البصرة / عمار عبد الخالق
يشهد نهر العشار وسط مدينة البصرة موجة جديدة من نفوق الأسماك، في مشهد متكرر يعكس تدهوراً بيئياً مستمراً في المحافظة الجنوبية، نتيجة التلوث وارتفاع نسب الملوحة، وسط اتهامات شعبية للسلطات المعنية بالاكتفاء بالتوثيق دون اتخاذ إجراءات ردعية فعالة.
ملوحة قاتلة ونقص الأوكسجين
أكد مدير قسم الأسماك في مديرية زراعة البصرة، عباس دخيل شولان، في تصريح لـ«المدى»، أن ظاهرة النفوق الأخيرة تعود إلى ارتفاع مستويات الملوحة، وضعف الأوكسجين الذائب في المياه نتيجة الحرارة المرتفعة وركود المياه وتراكم الملوثات العضوية.
وأشار شولان إلى أن الأسماك النافقة كانت من نوع البلطي المحلي، الذي يعيش عادة في المياه الراكدة والملوثة. وبيّن أن مصادر التلوث تشمل مياه المجاري والمخلفات التي تُلقى مباشرة في النهر، بالإضافة إلى الفضلات الناتجة عن بعض المطاعم التي تذبح الأسماك في النهر ذاته.
وأضاف أن فريق الرصد التابع للمديرية سجل، بتاريخ 20 تموز الجاري، ارتفاع نسبة الملوحة في موقع النفوق إلى 13 غراماً في اللتر، وهي نسبة عالية تؤدي إلى نفوق الأحياء المائية، فيما بلغت نسبة الأوكسجين الذائب 4 ملغرامات في اللتر، وهي مرشحة للانخفاض أكثر في فترات الظهيرة.
وأوضح أن غياب التيارات الباردة وضعف حركة المياه ساهم في تفاقم الوضع، نافياً في الوقت ذاته صلاحية هذه الأسماك للاستهلاك البشري، حتى في الظروف الطبيعية، بسبب طبيعتها غير المرغوبة.
انقطاع المياه العذبة
من جهتها، أوضحت مريم سهر، مسؤولة موقع النواظم في مديرية الموارد المائية، أن نهر العشار يتعرض منذ أسابيع إلى موجة ملوحة شديدة بسبب توقف ضخ المياه العذبة، نتيجة أعمال صيانة في المضخات التي تُستخدم لتعويض ضعف المد الطبيعي من شط العرب.
وأشارت سهر إلى أن النهر يعتمد على مياه شط العرب، والتي تتأثر بضعف واردات نهر الكارون، ما يؤدي إلى ارتفاع المد الملحي نحو مركز المدينة. وبيّنت أن نسبة الأملاح وصلت في بعض المناطق إلى 21 ألف وحدة تركيز، وهي نسبة قاتلة للأسماك، قبل أن تنخفض إلى نحو 15 ألف وحدة مؤخراً بسبب الجزر الحاد وزيادة الإطلاقات المائية من خلف ناظم قلعة صالح. وفي ما يخص حادثة النفوق الأخيرة، أوضحت أن الحادثة وقعت في المنطقة المحصورة بين الناظم ومنطقة العمل، نتيجة غلق البوابة، ما أدى إلى تراكم الأملاح وتفاقم تأثير المجاري الممتدة على طول النهر. ولفتت إلى أن مديرية الموارد وجهت مخاطبات رسمية إلى دائرتي البيئة والمجاري لرفع التجاوزات وتنظيف النهر من الملوثات، محذّرة من تحوله إلى «مستنقع ميت» في حال استمرار الإهمال.
يعكس تدهور نهر العشار، أحد أهم المجاري المائية في البصرة، الواقع البيئي المتردي الذي تعيشه المحافظة، في ظل تداخل أسباب الملوحة والتلوث، وغياب المعالجات الجذرية الكفيلة بتحويله من مصدر تهديد إلى مورد بيئي مستدام.
نفوق جماعي للأسماك في نهر العشار بسبب الملوحة والتلوث

نشر في: 22 يوليو, 2025: 12:45 ص









