TOP

جريدة المدى > خاص بالمدى > هور الجكة في ميسان يسجّل كارثة بيئية جديدة

هور الجكة في ميسان يسجّل كارثة بيئية جديدة

نشر في: 15 يوليو, 2025: 12:39 ص

ميسان / مهدي الساعدي
شهدت منطقة هور الجكة الواقعة ضمن ناحية المشرح جنوب شرق مدينة العمارة، نفوق أعداد كبيرة من الأسماك في نهرها المار بقراها، والمغذي الوحيد لما تبقى من هورها الكبير، وعدّ المراقبون والناشطون البيئيون أن حالة رصد نفوق أسماك بهذه الأعداد تُعد الأولى من نوعها في هذه المنطقة تحديدًا.
وتناقلت مواقع التواصل الاجتماعي في المحافظة العديد من الحالات التي رصدت تلك الظاهرة، منها ما نشره ناشطون، وأخرى تكفّل بها الأهالي وتناقلتها الصفحات الإخبارية صورًا ومقاطع فيديو لتلك الظاهرة التي كانت أهم أسبابها تغيّر نوعية الماء، وتوقّفه عن الجريان، بل وجريانه بشكل عكسي.
هور الجكة ضحية الجفاف
لم يكن جفاف هور الجكة المعروف وليد الساعة، بل جفّ منذ سنين، ولم يبقَ منه إلا مسطحات مائية بسيطة، غالبًا ما تتكوّن بفعل مياه الأمطار شتاءً أو ما يجود به النهر. وعن تفاصيل أكثر عن الهور وموقعه، يبيّن الناشط البيئي والمستكشف أحمد الساعدي لصحيفة (المدى): "يُعتبر هور الجكة أحد الأهوار المهمة والكبيرة، وله أهمية من ناحية القدم في الناحية، وذات سمعة كبيرة، ويرتبط بهور الحويزة كونه يقع في جزئه الشمالي الغربي، وتبلغ مساحته 90 كيلومترًا تقريبًا، وتكون تغذيته من نهري المشرح والكحلاء المتفرّعين من نهر دجلة، وعندما تكون هناك مناسيب عالية ووفرة مياه، يرتبط هور الجكة بالحويزة بشكل مباشر، وكان يزخر بثروة سمكية كبيرة، بالإضافة إلى الحيوانات والمواشي التي كان يربيها أبناء القرى المحاذية له، وخصوصًا الجاموس، لأنه يحتوي على غطاء عشبي كثيف جدًا، لكنه تأثر بصورة كبيرة بالجفاف حتى انحسرت معظم مياهه كبقية أهوار الناحية".
وأضاف: "وتعاني ما تبقّى من مسطحات مائية، التي تكون في الغالب موسمية، من الجفاف، وبقيت على هذا الحال منذ ما يقارب أربع سنوات، مما أدى إلى زيادة هجرة أغلب سكان القرى التي كانت تسكن بالقرب منه، خصوصًا بعد تزايد الملوّثات النفطية بسبب المنشآت القريبة منه، وجفاف وانحسار الغطاء النباتي".
ونوّه الساعدي: "كما يُعتبر انحسار زراعة الشلب أحد الأسباب التي أدت إلى هجرة الأهالي، كونهم كانوا يعتاشون عليها إلى درجة كبيرة، لأنها من الموارد الطبيعية، وبالخصوص مناطقهم التي في ذنائب الأنهار، وهي أول من تأثّر بالجفاف".
نفوق الأسماك
ظاهرة نفوق الأسماك رُصدت لأول مرة في هذه المنطقة، بسبب قساوة الجفاف وانحسار المياه بشكل كبير جدًا، خصوصًا من نهري المشرح والكحلاء اللذين يتقاسمان المأساة. وفي هذا الصدد يقول جواد كاظم، أحد أبناء المنطقة، لصحيفة (المدى): "منذ أسبوع تقريبًا بدأت بوادر نفوق الأسماك بالظهور في النهر المغذي لهور الجكة، بسبب عدم وصول الإطلاقات المائية إليه، وبدأت تتفاقم الأزمة يومًا بعد آخر، حتى وصلنا إلى موت جميع الأسماك والأحياء المائية الأخرى فيه".
وبيّن لصحيفة (المدى): "منطقة الجكة التابعة لناحية المشرح يمر بها شط الجكة، وهو أحد تفرّعات نهر المشرح، وهو المصدر المائي الوحيد في المنطقة الذي تعتمد عليه الحيوانات والمواشي وحتى القرى الواقعة على ضفافه. وبعد شحّة المياه وجفاف مياه هور الجكة، لم تجد الأسماك بيئة سوى النهر، والتجأت إليه، وبعد شحّة المياه وانقطاعها عن النهر بدأت الأسماك والأحياء الأخرى بالنفوق".
وعلّل ناشطو البيئة والمراقبون تلك الظاهرة بارتداد عكسي لمياه الهور، التي تجمعت منذ أشهر، وانخفاض مستوى الأوكسجين، وارتفاع معدلات درجات الحرارة. وفي هذا الصدد، بيّن الناشط البيئي والمستكشف أحمد الساعدي لصحيفة (المدى): "نفوق كميات كبيرة من الأسماك في النهر المتبقي في المنطقة يعود إلى وجود مناسيب مياه داخل الأنهار ومرتبطة قليلاً بربع مساحة ما تبقى من مياه الهور، المتبقية من مياه أمطار وسيول الموسم الشتوي وبعض الإطلاقات المائية منذ أشهر، وحافظت عليها عمق المسافة، وتسبب رجوعها بالاتجاه المعاكس، وبالتحديد باتجاه الأنهار، لأنها منطقة مرتفعة مقابل انخفاض أحواض الأنهار بسبب الكري المستمر الذي يقوم به الأهالي، على أمل ورود إطلاقات مائية، وقلة هذه الإطلاقات سبّبت تلك الظاهرة".
واوضح: "حدثت ظاهرة نفوق الأسماك بسبب قلة الإطلاقات المائية نحو نهري المشرح والكحلاء، باعتبارهما المغذيين الرئيسيين لهور الجكة، وانخفاض مستوى الأوكسجين في المياه، بالإضافة إلى ارتفاع معدلات درجات الحرارة، مما يزيد من التراكيز الملحية في المياه".
ذكريات لا تزال قائمة
يحتفظ العديد من أبناء القرى المتاخمة لهور الجكة وحتى أبناء ناحية المشرح، بالعديد من الأحاديث والأساطير عن منطقة الجكة برمتها، والسبب يعود إلى "وجود تلال أثرية قديمة في أرجائها، وكما يطلق عليها أبناء الجنوب (يِشن)، يُرجّح عودة تاريخها إلى الحضارات القديمة، وكانت لها دور كبير في حياكة الأساطير الكثيرة، ومنها أخذ الهور سمعته الكبيرة"، كما يقول الناشط البيئي والمستكشف أحمد الساعدي لصحيفة (المدى).
بينما يعود الحاج أبو سالم في ذاكرته إلى سنين طويلة لينقل لصحيفة (المدى): "كان الأهالي الذين يقطنون هذه المناطق، خصوصًا في قرى ناحية المشرح، ومنها قرى هور الجكة، يتواجدون بأعداد كبيرة جدًا، لوجود ووفرة مصادر العيش الرئيسية، المتمثلة بالزراعة، خصوصًا زراعة الشلب، الذي تشتهر به هذه المناطق، والأسماك والطيور وتربية المواشي، منها الجاموس والأبقار، لذا كانت القرى عامرة وكبيرة وتعج بالحياة".
وأردف قائلًا: "وهناك أسباب جعلت تلك القرى تتجه نحو التناقص التدريجي، يأتي في مقدّمتها انعدام الوسائل المعيشية التي كانوا يعتمدون عليها بسبب جفاف الأهوار وانحسار المياه، والذي أدى بدوره إلى نفوق الأسماك وصولًا إلى موت المواشي، مما اضطر الأهالي للهجرة إلى المدينة، سواء داخل المحافظة أو خارجها".
يقول جواد كاظم، أحد أبناء المنطقة، لصحيفة (المدى): "أهالي المنطقة متذمّرون جدًا من الوضع المأساوي الذي يعيشونه، ويطالبون بعودة المياه من خلال إطلاقها نحو النهر، على الأقل لدعمهم خلال الموسم الصيفي الحالي، كونهم آخر قرى الناحية".

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 1

  1. المغامر احمد الساعدي

    منذ 5 شهور

    نشكركم على تسليط الضوء على الواقع البيئي المتردي وجفاف الاهوار كارثه كبيرة

ملحق معرض العراق الدولي للكتاب

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

لا حسم في

لا حسم في "الإطار": الملف البرتقالي يخرج بلا مرشحين ولا إشارات للدخان الأبيض

بغداد/ تميم الحسن أصبح "الإطار التنسيقي" يبطئ خطواته في مسار تشكيل الحكومة المقبلة، بانتظار ما يوصف بـ"الضوء الأخضر" من واشنطن، وفق بعض التقديرات. وفي المقابل، بدأت أسماء المرشحين للمنصب الأهم في البلاد تخرج من...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram