TOP

جريدة المدى > عربي و دولي > كيف زعزع أسبوع من إراقة الدماء السلام الهش في سوريا؟

كيف زعزع أسبوع من إراقة الدماء السلام الهش في سوريا؟

نشر في: 23 يوليو, 2025: 12:01 ص

 متابعة / المدى

 

بعد أشهرٍ قليلة فقط من بدايات خجولة لإعادة ولادة سوريا جديدة، عاد صراعٌ طائفي دموي ليشتعل من جديد في المناطق الحدودية الجنوبية المتقلبة. وبات خطر الحرب يهدد بإسقاط البلاد في هوّة جديدة من الصراع، قد يمتدّ عبر منطقة هي غير مستقرة أصلًا.

 

فقد اندلع القتال في مدينة السويداء، جنوبًا، ذات الغالبية الدرزية. وتُظهر مقاطع فيديو نُشرت من داخل المدينة عمليات إعدامٍ ميدانية مروعة وأعمال عنفٍ دامية.
أما إسرائيل المجاورة، والتي تواجه ضغوطًا من مواطنيها الدروز، فقد اتخذت موقفًا عنيفًا، إذ أمطرت بالصواريخ قوات النظام في السويداء ودمشق.
سامر، صحفي درزي ظل لسنوات يعمل سرًّا في تغطية الأحداث من السويداء خلال الحرب الأهلية السورية، تحدث لصحيفة الإندبندنت البريطانية من داخل مستشفى شبه عامل، حيث تم نقل مئات الجرحى والقتلى، قائلًا: “الكثير من القتلى أُعدموا برصاص في الرأس. 80% من السكان الآن لاجئون في القرى المحيطة. إنها كارثة.”
ووصف كيف أن سلسلة من عمليات الخطف المتبادلة قادت إلى معارك دموية بين مقاتلين دروز وفصائل عربية بدوية محلية. وعندما أرسلت دمشق قواتها لضبط الأمن، انجرت إلى القتال واتُّهمت بارتكاب انتهاكات واسعة ضد الدروز.
وأفاد سكان محليون بأن جنودًا يُعتقد أنهم من القوات الحكومية أطلقوا النار من مسافة قريبة على مدنيين دروز داخل منازلهم أو في الشوارع، وتُظهر مقاطع فيديو عبر الإنترنت رجالًا بالزي العسكري يطلقون النار على رجال جاثمين على ركبهم.
ووفقًا للشبكة السورية لحقوق الإنسان، قُتل أكثر من 32 شخصًا نتيجة الإعدامات الميدانية وأشكال أخرى من العنف، بالإضافة إلى الغارات الإسرائيلية، فيما قدّر “المرصد السوري لحقوق الإنسان” أن إجمالي عدد القتلى بلغ 940 شخصًا على الأقل.
وتقول الأمم المتحدة إن ما لا يقل عن 87,000 شخص قد نزحوا داخل محافظة السويداء أو باتجاه محافظة درعا المجاورة. ولم تتمكن المنطقة من تلقي المساعدات الإنسانية والطبية اللازمة بسبب استمرار الاشتباكات.
بعد الاحتفالات العارمة التي أعقبت سقوط بشار الأسد في كانون الأول الماضي، بدأت تظهر وتتعمق الشقوق في المجتمع السوري المتنوع الطوائف.
ويؤكد تصاعد العنف التحديات التي يواجهها الرئيس المؤقت أحمد الشرع. إلا أن الشرع واجه صعوبات في فرض السيطرة على الجنوب ومناطق قرب الحدود مع إسرائيل.
ورغم تحسّن علاقته بسرعة مع القوى العالمية، بما فيها إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، فإن العنف أظهر بوضوح التوترات الطائفية المستمرة، وانعدام الثقة بين الأقليات تجاه حكومته ذات القيادة الإسلامية. وتعمقت هذه الفجوة بعد المجازر التي وقعت بحق العلويين في آذار الماضي.
