علي إبراهـيم الدليمي
شهدت قاعة نقابة المعلمين في مدينة بعقوبة، افتتاح المعرض الشخصي للفنان صالح رضا، حيث قدم فيه أكثر من ثلاثين لوحة انطباعية تجسد طبيعة مدينة بعقوبة الشهيرة ببساتينها وأراضيها الزراعية الشاسعة.
على الرغم من تعدد المدارس والاتجاهات في الساحة الفنية العالمية، يواصل الفنان صالح رضا التزامه بالأسلوب الانطباعي، مستقياً إبداعاته من روح مدينته بعقوبة. لقد ظل وفياً لهذه المدينة طيلة مسيرته الفنية، حيث نشأ وارتبط بجمال طبيعتها النضرة.
لقد أبصرت عينا الفنان أروع الألوان بين أحضان هذه الطبيعة الخلابة، فنشأ وتغذت بصيرته على ثوابت ألوانها وزهوها. في هذا الجمال، وجد الفنان راحته بعيداً عن مفردات "الحداثة" الغريبة والمتغيرة باستمرار.
عكس الفنان صالح رضا نشأته وتجربته الفنية، مؤكداً أنه يستلهم أعماله من زوايا مختلفة ومتنوعة. يقول الفنان: "من الغرفة المظلمة التي أطللت منها على العالم الخارجي، يمتد بصري عبر النافذة نحو الأفق، مستحضراً الواقع والخيال. أرى التناقضات: الصمت والضجيج، الظلام والنور، القوة والضعف، الجمال والقبح، والماضي والحاضر. أنظر إلى المستقبل بأمل ولهفة وحب.
بهذا التوازن من التناقضات، أرسم لوحاتي التي تعبر عن عشقي لوطني وتجسد واقع حالنا. أهدف من خلالها إلى تجسيد صدق مشاعري وأحاسيسي، ليكون هذا المعرض بمثابة جسر للتواصل والمحبة."
تلقى الفنان صالح رضا توجيهاته الفنية الأولى منذ سن الرابعة على يد شقيقه الأكبر، الفنان المعروف علي رضا. ركزت هذه التوجيهات على أساسيات الرسم الأكاديمي الصحيح، مثل: النسب، التشريح، البعد الثالث، مزج الألوان، والتكوين.
خلال مراحله الدراسية، شارك الفنان بانتظام في المعارض الفنية وحقق فيها المراتب الأولى. التحق بأكاديمية الفنون الجميلة في بغداد عام 1980، حيث تتلمذ على أيدي نخبة من عمالقة التشكيل العراقي، بمن فيهم: فائق حسن، وكاظم حيدر، وفرج عبو، ونعمت محمود، وإسماعيل الشيخلي.
لشدة شغفه بدراسة أستاذه فائق حسن الذي كان يصطحب طلابه في رحلات فنية إلى طبيعة العراق من شماله حتى جنوبه، حاول الفنان إعادة السنة الأخيرة من الكلية لينهل بشغف أكبر من خبرته. عندما تعرض العراق للحصار الدولي، هاجر الفنان صالح رضا مكرهاً، متألماً من مرارة الفراق. يصف هذه التجربة المؤلمة بكلمات مؤثرة: "خرجتُ من واحاتي الخضراء إلى المنافي، حاملاً معي أزهاري وألواني. النار المشتعلة في صدري تشوي بدني، فذبلت أزهاري النضرة وأصبحت عوداً يابساً. أصبحتُ أتفاخر بثروتي الفنية، ولكن لا فائدة من ذلك؛ فما أبعد الفارق بين النبتة الحية والقتاد اليابس، وهل يستوي الربيع والشتاء؟"
ويضيف الفنان: "لا جدوى من خداع النفس أو دفن رؤوسنا في الرمال. تمر الأيام والشهور والأعوام، وفجأة نواجه الكهولة. تتساقط فيها القلوب من الصدور كما تتساقط أوراق الخريف صامتة من الشجر، تاركة كل شيء لأنّين الرياح.
عشق الفنان أيضاً الرسم لعالم الطفولة، فجسد أجمل لوحاته التي تحمل في طياتها أحلام وأمنيات وذكريات ورمزيات جميلة وألعاب من عالم وخيال الأطفال، الذي تلذلذ في إستلهامها وتقديمها.. والتي رسمها بعناية فائقة بالألوان المائية والأقلام الخشبية، لقد أقتنت منظمة الامم المتحدة، بعض من أعماله الخاصة بالطفولة لقيمتها المعنوية وتقنيتها الجمالية العالية كما وطبعت ووزعت على سفارات وقنصليات ومؤسسات المجتمع المدني في القاهرة. فضلاً عن رسمه العديد من الشخصيات الثقافية والفنية، (البورتريت) بشكل فائق التنفيد.










