخابات كما حدث في اقتراع 2023 المحلي.
في غضون ذلك، يرى باسل حسين، وهو أكاديمي وباحث في الشأن السياسي، أن مقاطعة زعيم التيار الصدري والعبادي»تظهر تصدعًا متناميًا في شرعية العملية السياسية».
ويقول حسين لـ (المدى): «مع أن المقاطعة لا تؤثر في الإطار القانوني للانتخابات، إلا أن اتساعها، لا سيما إذا ترافق مع عزوف شعبي واسع، يفقد العملية مضمونها التمثيلي الحقيقي، ويجعل مخرجاتها هشّة ومعرّضة للطعن السياسي والاجتماعي».
وكانت نسبة المشاركة في الانتخابات التشريعية منذ 2005 قد تراجعت من 76% إلى 62% في 2010، و60% في 2014، ثم 44% في 2018، وأخيرًا 41% في الانتخابات الأخيرة، بحسب أرقام المفوضية.
شرعية النظام
وتُعتبر الانتخابات في المجتمعات الانتقالية مثل العراق، بحسب باسل حسين، رئيس مركز (كلواذ) للدراسات وقياس الرأي العام العراقي، أنها «تؤدي وظيفة مختلفة عن مثيلاتها في الأنظمة الراسخة، إذ تُعد وسيلة جوهرية لتثبيت شرعية النظام الجديد وتوسيع قاعدة المشاركة الشعبية فيه».
ويضيف: «فإن المقاطعة لا تعكس انسحابًا سلبيًا بقدر ما تمثّل أداة ضغط تكتيكية تهدف إلى إرباك حسابات الخصوم وخلق واقع سياسي جديد قد يفرضه الشارع مستقبلًا لا صناديق الاقتراع، لا سيما في ظل حقيقة أن جمهور المقترعين في الغالب يتكوّن من قواعد زبائنية مرتبطة بالأحزاب المتنفذة».
وأوضح حسين أن بعض القوى «تُفضّل بقاء الجماهير الواسعة خارج المعادلة الانتخابية خشية أن تؤدي مشاركتها العفوية إلى قلب التوازنات القائمة لصالح قوى احتجاجية أو إصلاحية خارجة عن النسق التقليدي للسلطة».