وقد اندلعت اشتباكات دامية في الجنوب، مع اتهام الدروز للقبائل البدوية بالخطف والإعدامات. ويحذّر خبراء من أن الحكومة السورية لم تتخذ خطوات كافية لمنع ذلك.
أرميناك توكماجيان، باحث في مركز كارنيغي للشرق الأوسط، يقول: “بدلًا من اتباع نهج شامل ومصالحي لإعادة دمج السويداء في الدولة السورية، تستمر السلطات في اتخاذ القرارات الخاطئة.” مشيرًا إلى أن السلطات أجرت جولات حوار مع زعماء دروز، لكنها كانت تركز في الغالب على تجريدهم من السلاح.
وأضاف الباحث توكماجيان بقوله: “رغم الانقسامات داخل المجتمع الدرزي، إلا أن معظمهم لم يكونوا مستعدين لتسليم أسلحتهم دون وضوح حول مستقبل الدولة. ثم جاء التصعيد الأخير، الذي أعتقد أنه كان بالإمكان تجنبه لو مارست السلطات ضبط النفس ولم تلجأ مباشرة إلى العنف.”
هذا النهج انعكس سلبًا على النظام. فقد بات الزعماء الدروز الأكثر تشددًا في موقفهم ضد الحكومة، مثل الشيخ البارز حكمت الهجري، يتمتعون الآن بدعمٍ متزايد.
وعلى بُعد ميلٍ واحد فقط من الحدود قرب بلدة الحميدية، تحدث موسى، أحد القادة المحليين غير الدروز، للإندبندنت، قائلًا: “اللغة الوحيدة التي تفهمها إسرائيل هي القوة. لكننا نريد اتفاق سلام بين إسرائيل والحكومة السورية الجديدة، وفق شروط.”
وفي السويداء قال الإعلامي الدرزي سامر إن مزاعم إسرائيل بأنها أتت “لإنقاذ” الدروز قد أجّجت التوترات الطائفية القديمة التي اشتعلت مرارًا خلال الحرب الأهلية التي دامت 13 عامًا.
وأضاف قائلًا: “بعد شهور فقط من التحرير، خلطت إسرائيل الأوراق في الجنوب. وتخشى إسرائيل من تزايد نفوذ الفصائل الإسلامية السنية على حدودها الشمالية، بينما تواجه في الوقت ذاته ضغوطًا من الأقلية الدرزية داخل أراضيها، والتي تبدي قلقًا متزايدًا بشأن أقاربهم عبر الحدود.”
وقد أعلنت الولايات المتحدة أنها لا تدعم الضربات الإسرائيلية. وأكد مسؤول إسرائيلي يوم الجمعة أن إسرائيل وافقت على السماح بدخولٍ محدود للقوات السورية إلى منطقة السويداء لمدة يومين. لكن كثيرين يخشون من أن هذا مجرد إجراء مؤقت، وأن إسرائيل تحاول استغلال الفوضى لإبقاء سوريا ضعيفة.
وقال سامر بيأس: “يوجد وقف لإطلاق النار، لكن قبل خمس دقائق فقط هاجمت القوات الحكومية إحدى المناطق بطائرات مسيّرة. الناس هنا لا يريدون الانفصال عن سوريا، ولا يريدون أن يخافوا من طوائف أو فصائل أخرى. نحن نريد أن نعيش كمواطنين بلا خوف، هذا كل شيء".
* عن الإندبندنت

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق عراقيون

مقالات ذات صلة

ترامب: لدينا فرصة لإنهاء الحرب في أوكرانيا على المدى القريب

ترامب: لدينا فرصة لإنهاء الحرب في أوكرانيا على المدى القريب

متابعة/ المدى أكد الرئيس الأميركي دونالد ترمب، اليوم الخميس، أنه اقترب من إنهاء الحرب بين روسيا وأوكرانيا، داعياً الأوكرانيين إلى التحرك بسرعة لأن روسيا تغير رأيها بسرعة، حسب تعبيره. وقال ترمب، في تصريحات صحفية:...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram