محمد العبيدي / المدى
سلط صندوق النقد الدولي الضوء على ضعف البنية المالية في العراق، محذراً من أن البلاد مقبلة على عجز متفاقم في الموازنة خلال السنوات المقبلة، مع تراجع إيرادات النفط وتصاعد مستويات الإنفاق العام.
ورغم إشادة الصندوق في تقريره الأخير بالحفاظ على الاستقرار الداخلي في ظل اضطرابات إقليمية وظروف دولية مضطربة، إلا أنه شدد على أن "التوسع المالي الكبير في السنوات الأخيرة أدى إلى تزايد مواطن الضعف، ما فاقمه الانخفاض الأحدث في أسعار النفط".
أرقام مقلقة .. وواقع هش
ويتوقع الصندوق أن يسجل الاقتصاد العراقي انكماشاً بنسبة 2.3% خلال عام 2024، بعد نمو مؤقت في العام الماضي، في وقت سيرتفع العجز في الموازنة من 4.2% هذا العام إلى 9.2% في 2026، مع انخفاض الإيرادات النفطية من 99.2 مليار دولار إلى 79.2 ملياراً خلال الفترة نفسها.
وفي المقابل، ترتفع النفقات العامة لتتجاوز 43.8% من الناتج المحلي الإجمالي، خصوصاً في البند الخاص بالرواتب الذي سيصل إلى 24.5% بحلول عام 2026، ما يثقل كاهل الدولة ويحد من القدرة على الإنفاق الاستثماري أو مواجهة الأزمات.
وعلى هذا الأساس، رفع الصندوق تقدير سعر برميل النفط اللازم لتحقيق التوازن المالي إلى 84 دولاراً، وهو رقم مرتفع وغير مضمون في ظل تقلبات السوق. في المقابل، تتداول الأسعار حالياً قرب 70 دولاراً، مع توقعات بانخفاض إضافي خلال النصف الثاني من العام، نتيجة تخمة المعروض العالمي وضعف الطلب، وفق تحليلات "بلومبرغ".
تحذيرات واقعية
بدوره، أكد عضو اللجنة المالية في مجلس النواب جمال كوجر أن "التحذيرات التي وردت بشأن الوضع المالي في العراق واقعية جدًا"، مشيرًا إلى أن "اعتماد البلاد شبه الكامل على الإيرادات النفطية يمثل خطراً حقيقياً في ظل التقلبات العالمية".
وأوضح كوجر في حديثه لـ (المدى)، أن "الاقتصاد العراقي هش بسبب غياب التنويع واعتماده على مورد واحد، ما يجعله عرضة لأي صدمة في الأسواق العالمية"، لافتاً إلى أن "الوقت لا يزال مناسباً لاتخاذ خطوات إصلاحية عاجلة قبل انزلاق البلاد إلى أزمة اقتصادية خطيرة".
وأضاف أن "الحلول ليست غائبة، فالحكومة تمتلك فرصة لتجنّب الأسوأ عبر دعم القطاع الخاص، وتشجيع الزراعة والصناعة، والتقليل من التوظيف العشوائي الذي أثقل الموازنة".
وبحسب التقرير الدولي، من المتوقع أن يتحوّل فائض الحساب الجاري من 2% من الناتج المحلي في 2024 إلى عجز قدره 1.9% في 2026، فيما ستنخفض الاحتياطيات الأجنبية من 100.3 مليار دولار إلى 79.2 ملياراً، ما يُقابل تراجعاً من 11.1 إلى 9.6 أشهر من الواردات.
أما الدين العام، فسيقفز من 47.2% من الناتج في 2024 إلى 62.3% بحلول عام 2026، وسط تحذيرات من تصاعد مخاطر الديون السيادية، ما يتطلب ضبطًا للإنفاق.
من جهته، وجّه الخبير الاقتصادي باسم أنطوان انتقاداتٍ للسياسات الاقتصادية المتبعة، محذرًا من "عجز متصاعد وديون متنامية في ظل غياب رؤية واقعية للإصلاح".
وقال أنطوان لـ (المدى)، إن "العجز في الموازنة يتزايد عاماً بعد عام، في ظل إنفاق متضخم على الرواتب، دون إيجاد مصادر بديلة لتغطية هذا الإنفاق"، مبينًا أن "القطاعات الإنتاجية مثل الزراعة والصناعة والإنشاءات لا تزال مهمّشة، ولا تحظى بالدعم الكافي".
وتتصاعد الدعوات لتبني إصلاحات هيكلية جذرية، تشمل زيادة الإيرادات غير النفطية، وضبط فاتورة الأجور، وتعزيز النمو في القطاعات غير النفطية، باعتبار ذلك المسار الوحيد القادر على حماية الاقتصاد من الانزلاق نحو أزمة طويلة الأمد.
صندوق النقد يدق ناقوس الخطر: اقتصاد العراق تحت ضغط العجز

نشر في: 15 يوليو, 2025: 12:21 ص









