TOP

جريدة المدى > اخبار وتقارير > 35 لجنة تحقيق في العراق منذ 2022.. ونتيجة واحدة فقط خلال عامين!

35 لجنة تحقيق في العراق منذ 2022.. ونتيجة واحدة فقط خلال عامين!

نشر في: 18 يوليو, 2025: 03:20 م

 

المدى/خاص

منذ تشرين الأول/أكتوبر 2022 حتى تموز/يوليو 2025، شكّلت السلطات العراقية، بمختلف مستوياتها، نحو 35 لجنة تحقيقية لتقصي الحقائق بشأن ملفات الفساد، والتجاوزات الإدارية، والكوارث الإنسانية، والأزمات الخدمية، إلا أن غالبية هذه اللجان لم تصدر عنها نتائج معلنة، باستثناء لجنة واحدة فقط قدّمت خلاصة تحقيقاتها بشكل رسمي.

 

توزّعت هذه اللجان بين السلطة التشريعية والتنفيذية، بالإضافة إلى إدارات المحافظات، وشملت ملفات شائكة في مجالات حيوية كالتربية، والصحة، والطاقة، والبنى التحتية، والنقل، وسوء الإدارة، والتجاوز على المال العام. ورغم مرور أشهر وسنوات على تشكيل عدد كبير من هذه اللجان، فإن النتائج لم تظهر للعلن، فيما ظلت بيانات التشكيل هي المصدر الوحيد المتاح للرأي العام.

 

برلمان بدون مساءلة

في إطار اللجان البرلمانية وحدها، تم تشكيل ست لجان تحقيقية بين 2022 و2025، أبرزها اللجنة الخاصة بمراجعة قرارات حكومة الكاظمي، والتي شكّلها مكتب رئيس مجلس النواب في 26 تشرين الأول/أكتوبر 2022 بهدف تقييم قرارات مجلس الوزراء الصادرة خلال الفترة 2020–2022. كما تم في 14 آب/أغسطس 2024 تشكيل لجنة الأمر الديواني رقم 169 للتحقيق في عقود وزارة التربية ومناقصات تجهيز المدارس، إلى جانب لجنة التحقيق في فصل موظفي الخطوط الجوية العراقية بتاريخ 22 كانون الأول/ديسمبر 2024.

 

ولم تتوقف التحقيقات البرلمانية عند ذلك، إذ شهد كانون الثاني/يناير 2025 تشكيل لجنة من لجنة الصحة والبيئة البرلمانية لفحص قضايا الفساد المالي والإداري في دائرة صحة صلاح الدين. كذلك شُكّلت لجنة استقصاء مقتل المهندس بشير خالد في محافظة كركوك خلال نيسان/أبريل 2025، ثم تبعتها لجنة أخرى في حزيران/يونيو من العام نفسه لمتابعة تقارير الفساد في مشاريع إعادة إعمار البنى التحتية.

 

وزارات تحقيق بلا نتائج

السلطة التنفيذية، عبر وزاراتها المختلفة، شكّلت ما لا يقل عن 14 لجنة تحقيقية خلال الفترة ذاتها. وزارة التربية وحدها شكّلت لجنتين في أيلول/سبتمبر 2023؛ الأولى للتحقيق في استغلال المدارس لأغراض انتخابية، والثانية لضبط تسريبات أسئلة السادس الإعدادي.

 

أما وزارة الداخلية، فشكّلت في تشرين الأول/أكتوبر 2023 لجنة لفحص استخدام العتاد الأمني وصلاحية المركبات والذخائر. وزارة الصحة بدورها شكّلت في كانون الثاني/يناير 2024 لجنة لمراجعة عقود صيانة المستشفيات في بغداد، فيما شكّل جهاز المخابرات الوطني لجنة في تشرين الثاني/نوفمبر 2024 لفحص آليات توزيع الأدوية الحساسة.

 

وفي كانون الأول/ديسمبر 2024، أعلنت وزارة النقل تشكيل لجنة لمتابعة تطوير شبكة السكك الحديدية، بينما تابعت وزارة الكهرباء أزمة المحطات الحرارية بلجنة شُكّلت في شباط/فبراير 2025. أما وزارة النفط ففتحت تحقيقًا حول التزام الشركات الأجنبية في عقود الاستكشاف عبر لجنة شُكّلت في نيسان/أبريل 2025.

 

كما شملت التحقيقات الوزارية ملفات الأمن الغذائي (وزارة الزراعة، أيار/مايو 2025)، وتنظيم احتلال الطرق (وزارة البلديات، حزيران/يونيو 2025)، ومراقبة شحّة المياه (وزارة الموارد المائية، حزيران/يونيو 2025)، وتقييم مشاريع “الإعمار الدوري” (وزارة التخطيط، تموز/يوليو 2025)، ومراجعة عقود الإنتاج الإعلامي (وزارة الثقافة، تموز/يوليو 2025)، ودراسة أسباب تأخر المحاكمات المدنية (وزارة العدل، تموز/يوليو 2025).

 

لجان محلية ومصير مجهول

الإدارات المحلية بدورها دخلت على خط تشكيل اللجان التحقيقية، حيث شكّلت 11 لجنة ضمن مجالس المحافظات. بدأت هذه الجهود في كانون الأول/ديسمبر 2022 عندما شكّل مجلس نينوى لجنة لفحص عقود إعادة إعمار الرمادي، وتبعتها لجنة لمتابعة تخصيص الأراضي في محافظة بابل (آذار/مارس 2024)، ولجنة في البصرة لمواجهة أزمة تلوث المياه (تشرين الثاني/نوفمبر 2023).

 

وشكّلت محافظة ديالى لجنة لفحص تنفيذ مشاريع الطرق في شباط/فبراير 2024، فيما خصّصت كربلاء لجنة لمراجعة عقود تأهيل العتبات الدينية في نيسان/أبريل 2024. أما مجلس أربيل المحلي فركّز على ضبط إجراءات المناقصات، عبر لجنة تفتيش شُكّلت في حزيران/يونيو 2024.

 

في الأنبار، تم الإعلان عن لجنة تحقيق في تجاوزات النقاط الحدودية خلال تموز/يوليو 2024، تبعتها لجنة لمراجعة تراخيص المباني المخالفة في النجف مطلع 2025، ثم لجنة في صلاح الدين لفحص ملفات الرواتب التقاعدية في آذار/مارس 2025، ولجنة لصيانة المستشفيات في ذي قار في نيسان/أبريل 2025، بالإضافة إلى لجنة ثانية في البصرة معنية بضبط مخالفات التوسع العمراني في حزيران/يونيو 2025.

 

لجان عليا بلا صلاحيات تنفيذية

على مستوى اللجان العليا، تم تسجيل أربع لجان مشتركة شكّلتها رئاسة الوزراء أو بالتعاون مع وزارات متعددة، ومنها اللجنة الوطنية العليا للتحقيق في الاعتداءات الحدودية والتي يعود تشكيلها إلى نيسان/أبريل 2022. تلتها لجنة تنسيق جهود إعادة الاستقرار لما بعد داعش في كانون الأول/ديسمبر 2023، ثم لجنة أزمة الطاقة المشتركة بين وزارتي النفط والكهرباء في أيار/مايو 2025، وأخيرًا اللجنة العليا لإعادة إعمار المناطق المتضررة من الفيضانات التي شُكّلت في حزيران/يونيو 2024.

 

نتيجة وحيدة  في مطار بغداد

من بين هذه اللجان جميعًا، لم تُعلَن أي نتائج رسمية سوى ما صدر عن وزارة النقل في 1 أيلول/سبتمبر 2024، بشأن تأخر رحلات مطار بغداد الدولي، حيث كشفت الوزارة عن سحب يد ستة مديرين في الشركة العامة للخطوط الجوية العراقية، بينهم رئيس الشركة بالوكالة، استنادًا إلى توصيات لجنة تحقيق شكّلها الوزير آنذاك. هذا المثال بقي الوحيد في سجل اللجان التي انتهت إلى نتيجة معلنة خلال عامين كاملين.

 

 

ثقافة الإفلات من العقاب

يرى الخبير القانوني وليد الشبيبي أن فاجعة حريق "الهايبر ماركت" في واسط، التي راح ضحيتها العشرات، تُمثِّل نموذجًا لجريمة إهمال جسيم لا يمكن اختزالها بحادث عرضي.

ويؤكّد الشبيبي أن المسؤولية لا تقتصر على المستثمر فقط، بل تطال الجهات التي منحت الموافقات الرسمية رغم غياب معايير السلامة. ويدعو إلى تحرّك قضائي فوري، مشدّدًا على أن "اللجان التحقيقية الإدارية ليست بديلًا عن المدعي العام".

ويضيف خلال حديثه لـ(المدى)، أن غياب أدوات الإخلاء ومخارج الطوارئ، ووجود خروقات فنية وقانونية في الترخيص، يشير إلى فساد إداري ممنهج، يتوجّب معه محاسبة كل من شارك أو تواطأ. كما تساءل: "كم من فاجعة نحتاج بعد؟ من تفجير الكرادة إلى حرائق المستشفيات، وصولًا إلى واسط… أين المحاسبة؟ وأين القضاء؟"

 

لجان بلا نتائج: غطاء سياسي أم تهرّب مؤسساتي؟

تشير بيانات الرصد الصحفي والرسمي إلى أن أغلب هذه اللجان تشكّلت بناءً على ضغوط إعلامية أو شعبية، لكنها تفتقر إلى المتابعة الجدية، وتتحوّل في كثير من الأحيان إلى أدوات سياسية لخدمة أجندات حزبية، لا إلى أذرع حقيقية للمساءلة. كما أن بعض أعضاء هذه اللجان أو الشهود يتعرّضون لضغوط وتهديدات، مما يُكرّس ثقافة الصمت ويُجهِض أي محاولة للوصول إلى نتائج موضوعية.

القانون العراقي يمنح اللجان صلاحيات استدعاء الشهود والاطلاع على الوثائق، لكن لا توجد آليات تنفيذية تضمن إلزام الجهات بالتوصيات، ولا سجل مركزي موحّد يحصي أعمالها، مما يجعل نتائجها، إن وُجدت، حبيسة الأدراج. ومن دون حوافز قانونية ومحاسبة فعلية لمن يتقاعس في تنفيذ التوصيات، تبقى هذه اللجان، في نظر المواطنين، مجرد "واجهة شكلية" تُستخدم للتهدئة المؤقتة، لا للمحاسبة الحقيقية.

 

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق الدولي للكتاب

الأكثر قراءة

وزير التربية يمنح المديرين صلاحية النقل للملاكات التعليمية

روبيو: اغتيال سليماني لم يكن انعزاليًا ولا مغامِرًا

الأمن الوطني ينفي فتح التعيينات ويحذّر من الجهات الوهمية

اختراق أمني يستهدف بيانات مستخدمي ChatGPT

أبرز دور النشر المشاركة في معرض العراق الدولي للكتاب

مقالات ذات صلة

الموافقة على إنشاء 3 مستشفيات نفسية جديدة في بغداد وكربلاء وصلاح الدين

الموافقة على إنشاء 3 مستشفيات نفسية جديدة في بغداد وكربلاء وصلاح الدين

بغداد/المدى وافق رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني، اليوم الجمعة، على انشاء 3 مستشفيات للأمراض النفسية في محافظات صلاح الدين وكربلاء وبغداد. وقال المكتب الإعلامي لرئيس الوزراء في بيان تلقته(المدى)، إنه "تأكيداً على أولوية...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram