TOP

جريدة المدى > خاص بالمدى > بحيرة ساوة تختنق تحت وطأة الجفاف.. خطر داهم يهدد إرثاً طبيعياً نادراً

بحيرة ساوة تختنق تحت وطأة الجفاف.. خطر داهم يهدد إرثاً طبيعياً نادراً

نشر في: 17 يوليو, 2025: 12:01 ص

السماوة / كريم ستار

تواجه بحيرة ساوة في محافظة المثنى جفافاً شبه كامل، ما يهدد وجودها بوصفها أحد المعالم البيئية والتاريخية النادرة في العراق. وعلى الرغم من إدراجها ضمن اتفاقية «رامسر» الدولية لحماية الأراضي الرطبة منذ عام 2014، إلا أن هذه الخطوة لم تنجح في وقف التدهور البيئي الذي تعاني منه البحيرة.
وأكد معاون محافظ المثنى لشؤون الزراعة والموارد المائية، المهندس يوسف سوادي، أن «بحيرة ساوة من المعالم التراثية والحضارية المهمة في المحافظة، لكنها عانت كثيراً خلال السنوات الماضية، وهي الآن على وشك الجفاف الكامل، ولم يتبقَ سوى عين واحدة تغذيها بالمياه». وأوضح أن لجاناً فنية شُكلت لمتابعة الوضع، لكن ضعف الإمكانات يحول دون إعادة البحيرة إلى وضعها الطبيعي.
وأشار سوادي إلى أن التغيرات المناخية، فضلاً عن الحفر العشوائي للآبار، ولا سيما من قبل المشاريع الصناعية القريبة، أثّرت سلباً في منسوب المياه الجوفية التي تعتمد عليها البحيرة.

«رامسر» بلا أثر فعلي
وعلى الرغم من إدراج البحيرة ضمن اتفاقية «رامسر» الدولية، يشير ناشطون إلى غياب أي أثر عملي لهذا التصنيف. ويقول الناشط البيئي علي الشمري، من حملة «أنقذوا ساوة»، إن «ما حصل هو مجرد إدراج شكلي دون متابعة أو تمويل، والبحيرة تدفع اليوم ثمن الإهمال والتعديات البيئية».
وأضاف أن التعديات شملت إقامة منشآت صناعية بالقرب من البحيرة، ما أدى إلى استنزاف المياه الجوفية التي كانت مصدرها الوحيد. وأشار إلى ضعف التنسيق بين الحكومة المركزية والمنظمات الدولية في هذا الملف.

ذاكرة بيئية مهددة بالزوال
تُعد بحيرة ساوة من الظواهر الطبيعية الفريدة، إذ لا تتصل بأي نهر أو مجرى مائي خارجي، بل تعتمد كلياً على المياه الجوفية التي تتدفق عبر شقوق في الأرض. كما تتميز بملوحة عالية وتنوع بيولوجي جعلها في السابق موطناً فريداً ومقصداً سياحياً.
ويستذكر أبو عدي الساعدي، أحد سكان المنطقة، قائلاً: «كنا نأتي إلى ساوة منذ كنا أطفالاً، نسبح فيها ونقضي أوقاتنا على ضفافها. أما الآن، فلا نرى سوى أرض متشققة وطيور هجرت المكان». واعتبر أن ما يجري هو «جفاف لذاكرة الناس» في منطقة لا تمتلك أنهاراً دائمة مثل دجلة والفرات.

جهود محدودة وحلول مؤجلة
وفيما تتصاعد التحذيرات، تبقى الحلول المقترحة محدودة. وبيّن معاون المحافظ أن «هناك جهوداً هندسية قيد الدراسة تشمل حفر بعض الآبار داخل البحيرة لتزويدها بالمياه، إضافة إلى كري العين الوحيدة المتبقية فيها»، لكنه أقر بأن التمويل يمثل العقبة الكبرى، فضلاً عن الحاجة إلى دعم الجهات المركزية والدولية.
وفي ظل غياب الاهتمام الحكومي وتراجع التغطية الإعلامية، أطلق ناشطون حملة إلكترونية بعنوان «ساوة تختنق» للفت الأنظار إلى الأزمة. وقال الناشط حسين شلاش، أحد مؤسسي الحملة، إن «هذه ليست بحيرة عادية، بل سجل طبيعي لحياة آلاف السنين، وإن فقدانها سيكون جريمة بيئية بحق الأجيال القادمة».

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق الدولي للكتاب

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

لا حسم في

لا حسم في "الإطار": الملف البرتقالي يخرج بلا مرشحين ولا إشارات للدخان الأبيض

بغداد/ تميم الحسن أصبح "الإطار التنسيقي" يبطئ خطواته في مسار تشكيل الحكومة المقبلة، بانتظار ما يوصف بـ"الضوء الأخضر" من واشنطن، وفق بعض التقديرات. وفي المقابل، بدأت أسماء المرشحين للمنصب الأهم في البلاد تخرج من...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram