TOP

جريدة المدى > منوعات وأخيرة > تراث السماوة ينهار بصمت: الشناشيل بين الإهمال والزوال

تراث السماوة ينهار بصمت: الشناشيل بين الإهمال والزوال

نشر في: 21 يوليو, 2025: 12:11 ص

 المثنى / كريم ستار

تتداعى المعالم التراثية في قلب مدينة السماوة تحت وطأة الإهمال الشعبي والغياب الحكومي، فالشناشيل الخشبية المعلقة، والبيوت الطينية المتآكلة، باتت اليوم شاهدة على ماضٍ يختفي تدريجيًا، رغم أنها ليست مجرد أبنية قديمة، بل تمثل جزءًا أصيلًا من النسيج الاجتماعي والتاريخي للمدينة.

البيوت التراثية المنتشرة في أحياء مثل السوق الكبير وشارع القشلة وحي النهر، تعود في معظمها إلى أوائل القرن العشرين، وتتميز بطراز معماري بغدادي وشناشيل خشبية تمنحها إطلالة مميزة وخصوصية فريدة.
يقول المؤرخ المحلي محمد عبد الجليل إن السماوة كانت تُعرف في عشرينيات القرن الماضي بـ «المدينة الخشبية» لكثرة الشناشيل التي كانت تغطي منازل التجار والعوائل البارزة آنذاك، أما اليوم، فقد تُركت هذه البيوت للإندثار بفعل الإهمال وغياب الشعور العام بقيمتها التاريخية.

مشاريع تجارية تدمر التراث
في جولة لمراسل «المدى»، رُصد العديد من الشناشيل التي سقط بعضها بالفعل، بينما سُند البعض الآخر بأعمدة حديدية مؤقتة، في حين تناثرت بقاياها وسط الأزقة. بعض هذه البيوت كانت تُبنى من خشب الصاج، وتُزخرف بالنقوش، ما كان يُعد مصدر فخر لأهلها، كما يؤكد أبو قاسم، أحد سكان شارع النهر.
رغم تسجيل أكثر من 120 بيتًا أثريًا في مدينة السماوة، فإن عددًا كبيرًا منها أُزيل بسبب مشاريع توسعة الطرق أو بناء مجمعات تجارية، دون أي تنسيق مع دائرة الآثار، وفق ما يؤكده عمار الستار، الموظف السابق في الدائرة. ويضيف: «أغلب هذه البيوت مهجورة، وأصحابها لا يملكون القدرة المالية للترميم، والدولة لا تتدخل».

مبادرات متعثـرة
شهدت السنوات الماضية محاولات لتحويل بعض هذه البيوت إلى مراكز ثقافية أو مقاهٍ فنية، كما حدث في بغداد والبصرة، إلا أن معظم المبادرات توقفت في مراحلها الأولى بسبب غياب التمويل وتعقيد الإجراءات القانونية.
المهندس المعماري زيد علوان يرى أن بإمكان المدينة تحويل بعض هذه البيوت إلى متاحف للتراث السماوي أو مراكز فنية، لكنه يستدرك: «لا توجد خطة ولا إرادة حقيقية، الناس تهجر هذه المناطق بدلًا من زيارتها».
رغم التصدعات وهشاشة المباني، لا يزال بعض كبار السن يرفضون مغادرة هذه البيوت، ويعيشون فيها وسط ظروف متدهورة. تقول أم نجم، وهي تسكن بيتًا تراثيًا في حي القشلة: «كل شيء أعرفه مرتبط بهذا البيت، كلما أشاهد الجدار ينهار، أشعر أن عمري ينهار معه» تُعد السماوة واحدة من أبرز المدن الجنوبية التي لعبت دورًا ثقافيًا وتاريخيًا طويلًا، وبيوتها القديمة ليست مجرد أنقاض، بل تمثل الهوية المادية والإنسانية للمدينة.
غير أن استمرار الإهمال قد يحوّل هذه الشواهد المعمارية إلى صور قديمة معلقة على الجدران، بينما تنهار جدرانها الأصلية بصمت.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق الدولي للكتاب

الأكثر قراءة

مرآة الصمت والانعكاس في معرض كاظم إبراهيم

"غزال" العراقي يحصد الجائزة الثانية في مسابقة الكاريكاتير الدولية بالجزائر

الموت يغيب الفنان قاسم إسماعيل بعد صراع مع المرض

شذى سالم: المسرح العراقي اثبت جدارة في ايام قرطاج

نبوءة بابا فانغا المرتقبة لعام 2025 تثير الجدل قبل قرعة كأس العالم

مقالات ذات صلة

"غزال" العراقي يحصد الجائزة الثانية في مسابقة الكاريكاتير الدولية بالجزائر

 بغداد / علي الدليمي أعلنت نتائج المسابقة الدولية الثانية للكاريكاتير في الجزائر عن إنجاز فني عربي جديد، حيث فاز الفنان العراقي القدير "غزال محمد" بالجائزة الثانية المرموقة. وقد جاء فوز غزال عن عمله...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram