TOP

جريدة المدى > خاص بالمدى > المدرسة المركزية في الزبير.. صرح تربوي عمره قرن يُهدَّد بالاستثمار من جديد

المدرسة المركزية في الزبير.. صرح تربوي عمره قرن يُهدَّد بالاستثمار من جديد

نشر في: 13 يوليو, 2025: 12:11 ص

المدى / عمّار عبد الخالق
بعد معركة قانونية استمرت لسنوات، ظفرت تربية الزبير بحكم قضائي نهائي يقضي باسترجاع المدرسة المركزية الواقعة وسط سوق الزبير، ومنع تحويلها إلى مشروع استثماري تجاري.
إلا أن فرحة التربويين والمجتمع المحلي لم تكتمل، إذ ظهرت محاولة جديدة للالتفاف على القرار القضائي عبر مشروع لتحويل المدرسة إلى "أكاديمية أهلية" خاصة، ما أعاد المخاوف حول مصير هذا الصرح التعليمي العريق الذي تجاوز عمره المئة عام.
إرث تربوي يعود إلى عام 1918
تُعد المدرسة المركزية من أقدم المؤسسات التعليمية في محافظة البصرة، إذ شُيّدت عام 1918، وظلت رمزًا للتعليم الرسمي في المدينة ومركزًا علميًا خرج آلاف الطلبة عبر الأجيال. على مر السنين، لم تكن المدرسة مجرد مبنى دراسي بل كانت حاضنة للتربية والمعرفة ومتنفسًا ثقافيًا للمعلمين والطلبة على حد سواء.
ورغم مرور أكثر من قرن على تأسيسها، لا تزال المدرسة تحتفظ بهويتها المعمارية الأصلية، ما يجعلها، بحسب عدد من المهتمين بالتراث، مؤهلة للإدراج ضمن لائحة التراث الوطني، وربما العالمي، باعتبارها من الشواهد النادرة على بدايات التعليم الحديث في جنوب العراق.
مخاوف جديدة
خضعت المدرسة خلال السنوات الماضية لمحاولات متكررة لتحويلها إلى مشروع تجاري خاص، ما أثار موجة غضب داخل الأوساط التربوية والمجتمعية، ودفع تربية الزبير إلى تحريك دعوى قضائية لإيقاف المشروع واستعادة ملكية العقار.
وقد صدرت الأحكام لصالح التربية بدءًا من المحكمة البدائية، ثم الاستئناف، وأخيرًا محكمة التمييز التي أكدت أحقية تربية الزبير في استعادة المدرسة ومنع تخصيصها للاستثمار الخاص.
لكن، وبحسب مصادر تربوية، بدأت جهات معينة منذ أسابيع بالترويج لمشروع "أكاديمية أهلية" تحت لافتة التعليم الخاص، ما اعتبره ناشطون وأهالي المدينة محاولة مكشوفة لإعادة تدوير المشروع الاستثماري نفسه بصيغة جديدة.
ويرى الناشط المدني يوسف الحربي أن أي مشروع يحرم أبناء الزبير من فرصة التعليم المجاني يعد إساءة مزدوجة للمجتمع وللإرث التربوي.
وأضاف أن الواقع التربوي في الزبير يمر بظروف صعبة، فالكثير من المدارس تعمل بنظام الدوام الثلاثي، وهناك صفوف يتجاوز عدد الطلاب فيها خمسين طالبًا، ولا توجد مساحات فائضة يمكن الاستغناء عنها لأن كل مساحة تصلح لبناء مدرسة جديدة يجب أن تبقى لخدمة التعليم لا أن تتحول إلى مشروع استثماري.
وأشار الحربي إلى أن الخطة الأصلية التي وُضعت بعد صدور الحكم القضائي تضمنت تقسيم المدرسة إلى جزئين، الأول يعاد تأهيله ليكون مدرسة مركزية نموذجية للمرحلة الإعدادية، والثاني يُخصص كمركز ثقافي ومكتبة عامة للمعلمين والطلبة، إلا أن هذه الخطة توقفت فجأة دون توضيح رسمي.
المدرسة ليست للبيع
أكد قتيبة البزوني أن المدرسة المركزية في الزبير ليست مجرد مبنى قديم، بل هي جزء من ذاكرة المدينة وتاريخها التربوي.
وأضاف أن المدرسة خرجت أجيالًا كثيرة من أبناء الزبير صاروا فيما بعد أطباء ومهندسين ومعلمين، وكانت لها دور مهم في بناء المجتمع وتطويره.
وشدد على أن محاولة تحويلها إلى مشروع استثماري أو أكاديمية أهلية هو إهمال لقيمتها الحقيقية وتفريط بإرث عمره أكثر من مئة عام، مبينًا أن أبناء الزبير ينظرون إلى هذه المدرسة كرمز تربوي وثقافي يجب الحفاظ عليه واستثماره لخدمة التعليم العام وليس تحويله إلى مشروع يهدف إلى الربح.
وطالب أهالي الزبير الحكومة المحلية ووزارة التربية بأن تفي بوعودها التي أُعلنت منذ سنوات بشأن إنشاء مدارس جديدة وتنفيذ مشاريع توسعة لحل أزمة الاكتظاظ التي تعاني منها معظم مدارس القضاء.
وأكدوا أن هذه الحلول يجب أن تأتي من الدولة وليس عبر التنازل عن المدارس القديمة لصالح المستثمرين، لأن في ذلك تفريطًا واضحًا بحق الطلبة وضربًا لمبدأ التعليم المجاني الذي يكفله الدستور.
وبيّنوا أن المدرسة المركزية لا تمثل مجرد بناية يمكن الاستغناء عنها، بل هي رمز تربوي وتاريخي له مكانة خاصة في ذاكرة الأهالي، ولا يجوز التهاون بمصيرها أو التفريط بها تحت أي ظرف.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق الدولي للكتاب

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

لا حسم في

لا حسم في "الإطار": الملف البرتقالي يخرج بلا مرشحين ولا إشارات للدخان الأبيض

بغداد/ تميم الحسن أصبح "الإطار التنسيقي" يبطئ خطواته في مسار تشكيل الحكومة المقبلة، بانتظار ما يوصف بـ"الضوء الأخضر" من واشنطن، وفق بعض التقديرات. وفي المقابل، بدأت أسماء المرشحين للمنصب الأهم في البلاد تخرج من...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram