ترجمة عدنان علي
لعقود، قدّمت باكستان نفسها للمجتمع الدولي كدولة رائدة في الحرب على الإرهاب والجريمة العابرة للحدود، وقد تطورت البلاد بثبات لتصبح مركزًا رئيسيًا لشبكات تهريب المخدرات الممتدة عبر القارات.
تحمّلت جنوب آسيا، وخاصة سريلانكا، وطأة هذه التجارة غير المشروعة، التي لا يحركها الربح فحسب، بل تعمل تحت حماية المؤسسة العسكرية الباكستانية الخفية، وقد حوّلت هذه العصابات - التي يدعم العديد منها عناصر من الجيش الباكستاني وأجهزة الاستخبارات أو تعمل بالتواطؤ معهم - باكستان إلى قاعدة لوجستية لإحدى أكثر سلاسل توريد المخدرات تطورًا في العالم.
تعود جذور صناعة المخدرات في باكستان إلى الحرب الأفغانية في ثمانينيات القرن الماضي، عندما ازدهرت زراعة الأفيون في المناطق الحدودية بين باكستان وأفغانستان، مع الطرق التي شُيّدت خلال الحرب وسهّلتها الحدود غير المحكمة، انتشرت مختبرات الهيروين في المناطق القبلية، بينما كانت شحنات المخدرات تُمرّر عبر كراتشي وجوادر ونقاط بحرية رئيسية أخرى، وتوسّعت هذه الطرق بمرور الوقت لتشمل ما يُعرف اليوم بـ"طريق الحشيش"، وهو ممر بحري مترامي الأطراف ينقل كميات هائلة من الهيروين والحشيش، وبشكل متزايد مادة الميثامفيتامين، من شواطئ باكستان إلى أسواق أفريقيا وأوروبا وجنوب شرق آسيا.
لاحظ مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة (UNODC) ومختلف وكالات إنفاذ القانون زيادةً في ضبطيات الهيروين المرتبطة بشبكات متمركزة في باكستان، وواجهت سريلانكا - على وجه الخصوص- ارتفاعًا مقلقًا في الأنشطة المتعلقة بالمخدرات، يستخدم المهربون بشكل روتيني سفن الصيد وسفن الشحن، وحتى سعاة البريد، لنقل المخدرات من باكستان إلى الجزيرة، وترتبط هذه العمليات في كثير من الحالات، ارتباطًا مباشرًا بعالم الجريمة الباكستاني، الذي تُخفى أنشطته بتواطؤ الدولة، ثم تُستهلك المخدرات إما محليًا، مما يُفاقم أزمة إدمان متصاعدة، أو تُرسل إلى دول أخرى باستخدام البنية التحتية اللوجستية لسريلانكا.
وما يزيد هذا الوضع خطورةً هو التورط النشط، أو على الأقل الإهمال المتعمد، من جانب المؤسسة العسكرية والاستخباراتية الباكستانية. تشير العديد من التقارير الاستقصائية والتقييمات الاستخباراتية الصادرة عن وكالات إقليمية وغربية، إلى أن شبكات الاتجار بالمخدرات في باكستان يُسمح لها بالعمل بحرية مقابل عمولات مالية أو منافع استراتيجية. وغالبًا ما تُحوّل عائدات المخدرات لتمويل الجماعات المتمردة والإرهابية التي تخدم المصالح الجيوسياسية لباكستان. إن الصلة بين المخدرات والإرهاب، والتي تُسمى أحيانًا "إرهاب المخدرات"، ليست مجرد نظرية.
وقد وُجد أن جماعات مثل جماعة لشكر طيبة وغيرها من الجماعات المعروفة بصلاتها بالدولة العميقة الباكستانية تستفيد من عائدات مبيعات الهيروين والميثامفيتامين. وهذا يوفر لها صندوقًا ماليًا مكتفٍ ذاتيًا، متجاوزةً قنوات الدعم الأجنبي التقليدية، ومُتيحةً قناة تمويل أكثر سرية. بينما لا يزال الهيروين المنتج الرئيسي لشبكة المخدرات الباكستانية، شهد العقد الماضي ارتفاعًا سريعًا في استخدام الميثامفيتامين، المعروف محليًا باسم "الآيس" أو "الكريستال ميث". يُنتج هذا المخدر في مختبرات مؤقتة في بلوشستان وخيبر بختونخوا، وهو ليس قويًا ومسببًا للإدمان فحسب، بل أسهل في التصنيع والنقل مقارنةً بالهيروين. يُهرَّب الميثامفيتامين الآن عبر نفس الطرق البحرية التي كانت تُهيمن عليها المواد الأفيونية سابقًا. تنطلق سفن الصيد المحملة بشحنات مخفية بانتظام من الساحل الجنوبي لباكستان، وتمتزج بحركة المرور البحرية المشروعة قبل أن ترسو في سريلانكا أو جزر المالديف أو شرق إفريقيا.
العديد من هذه الشبكات واسعة النطاق ولا مركزية لدرجة أن عناصرها نادرًا ما يتعاملون مع المنتج نفسه. باستخدام الاتصالات المشفرة والحسابات الخارجية ومعاملات العملات المشفرة، ارتقى رواد تجارة المخدرات الباكستانيون بتهريب المخدرات إلى صناعة معقدة ومهنية. تهديد كبير: يُمثل تحول باكستان إلى مركز عالمي لتهريب المخدرات، مدعومًا بالمخابرات العسكرية ومتغلغلًا في شبكة الجريمة العابرة للحدود الوطنية، تهديدًا خطيرًا ليس فقط لجنوب آسيا، بل للأمن والاستقرار العالميين. ومع تنامي إقبال العالم على الهيروين والميثامفيتامين، تزدهر إمبراطورية المخدرات الباكستانية غير المشروعة في الخفاء، مُسمِّمةً المجتمعات ومُزعزعةً استقرار الاقتصادات من كولومبو إلى كولونيا.