علاء المفرجي
- 2 -
وهناك أمثلة عديدة لمخرجين عالميين حققوا أفلامهم الأولى أثناء الدراسة أو في بداياتهم الأكاديمية، منها: كريستوفر نولان: أخرج خلال دراسته في كلية لندن فيلمين قصيرين هما تارنتيلا (1989) وسرقة (1995)، وصنع أول فيلم طويل مستقل له بعنوان تتبع (1998) بميزانية منخفضة مع أصدقائه، حيث كان رئيس جمعية اتحاد الفيلم في الكلية، واستغل فترة الدراسة لصقل مهاراته العملية والنظرية.
يان زابيل: درس التصوير في معهد بوتسدام، وأخرج فيلمه الأول النهر كان في البدء إنسانًا خلال الدراسة، وهو فيلم نال شهرة في أوروبا وفاز بجائزة المخرجين الجدد في مهرجان سان سيباستيان عام 2011، مما يبرز أهمية التكوين الأكاديمي والعمل التطبيقي معًا.
سيسيل ديميل: بدأ مسيرته الفنية في المسرح قبل أن ينتقل إلى السينما، وأخرج أول أفلامه في بدايات القرن العشرين، حيث يعتبر من رواد السينما الأمريكية وأحد أكبر المنتجين والمخرجين تجاريًا في التاريخ، رغم أن بداياته كانت قبل وجود معاهد متخصصة.
هذه الأمثلة توضح أن العديد من المخرجين العالميين استفادوا من فترة الدراسة الأكاديمية أو البدايات الفنية لإنتاج أفلامهم الأولى، مما ساعدهم على بناء مسيرة مهنية ناجحة في السينما.
ومن بين المخرجين الكبار الذين قدموا أفلام تخرج وهم طلاب، يمكن الإشارة إلى:
ستانلي كوبريك: بدأ حياته المهنية كمصور فوتوغرافي وعلم نفسه جميع جوانب الإنتاج والإخراج السينمائي بعد تخرجه من الثانوية، وقدم أفلامه الأولى بميزانية صغيرة قبل أن يصبح من أعظم صناع الأفلام في التاريخ.
وفي السينما العربية، مصر،يبرز معهد السينما في القاهرة كمصدر رئيسي لتخريج مخرجين كبار قدموا أفلام تخرج خلال دراستهم، حيث يتم تنفيذ عشرات الأفلام القصيرة التي تعكس مواهب واعدة في الإخراج والسيناريو والتصوير، مما يشير إلى مستقبل واعد لهؤلاء المخرجين في صناعة السينما.
من الأمثلة الأخرى على مخرجين مصريين درسوا الإخراج في معهد السينما وقدموا أفلام تخرج قبل أن يصبحوا كبارًا في المجال، مثل المخرج الراحل أسامة فوزي الذي تخرج عام 1984 وترك بصمة سينمائية مهمة.
هذه الأمثلة توضح أن العديد من المخرجين الكبار بدأوا مسيرتهم الفنية بأفلام تخرج خلال دراستهم في معاهد السينما أو بشكل مستقل، مما شكل قاعدة انطلاق قوية لمستقبلهم السينمائي، وهناك فيلم التخرج لأندري تاركوفسكي هو فيلم قصير بعنوان "العجلة الضاغطة والكمان" (The Steamroller and the Violin)، أخرجه عام 1960 عند انتهاء دراسته في المعهد السينمائي في روسيا. الفيلم مدته حوالي 42 دقيقة، ويحكي قصة صبي في الثانية عشرة من عمره يتعلم العزف على الكمان لكنه لا يحب هذا الفن، ويكتشف حياة العمل والعمال من خلال صداقته مع سائق عجلة ضاغطة. الفيلم يتميز بأسلوبه الشعري والرمزي، حيث يستخدم تاركوفسكي تقنيات تصوير مبتكرة مثل تكرار وجه الصبي وتركيز الكاميرا على تفاصيل معينة مثل التفاحة، ليعكس معاني مجازية عميقة رغم بساطة الموضوع الظاهر.
هذا الفيلم يعتبر أول عمل سينمائي مهم لتاركوفسكي، حيث أظهر فيه قدراته الفنية والإخراجية التي ستتطور لاحقًا في أفلامه الروائية الطويلة، كما نال ثقة النقاد والعاملين في السينما رغم بعض المعوقات البيروقراطية في الاتحاد السوفييتي آنذاك.
باختصار، فيلم التخرج لتاركوفسكي هو "العجلة الضاغطة والكمان" (1960)، وهو عمل قصير شعري يعكس بداياته الفنية ويتميز برؤية سينمائية مميزة رغم موضوعه التعليمي والاجتماعي المباشر.









